- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح60) تطبيق الحاكم للإسلام (نظام الحكم) (ج4)
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ السِّتينَ, وَعُنوَانُهَا: "تطبيق الحاكم للإِسلامِ (نِظَامِ الحُكْمِ)". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ السَّابِعَةِ وَالأربَعِينَ, وَالثَّامِنَةِ وَالأربَعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالـمِ وَالـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "وأمَّا بِالنِّسْبَةِ لأَجْهِزَةِ الحُكْمِ وَالإِدَارَةِ فِي الإِسلَامِ فإنّها ثَلاثَةَ عَشَرَ جهازًا، وَهِيَ: الخَلِيفَةُ وَهُوَ رَئِيسُ الدَّولَةِ، وَمُعَاوِنُ التَّفوِيضِ، وَمُعَاوِنُ التَّنفِيذِ، وَالوُلاةُ، وَأَمِيرُ الجِهَادِ "دائِرَةُ الحَرْبِيَّةِ - الجَيْشُ"، وَالأَمْنُ الدّاخِلِيُّ، وَالخَارِجِيَّةُ، وَالصِّناعَةُ، وَالقَضَاءُ، وَمَصَالِـحُ الدَّولَةِ، وَبَيْتُ المالِ، وَالإِعْلامُ، وَمَجلِسُ الأُمَّةِ. وَهذِهِ الأَجْهِزَةُ كانَتْ مَوْجُودَةً:
أمَّا الخَليفَةُ، فإنَّ الـمُسلِمِينَ لـَمْ يَمُرَّ عَلَيهِمْ زَمَنٌ لَـمْ يَكُنْ لَـهُمْ فِيهِ خَلِيفَةٌ، إِلاَّ بَعدَ أَنْ أَزَالَ الكَافِرُ الـمُسـتَعْمِرُ الخِـلَافَةَ عَلَى يَدِ مُصْطَفَى كَمَال سَنَةَ 1342 هجريَّةً و1924 مِيلَادِيَّةً. أمَّا قَبلَ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ خَلِيفَةُ الـمُسلِمِينَ دَائِمِيًّا لَا يَذْهَبُ خَلِيفَةٌ إِلاَّ وَقَدْ أَتَى بَعْدَهُ خَلِيفَةٌ، حَتَّى فِي أشدِّ عُصُورِ الهُبوطِ. وَمَتَى وُجِدَ الخَلِيفَةُ فَقَدْ وُجِدَتِ الدَّولَةُ الإِسلَامِيَّةُ، لِأنَّ الدَّولَةَ الإِسلَامِيَّةَ هِيَ الخَلِيفَةُ.
وَأمَّا الـمُعَاوِنُونَ فَقَدْ كَانُوا كَذَلِكَ مَوجُودِينَ فِي جَمِيعِ العُصُورِ، وَكَانُوا مُعَاوِنِينَ لَهُ فِي الحُكْمِ وَفِي التَّنفِيذِ وَلَم يَكُونُوا وُزَرَاءَ، وَإنَّهمْ وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيهِمْ فِي عَصْرِ العَبَّاسيِّينَ لَقَبُ وُزَرَاءَ, وَلكِنَّهُمْ كَانُوا مُعَاوِنِينَ. وَلَـمْ تَكُنْ لَـهُمْ صِفَةُ الوُزَارَةِ الـمَوجُودَةِ فِي الحُكْمِ الدِّيمُقرَاطِيِّ مُطلقًا، بَلْ كَانُوا مُعَاوِنِينَ فِي الحُكْمِ وَالتَّنفِيذِ بِتَفْوِيضٍ مِنَ الخَلِيفَةِ، وَالصَّلَاحِيَّاتُ كلُّهَا لِلخَلِيفَةِ.
وأمَّا الوُلاةُ وَالقُضَاةُ وَمَصَالِـحُ الدَّولَةِ فَإِنَّ وُجُودَهَا ثَابِتٌ. وَالكَافرُ حِينَ احتَلَّ البِلَادَ كَانَتْ أُمُورُهَا سَائِرَةً, وَفِيهَا الوُلَاةُ وَالقُضَاةُ, وَمَصَالحُ الدَّولَةِ الَّتِي كَانَتْ تُدِيرُ شُئُونَ النّاسِ مِنْ تَعْليمٍ وتَطْبِيبٍ وزِراعَةٍ وغَيْرِها.
وأمَّا أَمِيرُ الجِهَادِ "الجَيشِ" فَقَد كَانَ يَتَوَلَّى أُمُورَ الجَيشِ بِاعتِبَارِهِ جَيشًا إِسلَامِيًّا، وَكَانَ العَالَـمُ يَتَرَكَّزُ في ذِهْنِهِ أَنَّ الجَيشَ الإِسلَامِيَّ لا يُغْلَبُ.
وأمَّا الأمْنُ الدّاخليُّ فَقَدْ كَانَ يَتَوَلَّى حِفْظَ الأمْنِ بِوَاسِطَةِ الشُّرطةِ. وَأمَّا الخَارِجِيَّةُ فَكَانَتْ تَتَوَلَّى العَلَاقَاتِ الخَارجِيَّةَ وإرْسالَ الرُّسُلِ بِتَرْتِيبٍ مِنَ الخَليفَةِ. وأمّا دائِرَةُ الصِّناعَةِ فكانَتْ تَتَوَلّى تَصْنِيعَ الدَّوْلَةِ عَلَى أَساسِ الصِّناعَةِ الحَرْبِيَّةِ. وأمّا بَيْتُ المالِ فَهُوَ يتولَى شُئُونَ المالِ كَالزَّكاةِ وَمِلْكِيَّةِ الدَّوْلَةِ وَالمِلْكِيَّةِ العامّةِ. وَأَمّا الإِعْلامُ فَهُوَ جِهازٌ يُعْنَى بِالدَّعْوَةِ وَكَلِمَةِ الحَقِّ.
وأمَّا عملُ مجلسِ الأمةِ فإنَّهُ بَعدَ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لَمْ يُعْنَ بهِ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ أجْهِزَةِ الحُكْمِ, وَلَيسَ مِنْ قَوَاعِدِهِ، فَالشُّورَى حَقٌ مِنْ حُقُوقِ الرَّعِيَّةِ عَلَى الرَّاعِي، فَإِنْ لَم يَفْعَلْ بِهَا يَكُونُ قَدْ قَصَّرَ، وَلَكِنَّ الحُكْمَ يَبقَى حُكْمًا إِسلَاميًا. وَذَلِكَ لِأنَّ الشُّورَى هِيَ لِأَخْذِ الرَّأيِ, وَلَيسَتْ لِلحُكْمِ، بِخِلَافِهَا في مَجَالِسِ النُوَّابِ الديمقراطيَّةِ فَإِنَّها تُمَثِّلُ سِيَادَةَ الشَّعْبِ الَّتِي هِيَ القَاعِدَةُ الأَسَاسِيَّةُ فِي نِظَامِ الحُكْمِ فِي الـمَبدَأ الرَّأسْمَالِيِّ فِي حِينِ أَنَّ السَّيَادَةَ فِي الإِسلَامِ لِلشَّرعِ. وَمِنْ هَذَا يَتَبيَّنُ أنَّ نِظَامَ الحُكْمِ كَانَ مُطبَّقًا فِي الإِسلَامِ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يُوَاصِلُ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَعرِضِ بَحثِهِ لِلقِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ إِجَابَتَهُ عَنْ مَسألةٍ فِي غَايَةِ الأهَمِيَّةِ وَهِيَ: هَلْ طَبَّقَ الـمُسلِمُونَ الإِسلامَ, أمْ أنَّهُمْ كَانُوا يَعتَنِقُونَ عَقِيدَتَهُ وَيُطَبِّقُونَ غَيرَهُ مِنَ الأنظِمَةِ وَالأحكَامِ؟! وَيُمكِنُ إِجْمَالُ الإِجَابَةِ الوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الفَقْرَةِ بِالنُّقَاطِ الآتِيَةِ:
- يَقُومُ نِظَامِ الحُكْمِ فِي الإِسلامِ عَلَى ثَلاثَةَ عَشَرَ جهازًا، وَهِيَ: الخَلِيفَةُ وَهُوَ رَئِيسُ الدَّولَةِ، وَمُعَاوِنُ التَّفوِيضِ، وَمُعَاوِنُ التَّنفِيذِ، وَالوُلاةُ، وَأَمِيرُ الجِهَادِ "دائِرَةُ الحَرْبِيَّةِ - الجَيْشُ"، وَالأَمْنُ الدّاخِلِيُّ، وَالخَارِجِيَّةُ، وَالصِّناعَةُ، وَالقَضَاءُ، وَمَصَالِـحُ الدَّولَةِ، وَبَيْتُ المالِ، وَالإِعْلامُ، وَمَجلِسُ الأُمَّةِ.
- كَانَ هَذَا الجِهَازُ مَوجُودًا، فَإِنَّ الـمُسلِمِينَ لـَمْ يَمُرَّ عَلَيهِمْ زَمَنٌ لَـمْ يَكُنْ لَـهُمْ فِيهِ خَلِيفَةٌ، إِلاَّ بَعدَ أَنْ أَزَالَ الكَافِرُ الـمُسـتَعْمِرُ الخِـلَافَةَ عَلَى يَدِ مُصْطَفَى كَمَال سَنَةَ 1342 هجريَّةً و1924 مِيلَادِيَّةً.
- قَبلَ ذَلِكَ كَانَ خَلِيفَةُ الـمُسلِمِينَ دَائِمِيًّا, لا يَذْهَبُ خَلِيفَةٌ إِلاَّ وَقَدْ أتَى بَعدَهُ خَلِيفَةٌ، حَتَّى فِي أشَدِّ عُصُورِ الهُبُوطِ.
- الدَّولَةُ الإِسلامِيَّةُ هِيَ الخَلِيفَةُ, مَتَى وُجِدَ الخَلِيفَةُ فَقَد وُجِدَتِ الدَّولَةُ الإِسلامِيَّةُ.
- كَانَ الـمُعَاوِنُونَ كَذَلِكَ مَوجُودِينَ فِي جَمِيعِ العُصُورِ.
- كَانَ الـمُعَاوِنُونَ مُعَاوِنِينَ لِلخَلِيفَةِ فِي الحُكْمِ وَفِي التَّنفِيذِ, وَلَمْ يَكُونُوا وُزَرَاءَ.
- فِي عَصْرِ العَبَّاسِيِّينَ أُطْلِقَ عَلَى الـمُعَاوِنِينَ لَقَبُ وُزَرَاءَ, وَلَكِنَّهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ صِفَةُ الوُزَارَةِ الـمَوجُودَةُ فِي الحُكْمِ الدِّيمُقرَاطِيِّ مُطْلَقًا، بَلْ كَانُوا مُعَاوِنِينَ فِي الحُكْمِ وَالتَّنفِيذِ بِتَفوِيضٍ مِنَ الخَلِيفَةِ، وَالصَّلاحِيَّاتُ كُلُّهَا لِلخَلِيفَةِ.
- الوُلاةُ وَالقُضَاةُ وَمَصَالِـحُ الدَّولَةِ وُجُودَهَا ثَابِتٌ.
- حِينَ احتَلَّ الكَافرُ البِلَادَ كَانَتْ أُمُورُهَا سَائِرَةً, وَفِيهَا الوُلَاةُ وَالقُضَاةُ, وَمَصَالحُ الدَّولَةِ الَّتِي كَانَتْ تُدِيرُ شُئُونَ النّاسِ مِنْ تَعْليمٍ وتَطْبِيبٍ وزِراعَةٍ وغَيْرِها.
- كَانَ أَمِيرُ الجِهَادِ يَتَوَلَّى أُمُورَ الجَيشِ بِاعتِبَارِهِ جَيشًا إِسلَامِيًّا، وَكَانَ العَالَـمُ يَتَرَكَّزُ في ذِهْنِهِ أَنَّ الجَيشَ الإِسلَامِيَّ لا يُغْلَبُ.
- كَانَ الأمْنُ الدّاخليُّ يَتَوَلَّى حِفْظَ الأمْنِ بِوَاسِطَةِ الشُّرطةِ.
- كَانَتِ الخَارِجِيَّةُ تَتَوَلَّى العَلَاقَاتِ الخَارجِيَّةَ وإرْسالَ الرُّسُلِ بِتَرْتِيبٍ مِنَ الخَليفَةِ.
- كانَتِ دائِرَةُ الصِّناعَةِ تَتَوَلّى تَصْنِيعَ الدَّوْلَةِ عَلَى أَساسِ الصِّناعَةِ الحَرْبِيَّةِ.
- بَيْتُ المالِ يتولَى شُئُونَ المالِ كَالزَّكاةِ وَمِلْكِيَّةِ الدَّوْلَةِ وَالمِلْكِيَّةِ العامّةِ.
- الإِعْلامُ هُوَ جِهازٌ يُعْنَى بِالدَّعْوَةِ وَكَلِمَةِ الحَقِّ.
- بَعدَ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لَمْ يُعْنَ بِعَمَلِ مَجلِسِ الأُمَّةِ لأنَّهُ مِنْ أجْهِزَةِ الحُكْمِ وَلَيسَ مِنْ قَوَاعِدِهِ.
- الشُّورَى حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الرَّعِيَّةِ عَلَى الرَّاعِي، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْها الخَلِيفَةُ يَكُونُ قَدْ قَصَّرَ، وَلَكِنَّ الحُكْمَ يَبقَى حُكْمًا إِسلامِيًا.
- السِّيَادَةُ فِي الإِسلامِ لِلشَّرْعِ, وَالشُّورَى فِي الإسلام هِيَ لأخْذِ الرَّأيِ, وَلَيسَتْ لِلحُكْمِ.
- الشُّورَى فِي الـمَبدَأِ الرَّأسْمَالِيِّ, وَمَجَالِسِ النُوَّابِ الدِّيمُقرَاطِيَّةِ تُمَثِّلُ سِيَادَةَ الشَّعْبِ الَّتِي هِيَ القَاعِدَةُ الأَسَاسِيَّةُ فِي نِظَامِ الحُكْمِ. وَمِنْ هَذَا يَتبيَّنُ أنَّ نِظَامَ الحُكْمِ كَانَ مُطبَّقًا فِي الإِسلامِ.
بَقِيَ أنْ نَقُولَ: إِنَّ نِظَامَ الحُكْمِ فِي الإِسلامِ نِظَامٌ مُتَمَيِّزٌ يَختَلِفُ عَنْ سَائِرِ أنظِمَةِ الحُكْمِ الـمَوجُودَةِ فِي العَالـمِ, وَسَبَبُ اختِلافِهِ عَنهَا يَرجِعُ فِي جَوهَرِهِ وَحَقِيقَتِهِ إِلَى كَونِهِ نِظَامًا لَيسَ مِنْ عِندِ البَشَرِ, وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ تَعَالَى خَالِقِ الكَونِ كُلَّهِ, وَرَبِّ العَالـمِينَ, رَبِّ البَشَرِ وَالخَلْقِ أجْمَعِينَ, فَهُوَ لَيسَ نِظَامًا مَلَكِيًّا وِرَاثِيًّا, وَلَيسَ نِظَامًا جُمهُورِيًّا دِيِمُقرَاطِيًّا, وَلَيسَ نِظَامًا امبِرَاطُورِيًّا. نِظَامُ الحُكْمِ فِي الإِسلامِ لَيسَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الأنظِمَةِ التَّيِ وَضَعَهَا البَشَرُ لأنفُسِهِمْ, فَجَلَبَتْ لَهُمُ الشَّقَاءَ وَالتَّعَاسَةَ, نِظَامُ الحُكْمِ فِي الإِسلامِ نِظَامٌ مِنْ عِندِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ, العَلِيمِ الخَبِيرِ بِمَا يَصلُحُ لِخَلْقِهِ, فَهُوَ أعلَمُ بِمَا يَنفَعُهُمْ وَمَا يَضُرُّهُمْ, قَالَ تعَالىَ: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)؟ (الملك 14) نِظَامُ الحُكْمِ فِي الإِسلامِ نِظَامٌ أوْحَى اللهُ بِهِ إِلَى رَسُولِهِ وهو "نِظَامُ الخِلافَةِ" طبقه رسول الله r عَمَلِيًّا, فَكَانَ أثنَاءَ حَيَاتِهِ هُوَ رَئِيسَ الدَّولَة, وَلَمَّا التَحَقَ بِالرَّفِيقِ الأعْلَى طَبَّقَ الصَّحَابَةُ نِظَامَ الحُكْمِ هَذَا ألا وَهُوَ نِظَامُ الخِلافَةِ عَلَى مِنهَاجِ النُّبوَّةِ. وَلَفظُ "الخِلافَةِ" مُصطَلَحٌ شَرعِيٌّ وَرَدَ ذِكرُهُ فِي آيَاتِ القُرآنِ الكَرِيمِ, وَالأحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ. سَنَأتِي عَلَى ذِكرِهَا وَبَيَانِهَا فِي حَلْقَاتٍ مُقبِلَةٍ, إِنْ يَسَّرَ اللهُ لِقَاءَنَا بِكُمْ وَكَانَ فِي العُمُرِ بَقِيَّةُ!!
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الـمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.
وسائط
1 تعليق
-
بوركتم أستاذنا الفاضل وبوركت جهودكم المميزة