- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مذبحة ودّ النورة والخذلان الكبير
الخبر:
"في حوالي الساعة الخامسة من فجر الخامس من حزيران/يونيو، هاجمت قوة مسلحة بعتاد كامل وثقيل بمدافع ورشاشات وبدأت بقصف القرية"، وأوضح أن القوة كانت مكونة من "حوالي 35 سيارة دفع رباعي، وسيارات مدنية منهوبة وسيارات نقل لحمل المنهوبات، مثل الأثاث والأجهزة الكهربائية، بجانب دراجات بخارية". وأضاف أن قوات الدعم السريع دخلت القرية "وكانوا يطلقون النار على أي شخص يواجهونه، الغالبية العظمى من القتلى سقطوا بإصابات بالرصاص من المسافة صفر.. لا تتجاوز المتر أو المترين". وهناك أيضاً من تم ذبحهم بالسكاكين. (نقلاً عن أحد مواطني ود النورة – الحرة)
كما ذكر موقع نبض السودان أن وسائل إعلام نقلت عن قيادي أهلي في قرية ود النورة بولاية الجزيرة، قوله: إن عدد قتلى الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع على القرية الأربعاء الماضي ارتفع إلى 227 شخصاً، بينما بلغ عدد الجرحى 300 جريح.
في وقت وصف فيه وزير الصحة في ولاية الجزيرة، أسامة عبد الرحمن، الوضع الصحي بالكارثي، مشيراً إلى أنّ أغلب الوفيات من النساء والأطفال.
التعليق:
في مقابل هذا الجرم الشنيع الذي ارتكبته قوات الدعم السريع، والذي هو أعظم من نقض الكعبة المشرفة، زادها الله تشريفا وتعظيما، نجد أن الموقف الرسمي للدولة والمتمثل في مجلس السيادة الذي أصدر بيانا أدان فيه قوات الدعم السريع لارتكابها مجزرة في قرية ود النورة وطالب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بإدانة واستنكار جرائم الدعم السريع ومحاسبة مرتكبيها إعمالا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.
ولعمري لم أجد موقفا أخزى ولا أذل من أن تطلب حكومة بلد ما من المجتمع الدولي ومن المنظمات إدانة ومعاقبة مليشيا متمردة على الجيش النظامي للدولة!!
ومن جانب آخر وفي بث مصور صرح الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله بعد إدانة قوات الدعم السريع وفي سياق متصل قال "إن هذا الحدث لن يمر بغير عقاب".
وكأن هذا الحدث هو الأول والجريمة الوحيدة التي قامت بها قوات الدعم السريع، فلأكثر من عام قامت قوات الدعم السريع بعشرات بل مئات الأعمال الإجرامية من قتل وتهجير ونهب وتدمير واغتصاب ومنها ما وصف بأنه إبادة جماعية وقد أفلتوا وما زالوا مفلتين من العقاب فيا عجباً!!
وعلى هذا النسق توعد الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة برد قاس على مجزرة ود النورة ولكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحنا!
وهب أن البرهان نفذ وعده ورد رداً قاسيا، هل هذا ما أقسم عليه عند تخرجه من الكلية الحربية أم أقسم على حماية المواطن وعدم خذلانه؟!
لقد خذلت قيادة الجيش أهل ود النورة ثلاث مرات الأولى حينما طلب أهلها التسليح الذي دفعوا ثمنه من حر مالهم فتمت مماطلتهم وتحويلهم من مكان إلى آخر، إلى أن وقع الفأس على الرأس كما ورد على لسان أحد مواطني القرية في تسجيل مصور. أما الخذلان الثاني فحينما ناشدوا القوة المرابطة في قرية العزازي التي تقع على مسافة ٢٠ كيلومترا من ود النورة ولم يحركوا ساكناً فكان خذلانا.
أما الخذلان الثالث فإنه وعلى بعد ٦٠ كيلومترا من قرية ود النورة يوجد جيش المناقل والذي يعد بالآلاف والذي كان بمقدوره نجدتهم وبخاصة أن الهجوم استمر لعدة ساعات، ولكنه لم يفعل مجسدا ذلك الموقف المتخاذل.
أما الطيران الحربي فحدث ولا حرج، فقد زارهم قبل بداية الهجوم وليته لم يفعل وغاب عنهم حينما بلغت القلوب الحناجر.
إن الدولة التي تحترم نفسها لا تسترخص دماء أبنائها ولا تقف موقف المتخاذل حين يستنجد بها. فالرسول ﷺ حينما استنصره عمرو بن سالم الخزاعي لم يرد عليه بأكثر من كلمة واحدة «نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بْنَ سَالِمٍ» فكان فتح مكة، وحينما استنصر مسلمو الأندلس يوسف بن تاشفين كانت استجابته أن قاد الجيوش بنفسه وفتح ما تبقى من الأندلس وأزال دولة البرتغال.
وكذا حين استنصر ملك فرنسا فرانسوا الأول يطلب من الخليفة العثماني سليمان القانوني أن يفك أسره من يد الإسبان وبالرغم من أنه ليس على ملة الإسلام فقد رد عليه السلطان سليمان في رسالة مطولة مما جاء فيها "فكن منشرح الصدر ولا تكن مشغول البال" وقد استجاب له وفك أسره.
هؤلاء هم حكام أعظم أمة أخرجت للناس وهذه هي دولتنا التي تجمع شتات المسلمين ولا ترضى لهم الضيم بل ترفع عنهم الذل والهوان وتجلب لهم العزة والكرامة؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشرنا بها رسول الله ﷺ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – ولاية السودان