- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الأمة الإسلامية لا ولن تيأس أبدا
الخبر:
مخيمات النازحين بغزة... يأس يتعمق بدون ماء ولا طعام ولا دواء (عربي21، 2024/05/16م)
التعليق:
اعتاد الإعلام، تحقيقا لأهداف استعمارية، أن ينتقي المصطلحات التي تثبط العزائم والهمم، فاستخدم عبارة "يأس يتعمق بدون ماء ولا طعام ولا دواء"! صحيح أن واقع أهل غزة أنهم حُرموا هذه الحاجات الأساسية للفرد من مأكل وملبس ومسكن ومن الحاجات الأساسية للمجتمع (التعليم والتطبيب والحماية) وتعرضوا لإبادة جماعية على يد كيان يهود وبأسلحة أمريكا ودول الغرب الشيطانية فدمرت كل ما هو موجود فيها من بشر وحجر وشجر لكنه لم يستطع أن يدمر معنويات أهلها، بل على العكس لقد دمر معنويات شعبه خاصة أهالي المحتجزين عند المقاومة، ما دفعهم إلى الخروج إلى الشوارع والصراخ في وجه قادة يهود وحكومتهم مطالبين بإرجاع من تبقى منهم على قيد الحياة.
لم ينزل اليأس في قلوب أهل غزة، بل إن ما نراه من عزائم جبارة قل نظيرها جعلت الغرب يعجب منهم ومن صبرهم وصار الناس يبحثون في ثقافة هؤلاء المسلمين فلجأوا إلى البحث في القرآن الكريم لعلهم يجدون ما يبحثوا عنه ويجيبهم عن تساؤلاتهم، وأدى ذلك إلى عكس ما أراد الأعداء فقد دخل الكثير منهم في الإسلام.
استطاعت غزة تلك البقعة الصغيرة المحدودة التي شُدِّد الحصار عليها كالسوار حول المعصم وخاصة من حكام بلاد المسلمين في دول الطوق العميلة - استطاعت بصمودها أن يخرج منها شعاع نور ينير دروب من كانوا تائهين في ظلام الكفر، فكم هي عظيمة برجالها وأهلها وما قدموه من تضحيات برضا وصبر وثبات، رغم الجراح والجوع ورغم فَقْد كل مقومات الحياة، فإيمانهم القوي العميق بأن القضاء والقدر والحياة والموت كلها بيد الله وأن ما أصابهم ويصيبهم لم يكن ليُخطئهم، فكيف ييأس من يبحث عن مقعد له في جنان النعيم التي سيحصل فيها على كل ما يشتهي دون كد ولا تعب؟!
الحقيقة التي لا يستطيع أحد أن يكذبها هي أن أمة الإسلام تختلف عن باقي الأمم بأنها أمة خالدة حية، فهي أمة تضعف في بعض الأحيان ولكنها لا تموت أبدا، هي الأمة الوحيدة في تاريخ الإنسانية التي تعرضت لغزوات متلاحقة من جميع الإمبراطوريات، فانهارت جميعها أمام قوة الإسلام وبقيت الأمة الإسلامية قائمة عزيزة فكانت خير الأمم. إلى أن أسقطت دولة الإسلام بخيانة من خانوا الأمة الإسلامية قبل ما يزيد عن القرن وأوصلوها إلى أن تصبح في ذيل الأمم، حاصروها بحدود رسمها سايكس وبيكو بجرة قلم في بضع دقائق فصارت الدولة الإسلامية بلادا سموها أوطانا، وجعلوها نسبا لساكنيها كل يفتخر بوطنه ويدافع عنه ويقدم روحه فداء للوطن، ونسوا ما كانت عليه الدولة الإسلامية من قوة مادية ومعنوية وروحية.
لكن ها هي غزة اليوم حيث استطاع المقاومون الأبطال بما امتلكوا من قدرات ووسائل ومعدات قتال بسيطة ومن صنع محلي، أن يدمروا مشروع الغرب الاستعماري ويعيدوا للأمة الإسلامية بعض عزتها، وصار المسلمون ترنو أبصارهم إلى اليوم الذي يتحقق فيه وعد الله سبحانه وبشرى رسول الله ﷺ، بالعودة إلى العيش في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله