الأربعاء، 25 محرّم 1446هـ| 2024/07/31م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
تأملات قرآنية (19) وعد الله للمؤمنين بالاستخلاف والتمكين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تأملات قرآنية (19)
وعد الله للمؤمنين بالاستخلاف والتمكين

 


إخواننا الكرام, أخواتنا الكريمات:


أيها المؤمنون والمؤمنات: الصائمون والصائمات:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


نحييكم بأطيب تحية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله القائل في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) والصلاة والسلام على رسول الله القائل: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين". ثم أما بعد: فتعالوا معنا أحبتنا الكرام, وهلم بنا نحن وإياكم نتجه إلى مائدة القرآن الكريم نتأمل ونتدبر آياته جل وعلا عسى أن ينفعنا ويرفعنا بما فيه من الذكر الحكيم إلى أعلى الدرجات في جنات النعيم, إنه ولي ذلك والقادر عليه. ومع الآية الخامسة والخمسين من سورة النور قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. ﴿ النور ٥٥﴾


قال نخبة من المفسرين: "وعد الله بالنصر الذين آمنوا منكم وعملوا الأعمال الصالحة، بأن يورثهم أرض المشركين، ويجعلهم خلفاء فيها، مثلما فعل مع أسلافهم من المؤمنين بالله ورسله، وأن يجعل دينهم الذي ارتضاه لهم- وهو الإسلام- دينًا عزيزًا مكينًا، وأن يبدل حالهم من الخوف إلى الأمن، إذا عبدوا الله وحده، واستقاموا على طاعته، ولم يشركوا معه شيئًا، ومن كفر بعد ذلك الاستخلاف والأمن والتمكين والسلطنة التامة، وجحد نِعَم الله، فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله".


معاشر المؤمنين والمؤمنات:


إن إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وعد من الله تعالى وبشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الوعد ففي الآية الخامسة والخمسين من سورة النور والمعروفة عند المفسرين بآية الاستخلاف. الوعد من الله تعالى الذي لا يخلف الميعاد للذين أمنوا وعملوا الصالحات الذي يعبدونه ولا يشركون به شيئا, وعدهم بالاستخلاف في الأرض, والتمكين لدين الإسلام, وأن يبدل خوفهم أمنا. ويلحظ أهل اللغة في هذه الآية الكريمة مؤكدات هذا الوعد التي قرنها الله تعالى به في ثلاث كلمات فقال: (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) وقال: (وَلَيُمَكِّنَنَّ) وقال: (وَلَيُبَدِّلَنَّهُم) كل كلمة منها مؤكدة بمؤكدين اثنين: (لام التوكيد) في أول الفعل, و(نون التوكيد الثقيلة) في آخره مما يؤكد أن هذه الأفعال ستقع حتمًا.


وأما البشرى ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضًا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» ثم سكت.


هذا الحديث النبوي الشريف يعده أهل الحديث من دلائل صدق نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام, ويستدلون على ذلك بأن هذا الحديث قد اشتمل على خمسة أحداث تشكل خمسة أخماس وهي: (عهد النبوة, وعهد الخلافة الراشدة, وعهد الملك العاض, وعهد الملك الجبري, وعهد الخلافة على منهاج النبوة) أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام أن العهود الأربعة بعد عهد النبوة ستقع في عالم الغيب بعد لحاقه صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى, يقول علماء الحديث: أربعة أخماس هذا الحديث قد تحققت, ووقعت فعلا وهي: (عهد النبوة, وعهد الخلافة الراشدة, وعهد الملك العاض, وعهد الملك الجبري), ولم يبق إلا الخمس الخامس والأخير, ألا وهو (عهد الخلافة على منهاج النبوة), وهذا العهد قادم لا محالة. هذا يعني أن الخلافة ستعود رغم ما يفعله أهل الكفر والضلال من ذبح للمسلمين في كل مكان. هكذا آل حالنا في غياب دولة الخلافة: فنحن في غيابها ... في غياب من يذود عنا... في غياب أمنا الرءوم... في غياب سيف حقنا الذي كان بتاراً على رقاب وأعناق أعداء الله ... أيتامٌ على مآدب اللئام.


معاشر المؤمنين والمؤمنات:


رغم كل هذا الليل ستعود الخلافة بإذن الله, على أيدي الشرفاء، على أيدي الأتقياء، على أيدي الضعفاء، رغم أنف كل قوى البطش والغطرسة في الأرض, فإن الله سبحانه وتعالى بالغ أمره, والله تعالى قد وعد, ووعده الحق, وقد قال نبيه صلى الله عليه وسلم, وقوله قول صدق، ونحن على يقين بأن الله سبحانه يمحص المسلمين؛ ليعلم الذين صبروا, ويعلم الذين عملوا, ويعلم الذين تخاذلوا وتنازلوا وفرطوا بحقوق الأمة, علماً بأن الله سبحانه وتعالى يعلمهم منذ الأزل, لكنه سبحانه يريد إقامة الحجة عليهم, ويريد أن يظهرهم للناس, ويريد أن يميز الخبيث من الطيب ليهلك من هلك عن بينة, ويحيا من حيَّ عن بينة! وستكون دولتكم دولة الخلافة, دولة كبرى بإذن الله، دولة عزة كما كانت، بل ستكون أكبر وأقوى مما كانت بإذن الله العظيم, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد زوى الله لي الأرض فنظرت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها».


وقد زويت الأرض كلها للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: «زوى لي الأرض». فهذا يعني أن الدولة القادمة ستمتد في الكرة كلها, من مشارقها إلى مغاربها ومن شمالها إلى جنوبها لتحكم روما، بإذن الله بالإسلام بعد أن تفتحها جيوش الفتح القادمة, وتفتح أيضاً لندن وباريس, رغم بطش الكفار, ورغم كبرهم وظلمهم وقوتهم التي أغرتهم وأعمت أبصارهم، وأما بلاد الأمريكان الذين يعتبرون أرض المسلمين مزرعةً لهم ستهاجمهم يوماً من الأيام جيوش الخلافة التي لا يريدونها أن تعود.


معاشر المؤمنين والمؤمنات:


أجل إن دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ستقام, وما علينا إلا أن نجدَّ في العمل, ونجدَّ في المسير، وما عليكم إلاَّ أن تضعوا أيديكم في أيدي العاملين الصادقين المخلصين, السائرين على طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم, ليعود لنا عزنا من جديد، ولتعود لنا كرامتنا، وليعود لنا مجدنا التليد الذي اغتاله كفار الأرض. واعلموا أيها الإخوة أن أجر العاملين في هذه الأيام أجر عظيم وأجر كبير. فقد قال عمر رضي الله عنه: «كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: أنبئوني من هم أعظم أهل الإيمان إيماناً؟ قلنا: الملائكة، قال: هم كذلك وقد أنزلهم الله هذه المنزلة، قلنا: إذن الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء. قال: هم كذلك، فقد أنزلهم الله منـزلة الشهادة. قلنا: فمن؟ قال: أقوام في أصلاب الرجال يأتون بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقون بي ولم يروني، يأتون إلى الورق المعلق, فيقبلون عليه يتعلمونه ويعلمونه الناس، هؤلاء هم أعظم أهل الإيمان إيماناً». أو كما قال صلى الله عليه وسلم. هؤلاء هم أعظم أهل الإيمان إيماناً، هؤلاء الذين يغبطهم الأنبياء الملائكة يوم القيامة من شدة حب الله لهم لأنهم قبضوا على دينهم كالقابض على الجمر، لأنهم صبروا، تحملوا الأذى في سبيل الله، تحملوا أن ينفوا من الأرض، أن يقتلوا، أن يسجنوا، أن يعذبوا وهم أهل فكر وهم أهل رأي على طريق محمد صلى الله عليه وسلم. وستكون لهم الغلبة بإذن الله ويكون لهم النصر وتكون على أيديهم عزة وشرف عظيم يحققه الله الذي لا إله إلا هو.
معاشر المؤمنين والمؤمنات: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة:


اللهم اجعل شهر القرآن الكريم هذا, شهر عز ونصر وتمكين للإسلام والمسلمين بقيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة, واجعلنا اللهمَّ ممَّن يتدبرون آياتك, فيأتمرون بأمرك, وينتهون عن نهيك: يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وَيَقْدُرُونَكَ حَقَّ قَدِرك, ترضى عنهم, ويرضون عنك, واجعلنا اللهم ممن تقبلت منهم الصلاة والصيام, والدعاء والسجود والقيام, ومن عتقائك في هذا الشهر الكريم من النار, وأدخلنا الجنة مع الأبرار, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع