- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الميزان
ميزان الفكر والنفس والسلوك
الحلقة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
أما علم الإنسان فمحدود، لتعلقه بأدوات محدودة، الحواس: سمعاً وبصراً ولمساً وذوقاً وشمّاً، الدماغ المحدود في إمكانية عمله ومحدودية خاصية الربط فيه، والمعلومات السابقة بكمها القليل مهما بلغت عند الإنسان فإنها لا تصل إلى الإحاطة ولا تقاربها، ولا يستطيع أن يفكر إلا فيما يقع عليه حسه، فالغائب عن حسه ليس لديه القدرة على التفكير فيه.
البشر والموازيين المادية
ولننظر إلى البشر في تعاملاتهم مع أنفسهم لضبط هذه التعاملات، وتعاملاتهم مع ما حولهم من أشياء لوصف مختلف الوقائع، نجد أنهم لا يستغنون عن الميزان، والمقاييس بمختلف أنواعها، ونجدهم يخترعون مقاييس وموازين لكل ما يجدُّ في حياتهم، ففيما يُوزن يستخدمون الكيلوغرام وأجزاءه ومضاعفاته، وفي المسافات يستخدمون الكيلومتر وأجزاءه ومضاعفاته، وفي الطاقة الكهربائية يستخدمون الواط ومضاعفاته وأجزاءه، وفي المكيل يستخدمون الصاع واللتر، وفي الملابس يستخدمون قياسات خاصة، وفي الحرارة يستخدمون مقياس الحرارة بأنواعه، وفي الضغط الجوي يستخدمون مقاسات خاصة، وفي السرعة كذلك، وفي التسارع والتباطؤ، وفي الطب يستخدمون النسب، نسبة السكر وضغط الدم ونسبة الدهون والحديد... وغير ذلك, وفي مختلف العلوم يستخدمون في كل علم قياسات خاصة يصفون فيها مختلف الوقائع المتعلقة بذلك العلم، ففي الفيزياء يقيسون الجاذبية والضغط والحرارة والقوة والقدرة والطاقة والسرعة والتسارع والتباطؤ والزمن والجهد والفولتية والتوصيل والتدفق الكهربائي والمغناطيسي والموجات وغير ذلك ,, المئات أو الآلاف من المقاييس لضبط الأعمال والدراسات والصناعات الناتجة عن ذلك.
وفي الكيمياء يستخدمون أوزاناً ومقاييس ومعادلات مختلفة متعددة، وفي الرياضيات يستخدمون قياسات ومصطلحات ومعادلات للتعبير عن مختلف الوقائع والتعامل معها، وفي الجيولوجيا والفلك، والهندسة بفروعها، وفي كل العلوم التطبيقية.
أما العلوم العقلية أو النظرية أو الإنسانية فحدّث عن المقاييس ولا حرج، ففي اللغة بمختلف علومها يستخدمون المقاييس والمصطلحات المختلفة، وفي الفقه وأصول الفقه والتفسير، وفي علم الحديث مصطلحات ومقاييس كثيرة متعددة، وفي بحوث النفس والتربية والمجتمع والإدارة والاقتصاد والمحاسبة وغيرها، لا يخلو أيُّ علم من العلوم من موازين ومقاييس ومصطلحات خاصة، فلماذا؟ وهل تستقيم حياة الإنسان بغير تلك الموازين والمقاييس والمصطلحات؟ وهل من الممكن أن يتصور أن تكون الحياة المادية والعلمية لا تستغني عن الموازين والمقاييس والمصطلحات، ثم يستغني الإنسان في فكره ونفسيته وسلوكه عن مثل تلك الموازين والمقاييس والمصطلحات؟؟
كتبها للإذاعة وأعدها: خليفة محمد- الأردن