- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إدارة ترامب المقترحة وإيران
الخبر:
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الخميس أن الملياردير إيلون ماسك المقرب من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة في محاولة لنزع فتيل التوتر بين طهران وواشنطن.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين إيرانيين لم تسمّهما قولهما إن اللقاء بين أغنى رجل في العالم والسفير أمير سعيد إيرواني كان "إيجابيا". (العربية)
التعليق:
لقد اقترح الرئيس المنتخب في الولايات المتحدة دونالد ترامب جملة من التعيينات التي تشير إلى اتجاه السياسة الخارجية ومنها منطقة الشرق الأوسط، ومن بين من تم ترشيحهم لمنصب وزير الخارجية مارك روبيو المعروف بمواقفه في مناوئة نفوذ الصين وإيران، وبيت هيغيث المرشح وزيراً للدفاع، ومايكل والتز مستشارا للأمن القومي.
وكان ترامب قد قال خلال حملته الانتخابية إن سياسة الرئيس جو بايدن المتمثلة في عدم فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط الإيراني أضعفت واشنطن وشجعت طهران وجعلتها تبيع النفط وتجمع الأموال وتزيد من محاولاتها النووية ونفوذها عن طريق الجماعات المسلحة.
ولكن، ماذا يعني التقاء إيلون ماسك سفير إيران بناء على طلب ماسك وليس إيران؟
أولا: بداية أمريكا ليست دولة يحكمها فرد أو مجموعة أفراد أو حزب بل هي دولة مؤسسات لكل دوره وصلاحياته، وتتحكم الدولة العميقة فيها بالسياسة الخارجية بشكل كبير وإن ظهرت بعض بوادر الانقسام لكنها لم تشمل كل الملفات بل ظهرت في ملفات معينة وأغلبها كان في السياسة الداخلية. بل من الملاحظات أن تعيينات ترامب هذه ليست شخصيات ذات ثقل في الأغلب بل يغلب عليها طابع الطاعة والولاء الشخصي لترامب وليست هي من سيقود العلاقات بناء على مواقفها.
ثانيا: إيران كنز ثمين بالنسبة للولايات المتحدة ومواقفها في حفظ مصالحها كبيرة وتظهر في وقت الأزمات والشدة، وهذا باعتراف ساسة إيران، فمثلا تصريح علي أكبر هاشمي رفسنجاني عام 2002 الذي نقلته جريدة الشرق الأوسط: "القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت في دحرها ولو لم نساعد قواتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني، ويجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيراني الشعبي ما استطاعت أن تسقط طالبان". وظهرت إيران في الربيع العربي مثلا بشكل كبير بسبب ضعف أدوات أمريكا وأوراقها في تلك المرحلة لأسباب وظروف لسنا بصدد بحثها هنا لكن ما يلفت الانتباه أن لجنة بتلزيم بيكر هاملتون نصت من ضمن توصياتها بتلزيم العراق لكل من إيران وسوريا حيث نصت توصيات اللجنة على إجراء مباحثات مباشرة مع إيران وسوريا في محاولة للحصول على التزام منهما بسياسات بنّاءة تجاه العراق والقضايا الإقليميّة الأخرى، من أجل البحث في إمكان تكرار التّعاون الإيراني الأمريكي في أفغانستان، لتطبيقه على الحالة العراقيّة. فكيف تثق أمريكا بعدوها اللدود (محور الشر) لهذه الدرجة؟ وكيف تنقذ إيران عدوها (الشيطان الأكبر) من المستنقعات لولا الثقة والعلاقة الكبرى التي لم تعد تخفى على أحد؟!
ثالثا: إذاً كيف نفهم طلب هذا اللقاء ولماذا؟
من المعروف أن عقلية ترامب ومن خلفه تسير في تحقيق مصالح أمريكا والدعاية له ولأسلوبه في الإدارة، والتي تجعل من الطرف الآخر يقدم تنازلات ضخمة وكبرى خوفا من تداعيات التخويف الأمريكي، ويبدو أن إيران أدركت أو علمت بإمكانية عودة ترامب إلى الحكم فقامت بتغييرات داخلية كبرى ليس أقلها مجيء الرئيس الإيراني الجديد. وفوق هذا تعيين جواد ظريف مستشارا له، ويبدو أن هذا السفير هو من تعيينات أو توصيات ظريف وزير الخارجية الأسبق والذي يوصف بمهندس الاتفاق النووي الإيراني، بعد توليه منصب مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، مكلفا بمراقبة التطورات الوطنية والدولية وتحقيق أهداف الدستور.
صحيح أنه قدم استقالته فيما بعد لعوامل عدة منها مثلا: إقامته في أمريكا، واتهام المعسكر المحافظ له بأنه عنصر من عناصر (عصابة نيويورك) التي ضمت دبلوماسيين ليبراليين وموالين لأمريكا، لكنه هو ومن معه سيبقى يعمل في الظل، والهدف من تعيينه هو تفعيل المفاوضات مع أمريكا والتوصل إلى اتفاقيات جديدة من ترسيم حدود نفوذ إيران تمكنها من القيام بدورها ضمن الاستراتيجية الأمريكية ومحاولة قيام إيران بصفقة ضخمة مع ترامب بعقلية الصفقات.
من هنا يمكن الفهم أن لقاء ماسك بالسفير الإيراني مبكرا هو لأجل تحقيق صفقة لحين مجيء ترامب ونزع فتيل الأزمات بمكاسب سياسية واقتصادية تتيح لإيران الخروج من عزلتها والعقوبات المفروضة عليها، وليست هذه الفكرة الوحيدة بل كشفت تقارير دولية عن أن إيران أعربت عن استعدادها لحل الأزمة النووية مع الغرب، وذلك عبر رسالة نقلها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل عروسي، إلى الترويكا الأوروبية، بعد محاولات الأوروبيين - حسب ما ورد في الأخبار؛ (قال دبلوماسيون إن القوى الأوروبية تسعى إلى استصدار قرار جديد ضد إيران من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل للضغط على طهران بسبب قلة تعاونها، في وقت يترقب فيه العالم عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب).
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان