- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
( ح236 ) لميزانية الدولة أبواب دائمية قررتها أحكام شرعية
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ والثَّلاثِينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "لِمِيزَانِيَّةِ الدَّولَةِ أَبْوَابٌ دَائِمِيَّةٌ قَرَّرَتْـهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: الخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 148: لِمِيزَانِيَّةِ الدَّولَةِ أَبْوَابٌ دَائِمِيَّةٌ قَرَّرَتْـهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ. وَأَمَّا فُصُولُ الـمِيزَانِيَّةِ وَالـمَبَالِغُ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا كُلُّ فَصْلٍ، وَالأُمُورُ الَّتِي تُخَصَّصُ لَـهَا هَذِهِ الـمَبَالِغُ فِي كُلِّ فَصْلٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَوكُولٌ لِرَأْيِ الخَلِيفَةِ وَاجتِهَادِهِ.
المادة 149: وَارِدَاتُ بَيتِ الـمَالِ الدَّائِمِيَّةِ هِيَ الفَيءُ كُلُّهُ، وَالجِزْيَةُ، وَالخَرَاجُ، وَخُمْسُ الرِّكَازِ، وَالزَّكَاةُ. وَتُؤْخَذُ هَذِهِ الأَمْوَالُ دَائِمِيّاً سَوَاءٌ أَكَانَتْ هُنَالِكَ حَاجَةٌ أَمْ لَـمْ تَكُنْ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَاتَانِ هُمَا الْـمَادَّتَانِ: الثَّامِنَةُ وَالأربَعُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ، وَالتَّاسِعَةُ وَالأَربَعُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
أولا: المادة 148: إِنَّ لَفْظَ الـمِيزَانِيَّةِ أَوِ الـمُوَازَنَةُ اصْطِلَاحٌ غَربِيٌّ، وَمَعْنَاهَا بَيَانُ الوَارِدَاتِ الَّتِي تَأْخُذُهَا الدَّولَةُ، بِبَيَانِ أَبْوَابِهَا وَهِيَ الجِهَاتُ الَّتِي تُجْمَعُ مِنْهَا، وَبَيَانِ فُصُولِـهَا، وَهِيَ فُرُوعُ هَذِهِ الجِهَاتِ، وَبَيَانِ الـمَبَالِغِ الَّتِي تَرِدُ. وَإِلَى جَانِبِ ذَلِكَ يُوضَعُ بَيَانُ النَّفَقَاتِ الَّتِي تُنْفِقُهَا الدَّولَةُ، بِبَيَانِ أَبْوَابِـهَا، وَهِيَ الجِهَاتُ الَّتِي يَجْرِي الإِنْفَاقُ عَلَيهَا، وَبَيَانِ فُصُولِـهَا أَيْ فُرُوعِ هَذِهِ الجِهَاتِ، وَبَيَانِ الـمَبَالِغِ الَّتِي تُنْفَقُ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ الـمَذْكُورَةِ فِي كُلِّ فَصْلٍ.
هَذَا هُوَ وَاقِعُ الـمِيزَانِيَّةِ أَوِ الـمُوَازَنَةِ. وَهَذَا الوَاقِعُ لَـمْ يَكُنِ الـمُسْلِمُونَ يَعْرِفُونَهُ، وَإِنَّمَا يَعرِفُونَ بَيتَ الـمَالِ، وَإِلَيهِ تَرِدُ الوَارِدَاتُ، وَمِنْهُ تُنْفَقُ النَّفَقَاتُ. غَيرَ أَنَّ وُجُودَ وَارِدَاتٍ لِبَيتِ الـمَالِ، وَوُجُودَ نَفَقَاتٍ مِنهُ يُشَكِّلُ وَاقِعَ الـمِيزَانِيَّةِ، وَإِنْ لَـمْ يُسَمَّ بِهَذَا الاسْمِ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ مَا يَـمْنَعُ مِنْ أَخْذِ هَذَا اللَّفْظِ بِـمَا يَعْنِيهِ مِنَ اصْطِلَاحٍ، وَهُوَ مَجمُوعُ أَبْوَابِ الوَارِدَاتِ، وَأَبْوَابِ النَّفَقَاتِ، وَفُصُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَبِنَاءً عَلَى هَذَا تَكُونُ لِلدَّولَةِ مُوَازَنَةٌ أَوْ مِيزَانِيَّةٌ، وَيَكُونُ بَيتُ الـمَالِ هُوَ الـمُوَكَّلَ فِي هَذِهِ الـمِيزَانِيَّةِ. أَمَّا إِعْدَادُ هَذِهِ الـمِيزَانِيَّةِ فِي أَبْوَابِـهَا، وَفُصُولِـهَا، وَالـمَبَالِغِ الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا، فَإِنَّ الأَحْكَامَ الشَّرعِيَّةَ قَدْ قَرَّرَتْـهَا. فَالوَارِدَاتُ جَاءَتْ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ وَقَرَّرَتْهَا كَالخَرَاجِ وَالفَيءِ، وَالنَّفَقَاتُ جَاءَتْ أَحْكَامٌ شَرعِيَّةٌ وَقَرَّرَتْ كَيفِيَّتَهَا، وَثَبَتَ مَا يَجِبُ صَرْفُهُ حَتْماً، وَمَا لَا يُصْرَفُ إِلَّا إِذَا وُجِدَ مَالٌ. فَالوَارِدَاتُ وَالنَّفَقَاتُ جَاءَتْ أَحْكَامٌ شَرعِيَّةٌ قَرَّرَتْـهَا، فَتَكُونُ أَبْوَابُ الـمِيزَانِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ أَبْوَاباً دَائِمِيَّةً، لِأَنَّهُ قَدْ قَرَّرَتـْهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَالحُكْمُ الشَّرعِيُّ دَائِمٌ لَا يَتَغَيَّرُ. وَأَمَّا فُصُولُـهَا وَهِيَ الفُرُوعُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْهَا مِثْلُ خَرَاجِ أَراضِي البَعْلِ، وَخَرَاجِ أَرَاضِي السَّقْيِ أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الخَلِيفَةَ يَضَعُهَا، لِأَنَّهَا مِنْ رِعَايَةِ الشُّؤُونِ، وَمِمَّا هُوَ مَتْرُوكٌ لِرَأْيِهِ وَاجتِهَادِهِ، وَكَذَلِكَ الـمَبَالِغُ الَّتِي تُوضَعُ لِأَنَّهَا تُوضَعُ بِحَسَبِ رَأْيِهِ وَاجتِهَادِهِ، كَمِقْدَارِ الجِزْيَةِ، وَمِقْدَارِ الخَرَاجِ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ. لِأَنَّهَا مِمَّا هُوَ مَوكُولٌ إِلَيهِ. فَتَكُونُ أَدِلَّةُ الأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ عَلَى وَارِدَاتِ بَيتِ الـمَالِ وَعَلَى نَفَقَاتِهِ، وَجَعْلُ التَّصَرُّفِ بِـمَا فِي بَيتِ الـمَالِ مِـمَّا لَـمْ يُعَيِّنْهُ الشَّرْعُ مَوكُولاً لِرَأْيِ الخَلِيفَةِ وَاجْتِهَادِهِ. هَذِهِ الأَدِلَّةُ الثَّلَاثَةُ أَدِلَّةَ الوَارِدَاتِ، وَأَدِلَّةَ النَّفَقَاتِ، وَدَلِيلَ رِعَايَةِ الإِمَامِ لِلشُّؤُونِ هِيَ أَدِلَّةُ هَذِهِ الـمَادَّةِ. وَمَا دَامَ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يَضَعَ بِرَأْيِهِ وَاجتِهَادِهِ فُصُولَ الوَارِدَاتِ، وَالـمَبَالِغَ الَّتِي تُوضَعُ فِي كُلِّ فَصْلٍ، وَفُصُولَ النَّفَقَاتِ، وَالـمَبَالِغَ الَّتِي تُوضَعُ فِي كُلِّ فَصْلٍ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ مَا يَـمْنَعُ مِنْ وَضْعِ مِيزَانِيَّةٍ سَنَوِيَّةٍ لِلدَّولَةِ فِي فُصُولِـهَا، وَالـمَبَالِغِ الَّتِي لِكُلِّ فَصْلٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي الوَارِدَاتِ أَمْ فِي النَّفَقَاتِ. وَالـمَمْنُوعُ هُوَ وَضْعُ مِيزَانِيَّةٍ سَنَوِيَّةٍ لِأَبْوَابِ الـمِيزَانِيَّةِ، لَا لِوَارِدَاتِـهَا وَلَا لِنَفَقَاتِهَا لِأَنَّهَا قَدْ قَرَّرَتْهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ فَهِيَ دَائِمِيَّةٌ.
ثانيا: المادة 149: أَدِلَّةُ هَذِهِ الـمَادَّةِ هِيَ أَدِلَّةُ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ وَارِدَاتٍ: فَالفَيءُ دَلِيلُهُ قَولُهُ تَعَالَى: ( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) . ( الحشْر 7 ) وَالجِزْيَةُ دَلِيلُهَا قَولُهُ تَعَالَى: ( حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) . ( التوبة 29 ) وَالخَرَاجُ دَلِيلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيدٍ فِي الأَرَاضِي الخَرَاجيَّةِ، قَالَ أَبُو عُبَيدٍ: «وَجَدْنَا الآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r وَالخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَدْ جَاءَتْ فِي افتِتَاحِ الأَرْضِينَ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ:
- أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيهَا أَهْلُهَا فَهِيَ مِلْكُ أَيـمَانِـهِمْ، وَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ لَا شَيءَ عَلَيهِمْ فِيهَا غَيرُهُ.
- وَأَرْضٌ افتُتِحَتْ صُلْحاً عَلَى خَرَاجٍ مَعُلُومٍ، فَهُمْ عَلَى مَا صُولِـحُوا عَلَيهِ لَا يَلْزَمُهُمْ أَكْثَرُ مِنهُ.
- وَأَرْضٌ أُخِذَتْ عَنْوَةً فَهِيَ الَّتِي اختَلَفَ فِيهَا الـمُسْلِمُونَ عَلَى رَأْيَينِ:
أ- فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَبِيلُهَا سَبِيلُ الغَنِيمَةِ فَتُخْمَسُ وَتُقَسَّمُ، فَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا خُطَطاً بَينَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا خَاصَّةً، وَيَكُونُ الخُمْسُ البَاقِي مَنْ سَمَّى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
ب- وَقَالَ بَعُضُهُمْ: بَلْ حُكْمُهَا وَالنَّظَرُ فِيهَا إِلَى الإِمَامِ إِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهَا غَنِيمَةً فَيَخْمِسَهَا، وَيُقَسِّمَهَا كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ r بِـخَيبَرَ، فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهَا فَيئاً، فَلَا يَخْمِسَهَا، وَلَا يُقَسِّمَهَا وَلَكِنْ تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى الـمُسْلِمِينَ عَامَّةً مَا بَقَوا كَمَا صَنَعَ عُمَرُ بِالسَّوَادِ فَعَل ذَلِكَ، فَهَذِهِ أَحْكَامُ الأَرْضِ الَّتِي تُفْتَحُ فَتْحاً». انْتَهَى كَلَامُ أَبِي عُبَيدٍ.
وَقِصَّةُ نِقَاشِ الـمُسْلِمِينَ لِعُمَرَ رضي الله عنه فِي أَرْضِ السَّوَادِ نَقَلَهَا كَذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ فِي الخَرَاجِ. وَأَمَّا خُمْسُ الرِّكَازِ فَدَلِيلُهُ قَولُ الرَّسُولِ r : «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ». وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَأَدِلَّتُهَا كَثِيرَةٌ قَالَ تَعَالَى: ( وَآتُوا الزَّكَاةَ ) . ( البقرة 43 ) وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمُعَاذٍ: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ». وَهَذِهِ كُلُّهَا أَدِلَّةٌ تُفِيدُ الوُجُوبَ، فَأَدَاءُ هَذِهِ الأَمْوَالِ فَرْضٌ، وَلِذَلِكَ تُؤْخَذُ أَخْذاً دَائِمِيّاً، سَوَاءٌ أَكَانَتْ هُنَالِكَ حَاجَةٌ، أَمْ لَـمْ تَكُنْ، لِأنَّ اللهَ فَرَضَهَا، وَالفَرْضُ يَجِبُ أَدَاؤُهُ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.