- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تونس والحسابات الخاطئة مع بلاد الشام
الخبر:
أصدرت وزارة الخارجية التونسية بيانا متعلقا بالأحداث التي جرت في سوريا قبيل سقوط بشار أسد، ومما جاء فيه:
تُندّد تونس بشدّة بالهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا في المدّة الأخيرة. وتعرب عن تضامنها التام مع سوريا، وتدعو المجموعة الدولية لمساندة هذا البلد الشقيق حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه. (الصفحة الرسمية لوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، بتصرف).
التعليق:
إن الردة الثورية التي اتسم بها الموقف الرسمي التونسي والاصطفاف مع طاغية الشام بشار الأسد في مواجهة المد الثوري الإسلامي بدعوى مواجهة الفكر الظلامي وبالتالي إنكار الإبادة الجماعية التي تعرض لها أهل الشام ليست أمرا مستغربا من نظام قام بتزوير إرادة شعبه لتكريس العلمانية والحدود الوطنية الاستعمارية بل فضل الارتماء في أحضان فرنسا مستغلا أخطاء الحكام السابقين للحيلولة دون استعادة الأمة لوحدتها ودولتها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
إلا أن الاستماتة في إسناد المجرم بشار ودعمه ببيانات رسمية مسربلة بالخزي والعار وملتفة على إرادة كل شعوب الأمة ومنها الشعبان التونسي والسوري على حد سواء، لهو خطأ مضاعف يُمهد لسقوط مدوّ يعقب هذا السقوط الأخلاقي والسياسي الذي صوره الإعلام الرسمي في تونس على أنه موقف بطولي مشرف، إمعانا في تضليل الناس وتزييف وعيهم، ليتأكد كل عاقل بأن أنظمة الملك الجبري التي أعماها وهم الحكم تعيش دائما على هامش الأحداث ولا قِبَل لها بتوقع خطط الاستعمار ولا توقيت تخلصه من عملائه.
فلم يكتف النظام في تونس بجريمة التطبيع مع الطاغية بشار أسد وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظامه الفاجر ومصافحة يديه اللتين تقطران بدماء مئات آلاف الأبرياء من أهل الشام على هامش قمة جامعة الدول العربية المتآمرة على أهلنا في غزة، ولا بتبادل التهاني بالفوز في مسرحيات انتخابية مخجلة مخزية، يتنافس فيها الطغاة بمفردهم على البقاء في سدة الحكم، وإنما راح يسند بقاء المجرم في منصبه بعيدا عن كل أنواع المساءلة والمحاسبة، ليضيف إلى خطأ الموقف السياسي المخالف للشرع والملتف على أحكامه القطعية وفي مقدمتها الحكم بما أنزل الله، خطأ سوء التقدير السياسي الذي يحجب عن حكام الضرار الرؤية واستشراف مصير كل متكبر متجبر، بل يمنعهم من تقبل فكرة سقوط الظالم أو فراره كالفأر وإن لُقّب بالأسد! مع أن الأصل أن يتعظ الجميع وأن تظل صورة فرار المخلوع بن علي عالقة وراسخة في ذهن كل من وصل إلى سدة الحكم بعد أحداث الربيع العربي، لأن الأيام دول. يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾.
العبرة مما يجري هو أن غياب الوعي السياسي القائم على أساس الإسلام وأحكامه، يجعل الحكام في صف أعدائهم بالضرورة وإن أرادوا إحسانا، فما بالنا وقد جعلوا شرع الله وراء ظهورهم وتنكروا للمشروع الحضاري للأمة وحاربوا دعاته باسم (مكافحة الإرهاب) امتثالا لأوامر أمريكا التي فتحوا لها الأبواب على مصراعيها لاختراق الجيوش ومنعها من نصرة المستضعفين في غزة.
هذا كله يجعلهم أقرب إلى العمالة والخيانة منه إلى الغباء السياسي، والأصل أن يتعظ حكامنا مما جرى في ليبيا واليمن والسودان من عبث سياسي وانفلات أمني صنعته أمريكا لتفتيت المنطقة وإخضاعها لأجندتها الاستعمارية وضمان تفوق المبدأ الرأسمالي الذي تقوده عالميا، ولكن الأرض والعرض والعقيدة والدين كلها أمور ثانوية أمام البقاء في السلطة عند هؤلاء الحكام الذين يدعون حب أوطانهم.
فهل سيستفيق حكام تونس على حقيقة الخطر الداهم الذي تعد له أمريكا على أنغام التهديد والوعيد بنشر الفوضى وتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم وهي التي تتقن هندسة النفير المخابراتي، فيتنبهوا إلى إمكانية عودة آلاف المقاتلين من سوريا بتنسيق وربما بتوجيه مخابراتي إلى ليبيا وتونس يهيئ الأجواء لتدخل الناتو، أم أن البيانات الرسمية ستمضي في التأكيد على وحدة التراب السوري والبكاء على أطلال بشار بعد أن أذله الله ونزع منه الملك؟ ولمصلحة من يصر كل حكام الضرار بلا استثناء على تقسيم بلاد المسلمين والتنكر لعقر دار المؤمنين الشام كما تنكروا لبيت الله الحرام والمسجد الأقصى؟ قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس