الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الصائم مع القرآن والسنة الصائم التوّاب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الصائم مع القرآن والسنة
الصائم التوّاب

 

 

 

روى الإمامُ مسلمٌ عن أبي هريرةَ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: (والذي نفسي بيدِهِ لو لم تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بكم ولَجاءَ بقومٍ يُذنبونَ فيستغفرونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لهم) في هذا الحديثِ الشريفِ إقرارٌ لواقعِ الإنسانِ من جهةِ أنَّ فيه قابليةً للذنبِ، وليس إقراراً للذنبِ، لأنّ الذنبَ مخالفةٌ شرعيةٌ، ومعصيةٌ للهِ سبحانه، وقد حَذَّرَ اللهُ سبحانه من الوقوعِ في الذنب- أيِّ ذنبٍ- تحذيراً شديداً متكرّراً في القرآنِ والسنةِ، وتَوَعَّدَ مُقْترِفَهُ الوعيدَ الشديدَ، ما لَمْ يَتُبْ منه صاحبُه.


ولِعِلْمِ اللهِ –العليمِ الخبيرِ- بما خَلَقَ، وِعلمِهِ بواقعِ الإنسانِ هذا، شَرَعَ الحكيمُ سبحانَهُ التوبةَ وأمَرَ بها، وشَرَعَ الاستغفارَ وأمرَ به، فاللهُ سبحانه هو الرحمنُ الرحيمُ، وهو العفُوُّ الغفورُ، وهو التوّابُ الحكيمُ. ولهذا قيلَ إنَّ الحديثَ الشريفَ فيه إقرارٌ لواقعِ الإنسانِ من جهةِ أنَّ فيه قابليةَ الذنبِ والعصيان، وليس إقراراً للذنبِ، فالموقفُ الشرعيُّ من الذنبِ أنّهُ آثِمُ فاعلُهُ، وواجبُ على مقترفِهِ التوبةُ منه، والتبرُّؤُ منه، والندمُ عليه، والعزمُ على عدمِ العودةِ إليهِ، وإلاّ استحقَّ عليهِ العذابَ والعقابَ.


وشريعةُ الإسلامِ المهيمنةُ على الشرائعِ السابقةِ، الناسخةُ لها، حرَّرتِ الإنسانَ من الأوهامِ والخرافاتِ والعُقَدِ النفسيةِ، فليسَ هناك شيءٌ اسْمُهُ عُقْدَةُ الذنبِ، بلْ إنَّ اللهَ تعالى أرادَ لهذا المخلوقِ العاجزِ الضعيفِ أنْ يكونَ توّاباً، أيْ كثيرَ التوبةِ، قالَ عزَّ وجلَّ: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).


ولأنَّ عِلْمَ الإنسانِ محدودٌ، ولأنّه كثيرُ النسيانِ والغفلةِ، وتَغْلِبُهُ شَهَواتُهُ أحياناً، ويقعُ في حبائلِ وسوسةِ الشيطانِ، فهو مُعَرَّضٌ للوقوعِ في الذنبِ، ولكنْ عليهِ أنْ يُبادِرَ بالاستغفارِ والإنابةِ إلى اللهِ تعالى، والتوبةِ إليه، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً) وينبغي على الإنسانِ ألاّ يُسَوِّفَ أو يؤجّلَ التوبةَ، فإنّهُ لا يدريْ كمْ يعيشُ بعدَ ذنبِهِ ذاكَ، ولعلَّهُ بتأجيلِهِ التوبةَ أنْ يُحْرَمَ منها.


ولكن عبادَ اللهِ الصالحينَ لا يُصِرّونَ على ما فعلوا، بل إنّهم يحاسبونَ أنفسَهم باستمرار، لِيَتَفادَوْا الوقوعَ في الذنبِ، وَلْيُبَادِرُوا بالتوبةِ منه إنْ وقعوا فيه، وبهذا مدحهم اللهُ سبحانه: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) فالله وحدَه غَفَّارُ الذنوبِ، ولا حدَ سواهُ يَملِكُ ذلكَ ولا شيئاً منه، (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ)؟


عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: (قَالَ: ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ. ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ إِنْ تَلْقَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا لَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً بَعْدَ أَنْ لا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا. ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ إِنْ تُذْنِبْ حَتَّى يَبْلُغَ ذَنْبُكَ عنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرْ لَكَ).


فمنْ أولى من الصائم بالوُلوجِ في هذا البابِ الواسعِ، بابِ رحمةِ اللهِ تعالى، بابِ التوبةِ الْمُشْرَعِ أمامَ عبادِ اللهِ التوّابينَ؟ ومَنْ أولى من الصائمِ بكثرةِ التوبةِ والإنابةِ إلى اللهِ؟

آخر تعديل علىالإثنين, 05 حزيران/يونيو 2017

وسائط

3 تعليقات

  • سفينة النجاة
    سفينة النجاة الثلاثاء، 06 حزيران/يونيو 2017م 18:54 تعليق

    بوركت جهوكم

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الثلاثاء، 06 حزيران/يونيو 2017م 13:06 تعليق

    بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء

  • Khadija
    Khadija الثلاثاء، 06 حزيران/يونيو 2017م 10:51 تعليق

    بوركت كتاباتكم المستنيرة الراقية، و أيد الله حزب التحرير وأميره العالم عطاء أبو الرشتة بنصر مؤزر وفتح قريب إن شاء الله

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع