الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
تأملات قرآنية (22) المستقيمون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تأملات قرآنية (22)
المستقيمون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

 


إخواننا الكرام, أخواتنا الكريمات:


أيها المؤمنون والمؤمنات: الصائمون والصائمات:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


نحييكم بأطيب تحية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله القائل في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) والصلاة والسلام على رسول الله القائل: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين". ثم أما بعد: فتعالوا معنا أحبتنا الكرام, وهلم بنا نحن وإياكم نتجه إلى مائدة القرآن الكريم نتأمل ونتدبر آياته جل وعلا عسى أن ينفعنا ويرفعنا بما فيه من الذكر الحكيم إلى أعلى الدرجات في جنات النعيم, إنه ولي ذلك والقادر عليه. ومع الآيتين الثالثة عشرة, والرابعة عشرة من سورة الأحقاف. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١٣﴾ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. ﴿الأحقاف ١٤﴾.


قال نخبة من المفسرين: "إن الذين قالوا: ربنا الله، ثم استقاموا على الإيمان به، فلا خوف عليهم من فزع يوم القيامة وأهواله، ولا هم يحزنون على ما خلَّفوا وراءهم بعد مماتهم من حظوظ الدنيا".


معاشر المؤمنين والمؤمنات:


يصلي المسلم طاعة لله تعالى خمس صلوات في اليوم والليلة, عدد ركعات الصلوات المفروضة سبع عشرة ركعة, وعدد ركعات الصلوات المسنونة عشر ركعات, يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة, ويدعو في كل قراءة بدعاء: (اهدنا الصراط المستقيم) يكرر هذا الدعاء في اليوم والليلة سبعاً وعشرين مرة على أقل تقدير.


تعالوا بنا كي نتعلم المعاني العظيمة التي اشتملت عليها سورة الفاتحة التي هي أم الكتاب, ونعلم ما هو الصراط المستقيم الذي نطلب من الله تعالى أن يهدينا إليه. هذا التفسير الرائع لسورة الفاتحة نقلته لكم - بتصرف - عن أحد علماء المغرب الجهابذة ويدعى فضيلة الشيخ سيدي بلقاضي جزاه الله عنا وعنكم وعن أمة الإسلام خير الجزاء ... آمين!


يقول شيخنا الفاضل: الفاتحة فيها مناجاة الله عز وجل حينما ترفعون أيديكم وتكبرون تكبيرة الإحرام فاعلموا بأنكم تناجون الله تبارك وتعالى من دون وساطة, وأن أي آية تقرؤونها من الفاتحة فإن الحق عز وجل يجيبكم عنها مباشرة!


• (الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ). فيها الثناء على الله عز وجل.


• (الرَّحمَنِ الرَّحِيم). فيها الدعوة إلى الرحمة ما بين العباد: الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. ارحموا ترحموا. من لا يَرحم لا يُرحم.


• (مَالِكِ يَومِ الدِّينِ). فيها الوعد والوعيد, الوعد بالجنة ونعيمها للمؤمنين المحسنين, والوعيد بجهنم وعذابها للكافرين المسيئين.


• (إِيَّاكَ نَعبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ). فيها الدعوة إلى العبودية لله وحده لا شريك له, إذا صليتم فاجعلوا صلاتكم خالصة لله, وإذا صمتم, فاجعل صيامكم لله, وإذا قمتم بأي عمل فاجعلوه لوجه الله, وإذا استعنتم فاستعينوا بالله وحده لا شريك له.


• (اهدنا الصِّرَاطَ الـمُستَقِيمَ). فيها الدعوة إلى الاستقامة. لقد خط الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم خطاً مستقيماً, فقال: "هذا سبيل الله", وخط خطوطاً عن يمين الخط, وخطوطاً عن يسار الخط فقال: "هذه سبل, على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" وقرأ قول الله عز وجل: (وأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).


• (صِّرَاطَ الذين أنعمت عليهم). فيها الدعوة إلى الاقتداء بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين.


• (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ). فيها الدعوة إلى البعد عن الضالين من النصارى, والبعد عن المغضوب عليهم من يهود, ابتعدوا عنهم حتى لا يجروكم إلى الهاوية, ويخرجوكم عن الطريق المستقيم.


• (إِيَّاكَ نَعبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ) (اهدنا الصِّرَاطَ الـمُستَقِيمَ) هاتان الآيتان فيها الدعوة إلى الوحدة ما بين المؤمنين, فالقارئ حين يقرأ الفاتحة في الصلاة بصيغة الجمع مع أن القارئ مفرد, ما السرُّ في هذا؟ إذن اعلموا أيها الأخوة الكرام والأخوات الكريمات أنكم حينما تقرءون الفاتحة في صلواتكم فإنكم تدعون لأنفسكم ولجماعة المؤمنين معاً.


• وإذا رجعنا أيها الإخوة الكرام إلى الفاتحة وتفحصناها نجد أن الله تبارك وتعالى ذكر فيها خمسة من أسمائه سبحانه: (الله, الرب, الرحمن, الرحيم, مالك يوم الدين). كأن الله يقول لكم: خلقتكم أيها الناس؛ فأنا الله. وربيتكم بوجوه النعم؛ فأنا الرب. وعصيتم أيها الناس فسترتكم؛ فأنا الرحمن. وتبتم أيها الناس وغفرت لكم؛ فأنا الرحيم. ولا بد من إيصال الجزاء إليكم؛ فأنا مالك يوم الدين. لا بد من إيصال الجزاء إليكم إن خيراً فخير, وإن شرا فشر. فأنا مالك يوم الدين. ازرعوا ما شئتم فأنت حاصدوه, واختاروا لأنفسكم ما أنتم حاصدوه.


• روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين, ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين. قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم. قال الله: أثنى علي عبدي. فإذا قال: مالك يوم الدين. قال: مجدني عبدي. وقال مرة: فوض إلي عبدي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل".


• وكما أخبر الله تعالى في الحديث القدسي السابق: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين". فإن الفاتحة فيها عشرة أشياء: خمسة من صفات الربوبية: (الله, الرب, الرحمن, الرحيم, مالك يوم الدين). وخمسة من أحوال العبد: (العبادة, الاستعانة, الهداية, الاستقامة, الافتقار إلى المنعم الكريم, وهو الله تعالى). كأنكم تقولون حين تقرؤون الفاتحة: إياك نعبد لأنك أنت الله! وارزقنا الاستعانة؛ لأنك أنت الرب! وارزقنا الهداية؛ لأنك أنت الرحمن! وارزقنا الاستقامة؛ لأنك أنت الرحيم! وأفض علينا يا رب سجال نعمك وكرمك وعفوك؛ لأنك مالك يوم الدين!
معاشر المؤمنين والمؤمنات:


لقد عرفنا ما هو الصراط المستقيم, فمن هم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ تعالوا بنا نتعرف إليهم بتتبع ذكرهم كما ورد في بعض آيات القرآن الكريم, وهذه صفاتهم:


1. من اتبع هدى الله. قال تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿البقرة: ٣٨﴾
2. من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿البقرة: ٦٢﴾
3. من أسلم وجهه لله وهو محسن. قال تعالى: ﴿بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿البقرة: ١١٢﴾.
4. الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿البقرة: ٢٦٢﴾
5. الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿البقرة: ٢٧٤﴾
6. الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿البقرة: ٢٧٧﴾
7. الذين قتلوا في سبيل الله. قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴿١٦٩﴾ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿آل عمران: ١٧٠﴾
8. الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا صالحا. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿المائدة: ٦٩﴾
9. من آمن وأصلح. قال تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿الأنعام: ٤٨﴾
10. من اتقى وأصلح. قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ﴿الأعراف: ٣٥﴾


معاشر المؤمنين والمؤمنات: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة:


اللهم اجعل شهر القرآن الكريم هذا, شهر عز ونصر وتمكين للإسلام والمسلمين بقيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة, واجعلنا اللهمَّ ممَّن يتدبرون آياتك, فيأتمرون بأمرك, وينتهون عن نهيك: يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ويقدرونك حق قدرك, ترضى عنهم, ويرضون عنك, واجعلنا اللهم ممن تقبلت منهم الصلاة والصيام, والدعاء والسجود والقيام, ومن عتقائك في هذا الشهر الكريم من النار, وأدخلنا الجنة مع الأبرار, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

آخر تعديل علىالجمعة, 15 أيار/مايو 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع