- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا تريد غزة من عرفة؟
الخبر:
خطبة عرفة لعام 1445 هجري. (15 حزيران 2024)
التعليق:
خصص خطيب عرفة 15 ثانية للدعاء لغزة من خطبته التي بلغت نحو 23 دقيقة!
حسابياً وبلغة الأرقام، كان نصيب غزة نحو 1.1% من خطبة عرفة!
وكان نصيب غزة حرفياً "...وادعوا لإخواننا في فلسطين الذين مسّهم الضر وتألموا من أذى عدوهم، سفكاً للدماء، وإفساداً في البلاد، ومنعاً من ورود ما يحتاجون إليه من طعام ودواء وغذاء وكساء".
لك الله يا غزة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي الحقيقة، فإنه من غير المستغرب أن يكون وزن غزة في خطبة عرفة بهذا الشكل، فالسياق السياسي وحتى العسكري يتسق مع هكذا خطبة.
أما إن كان منبر عرفة مستقلاً صادعاً بكلمة الحق مخلصاً لفلسطين ولقضايا الأمة بشكل عام، فأظن أن خطابه سيكون مزلزلاً، مستنهضاً لما في النفوس من عقيدة وحميّة، وواضعاً النقاط على الحروف. وأظنه في حده الأدنى سيقول:
يا جيوش المسلمين... أيضا الضباط والأركان والجنود، نناديكم بنداء الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾، ونحذركم بقوله ﴿إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
المجاهدون الصابرون يجاهدون في الميدان بثبات وعزيمة، والعدو الجبان يقصف من بعيد بطائراته ومدفعيته مدمراً للبيوت، ممعناً في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، فماذا تنتظرون؟
أخبرونا بالله عليكم.. ما الذي يثير فيكم حمية الجهاد في سبيل الله؟ أخبرونا بالله عليكم متى سنرى أرتالكم وجنودكم في باحات المسجد الأقصى؟ هل تتركون المجاهدين في الميدان وحدهم وتقبعون في ثكناتكم بذل وانكسار؟
أتتركون أهل غزة في هذه المواجهة البطولية وحدهم؟ أم تلبون نداء العزة نصرةً لله ورسوله فلا تبقوا لكيان يهود حجراً فوق حجر؟
المجاهدون في سبيل الله يتطلعون إلى إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة، فمن قُتل واستُشهد فقد فاز فوزاً عظيماً. فأهل فلسطين لا يفت في عضدهم عدد الشهداء مهما بلغ، ولكن الذي يفت في عضدهم هو تخاذل جيوش المسلمين عن نصرتهم، فهذه لعمر الحق أمّ الجرائم؟
يا جيوش المسلمين، أيها الضباط والأركان والجنود المخلصون: إن تحرير مسرى رسول الله ﷺ شرف عظيم لا يناله الجبناء أو الضعفاء، إنه شرف عظيم لا يناله إلا المخلصون المتقون، فهل ستخلعون ثوب المذلة وتتدثرون بدثار العزة؟
إنا نستنصركم لنصرة الإسلام، ونصرة أهل غزة وتحرير بيت المقدس، فإن لبّيتم نداء الله ورسوله، ونداء المؤمنين، فزتم فوزاً عظيماً، وإن تخاذلتم وجبنتم واثّاقلتم إلى الأرض، فشلتم. ألا ترتعبون من قوله تعالى: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾؟!
لتأتِ أمريكا بحاملات طائراتها، ولتأتِ كل دول الكفر بأساطيلها لحماية كيان يهود، فإنهم بحول الله وقوته لن يُغنوا عنهم من الله شيئاً، ألا تؤمنون بقوله تعالى: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾؟!
نعم حجاج بيت الله الحرام، نعم أمة الإسلام، إن ينصرنا الله فلا غالب لنا، وهذه المعركة جولة من الجولات، ولا نعلم ما قدر الله لنا من خير، ولكننا مطمئنون أن الأرض المباركة على موعد مع النصر المبين؛ خلافة على منهاج النبوة، تهبط جنودها بيت المقدس مهللين مكبرين منصورين، مصداقُ قوله تعالى: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
ومن ثم تشرق الأرض بنور الإسلام ونصر الله القوي العزيز الحكيم.
(ملاحظة: الخطبة أعلاه منقولة بتصرف من نداء وجهه الشيخ عصام عميرة، خطيب مسجد الرحمن في بيت صفافا في الأرض المباركة، والذي على إثره اعتقلته سلطات الكيان الغاصب في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وما زال قابعاً في الأسر حتى يومنا هذا. فك الله أسره وأسر جميع المسلمين في سجون الأعداء).
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام / ولاية الكويت