- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الجيل الضّعيف ودروس غزّة
(مترجم)
الخبر:
ما يقرب من 10 ملايين من "الجيل زد" في إندونيسيا عاطلون عن العمل أو معروفون باسم NEET (ليس في التوظيف والتعليم والتدريب). وتستند هذه الحقيقة إلى بيانات مكتب الإحصاء المركزي الإندونيسي (2021-2022)، حيث كان هناك 9,896,019 شخصاً في آب/أغسطس 2023، وهو ما يقرب من 21٪ من إجمالي السكان الذين يتراوح جيلهم بين 1997 و2012. إندونيسيا ليست وحدها، ففي أنحاء مختلفة من العالم يظهر أيضاً أن ظاهرة NEET في الشباب هي اتجاه متزايد. وإذا نظرنا إلى البيانات حسب المنطقة، فإن عدد الشباب NEET في جميع أنحاء العالم من جيل 2005 إلى 2023، فإن الأعلى هو البلاد العربية 33.28٪، تليها أفريقيا 26.11٪، ثم آسيا والمحيط الهادئ 21.68% (قسم ستاتيسا للبحث)
التعليق:
هذا ثمن باهظ يجب أن يدفعه جيل الشباب المسلم بسبب التنمية غير المستدامة الناجمة عن تطبيق الاقتصاد الرأسمالي الليبرالي. لقد خلقت هذه الأيديولوجية جيلاً ضعيفاً - على وجه التحديد في خضم التقدم التكنولوجي والمادي. يُعد هذا التوصيف لـ NEET متناقضاً حقاً وسط الطبيعة الاستهلاكية والهروبية المتأصّلة أيضاً في "الجيل زد" العاطلين عن العمل ولكنهم أيضاً استهلاكيون جدا ويعيشون في فقاعة من الخيال. إنه جيل يدمن الألعاب، ويُسرف في المشاهدة، ويطلب المال من الوالدين، ويأكل، وينام، ويستلقي كالجثث الحية التي ليس لها هدف في الحياة!
تمّ استهداف الملايين من اليافعين والشباب في إندونيسيا ليصبحوا مستهلكين لصناعة الترفيه وأسلوب الحياة من مختلف منصات التكنولوجيا العالمية. لقد تمّ إجراء الكثير من الأبحاث لمراقبة سلوك هذا الجيل. فعلى سبيل المثال، كشف استهلاكهم للألعاب في ست دول من رابطة دول جنوب شرق آسيا عن وجود 288.5 مليون لاعب من "الجيل زد" في عام 2023، ويقدّر أنه سيكون هناك 344 مليوناً في عام 2027. مثال آخر يتعلق بسلوك "الجيل زد" في مكان العمل هو النتائج التي توصلت إليها Randstad Work monitor في عام 2022 والتي كشفت أنّ ما يصل إلى 41 بالمائة من المشاركين من "الجيل زد" المنتشرين في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ وأمريكا يفضّلون أن يكونوا عاطلين عن العمل بدل أن يكونوا محاصرين في وظيفة لا تناسبهم وتجعلهم تُعساء. إنهم لا يريدون التضحية بسعادتهم وصحتهم العقلية من أجل العمل.
وبصرف النظر عن الملاحظات العديدة حول شخصية "الجيل زد"، لا يمكننا أن ننكر أن هناك تراجعاً في نوعية الحياة التي يواجهونها، سواء من حيث الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية العالمية. إنهم يعيشون في نظام عالمي لا يزال يعاني من أزمات متعددة. وهذا بالضّبط ما يحذر منه القرآن بخصوص معيشة الضنك، أي الحياة الكئيبة، البائسة، فقد ضاقت صدورهم بسبب ضلالهم. ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِيْ فَاِنَّ لَهٗ مَعِيْشَةً ضَنْكاً﴾.
وهذا الوضع هو سبب قوي وراء اكتساب ما يحدث في غزة اليوم مكانة في قلوب الشباب، سواء في بلاد المسلمين أو في الغرب الغارق في العلمانية. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال مشاركتهم في الحركة العالمية المؤيدة للفلسطينيين في مختلف البلدان. لقد أصبح عامل المرونة وروح الحياة لدى سكان غزة عامل جذب غير عادي لجيل كامل من الشباب في العالم الذين يعيشون اليوم في مرض عقلي وضيق وفراغ بسبب الرأسمالية التقنية العلمانية.
وبشكل فريد، تُعد التكنولوجيا أيضاً عامل تمكين "الجيل زد" لاستيعاب المعلومات حول التطورات الفلسطينية بسرعة كبيرة. إنهم مهتمون بشكل متزايد بالقصة الإنسانية لغزة، والبطولة الذهنية للمسلمين هناك، فهناك لآلئ لامعة يملكها أطفال غزة ويريدون التعرف عليها، وتعاليم العقيدة الإسلامية التي تمنح الحياة لقلوب النفوس الفارغة، لآلئ العقيدة التي يجب على المسلمين أن يستمروا في الحفاظ عليها وصداها كوقود للتغيير العالمي؛ تغيير كبير في النظام العالمي من الظلمات إلى النور، ومن الجاهلية الحديثة إلى مجد الإسلام. يقول الله تعالى في سورة النساء الآية 9 ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير