الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح103) مشروع الدستور - أحكام عامّة - أهل الذمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح103)  مشروع الدستور - أحكام عامّة - أهل الذمة

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّالِثَةِ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "مَشرُوعُ الدُّستُور - أحكَامٌ عَامَّة". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّانِيَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 5- جَمِيعُ الَّذِينَ يَحمِلُونَ التَّابِعِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ يَتَمَتَّعُونَ بِالحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ.

 

المادة 6- لا يَجُوزُ لِلدَّولَةِ أنْ يَكُونَ لَدَيهَا أيُّ تَميِيزٍ بَينَ أفرَادِ الرَّعِيَّةِ فِي نَاحِيَةِ الحُكْمِ أوِ القَضَاءِ أو رِعَايَةِ الشُّؤُونِ أوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ أنْ تَنظُرَ لِلجَمِيعِ نَظْرَةً وَاحِدَةً بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ العُنصُرِ أوِ الدِّينِ أوِ اللَّونِ أوْ غَيرَ ذَلِكَ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ حَتَّى يَدرُسَهُ الـمُسلِمُونَ وَهُمْ يَعْمَلُونَ لإِقَامَتِهَا, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيهِمْ, وَهَاتَانِ هُمَا الـمَادَّتَان الخَامِسَةُ والسَّادِسَةُ مِنهُ, وَإِلَيكُمْ أَدِلَّةَ هَاتَينِ الـمَّادَّتَينِ مِنْ خِلَالِ النُّقَاطِ الآتِيَةِ:

 

1- هَاتَانِ الـمَادَّتَانِ وُضِعَتَا حَسَبَ أحْكَامِ الذِّمِّيِّ, وَحَسَبَ أحكَامِ دَارِ الإِسلامِ وَدَارِ الكُفْرِ. أمَّا بِالنِّسبَةِ لِلذِّمِّيِّ فَهُوَ كُلُّ مَنْ يَتَدَيَّنُ بِغَيرِ الإِسلامِ, وَصَارَ مِنْ رَعِيَّةِ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ, وَهُوَ بَاقٍ عَلَى تَدَيُّنِهِ بِغَيرِ الإِسلامِ.

 

2-وَالذِّمِّيُّ مَأخُوذٌ مِنَ الذِّمَّةِ وَهِيَ العَهْدُ، فَلَهُمْ فِي ذِمَّتِنَا عَهْدٌ أنْ نُعَامِلَهُمْ حَسَبَ مَا صَالَحْنَاهُمْ عَلَيهِ، وَأنْ نَسِيرَ فِي مُعَامَلَتِهِمْ وَرِعَايَةِ شُؤُونِهِمْ حَسَبَ أحْكَامِ الإِسلامِ.

 

3-وَقَدْ جَاءَ الإِسلامُ بِأحْكَامٍ كَثِيرَةٍ لأهْلِ الذِّمَّةِ ضَمِنَ لَهُمْ فِيهَا حُقُوقَ الرَّعِيَّةِ وَوَاجِبَاتِهَا. وَإِنَّ أهْلَ الذِّمَّةِ لَهُمْ مَا لَنَا مِنَ الإِنصَافِ، وَعَلَيهِمْ مَا عَلَينَا مِنَ الانتِصَافِ:

 

أ‌- أمَّا أنَّ لَهُمْ مَا لَنَا مِنَ الإِنصَافِ فَذَلِكَ آتٍ مِنْ عُمُومِ قَولِهِ تَعَالَى: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَينَ النَّاسِ أنْ تَحكُمُوا بِالعَدْلِ) وَقَولِهِ جَلَّ شَأنُهُ: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَومٍ أَلاَّ تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وَقَولِهِ عَنِ الحُكْمِ بَينَ أهْلِ الكِتَابِ: (وَإِذَا حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَينَهُمْ بِالقِسْطِ).

 

ب‌- وَأمَّا أنَّ عَلَيهِمْ مَا عَلَينَا مِنَ الانتِصَافِ فَذَلِكَ آتٍ مِنْ أنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يُوقِعُ العُقُوبَةَ عَلَى الكُفَّارِ كَمَا يُوقِعُهَا عَلَى الـمُسلِمِينَ، فَقَدْ قَتَلَ الرَّسُولُ صلى اللهُ عليه وسلم يَهُودِيًا عُقُوبَةً عَلَى قَتلِهِ امرَأةً، وَأُتِيَ لَهُ عَلَيهِ الصلاة والسَّلامُ بِرَجُلٍ وَامرَأةٍ يَهُودِيَّينِ قَدْ زَنَيَا فَرَجَمَهُمَا.

 

4- وَلأهْلِ الذِّمَّةِ عَلَينَا مِنَ الحِمَايَةِ ما لِلمُسلِمِينَ، لِقَولِ رَسُولِ اللهِ r : «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدَةً لَهَا ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ فَقَد أخْفَرَ ذِمَّةَ اللهِ, وَلا يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ خَرِيفًا». وَقَد أُتِيَ لِرَسُولِ اللهِ r بِمُسلِمٍ قَتَلَ يَهُودِيًا فَقَتَلَهُ وَقَالَ: «نَحنُ أحَقُّ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ».

 

5- وَلأهلِ الذِّمَّةِ مِنْ رِعَايَةِ شُؤُونِهِمْ, وَضَمَانَةِ مَعَاشِهِمْ مَا لِلمُسلِمِينَ، عَنْ أبِي وَائِلٍ عَنْ أبِي مُوسَى أو أحَدِهِمَا بِإِسنَادِهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «أطعِمُوا الجَائِعَ وَعُودُوا المَرِيضَ وَفُكُّوا العَانِي».

 

6-قَالَ أبُو عُبَيدٍ: "وَكَذَلِكَ أهْلُ الذِّمَّةِ يُجَاهَدُ مِنْ دُونِهِمْ، وَيُفتَكُّ عُنُاتُهُمْ، فَإِذَا استُنقِذُوا رَجَعُوا إِلَى ذِمَّتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ أحْرَارًا وَفِي ذَلِكَ أحَادِيثُ". وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «صَالَحَ رَسُولُ اللهِ r أهْلَ نَجرَانَ». وَمِمَّا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: «عَلَى أنْ لا يُهدَمَ لَهُمْ بِيعَةٌ، وَلا يُخرَجُ لَهُمْ قِسٌّ، وَلا يُفتَنُونَ عَنْ دِينِهِمْ، مَا لَمْ يُحدِثُوا حَدَثًا، أو يَأكُلُوا الرِّبَا».

 

7- وَكَانَ r يَعُودُ مَرضَاهُمْ، عَنْ أنَسٍ قَالَ: «كَانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخدِمُ رَسُولَ اللهِ r فَمَرِضَ فَأتَاهُ النَّبِيُّ r يَعُودُهُ». مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ زِيَارَتِهِمْ وَمُجَامَلَتِهِمْ وَإِدخَالِ الأُنْسِ عَلَيهِمْ.

 

8- وَقَالَ عَلِيٌّ t : "إِنَّمَا بَذَلُوا الجِزْيَةَ؛ لِتَكُونَ أمْوَالُهُمْ كَأموَالِنَا وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا. وَعَنْ عَمْرو بْنِ مَيمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ t أنَّهُ قالَ فِي وَصِيَّتِهِ عِندَ مَوتِهِ: "وَأُوصِيْ الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِكَذَا وَكَذَا وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ, وَذِمَّةِ رَسُولِ اللهِ r خَيرًا، أنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأنْ لا يُكَلَّفُوا فَوقَ طَاقَتِهِمْ".

 

9-وَيُترَكُ الذِّمِّيونَ وَمَا يَعتَقِدُونَ وَمَا يَعبُدُونَ لِقَولِ رَسُولِ اللهِ r : «مَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ وَنَصرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لا يُفتَنُ عَنهَا».

 

10-لا يُؤخَذُ مِنَ الذِّمِّيينَ ضَرَائِبُ جَمَارِكَ كَمَا لا يُؤخَذُ مِنَ المُسلِمِينَ، عَنْ عَبدِ الرَّحمَنِ بْنِ مَعقِلٍ قَالَ: "سَألْتُ زِيَادَ بْنَ حُدَيرٍ: مَنْ كُنتُمْ تَعْشُرُونَ؟ قَالَ: مَا كُنَّا نَعْشُرُ مُسلِمًا, وَلا مُعَاهِدًا. قُلْتُ: "فَمَنْ كُنتُمْ تَعشُرُونَ؟ قَالَ: تُجَّارَ الحَرْبِ كَمَا كَانُوا يَعشُرُونَنَا إِذَا أتَينَاهُمْ"، وَالعَاشِرُ هُوَ الَّذِي يَأخُذُ ضَرِيبَةَ الجَمَارِكِ.

 

11-وَهَكَذَا يَكُونُ الذِّمِّيُونَ رَعِيَّةَ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ كَسَائِرِ الرَّعِيَّةِ, لَهُمْ حَقُّ الرَّعَوِيَّةِ, وَحَقٌّ الحِمَايَةِ, وَحَقُّ ضَمَانِ العَيشِ, وَحَقُّ الـمُعَامَلَةِ بِالحُسنَى, وَحَقُّ الرِّفْقِ وَاللِّينِ.

 

12- لِلذِّمِّيين أنْ يَشتَرِكُوا فِي جَيشِ الـمُسلِمِينَ وَيُقَاتِلُوا مَعَهُمْ, وَلَكِنْ لَيسَ عَلَيهِمْ وَاجِبُ القِتَالَ, وَلا وَاجِبُ المَالِ سِوَى الجِزْيَةِ, فَلا تُفرَضُ عَلَيهِمُ الضَّرَائِبُ الَّتِي تُفرَضُ عَلَى الـمُسلِمِينَ.

 

13- يُنظَرُ إِلَى الذِّمِّيين أمَامَ الحَاكِمِ وَالقَاضِي, وَعِندَ رِعَايَةِ الشُّؤُونِ وَحِينَ تَطبِيقِ الـمُعَامَلاتِ وَالعُقُوبَاتِ كَمَا يُنظَرُ لِلمُسلِمِينَ دُونَ أيِّ تَميِيز.

14يَتَمَتَّعُ الذِّميُّ بِمَا لَهُ مِنْ حُقُوقٍ تَمَامًا كَالـمُسلِمِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَيَتَمَتَّعُ بِالوَاجِبَاتِ الَّتِي عَلَيهِ مِنَ الوَفَاءِ بِعَهْدِ الذِّمَّةِ وَالطَّاعَةِ لأوَامِرِ الدَّولَةِ. هَذَا بِالنِّسبَةِ لأحكَامِ الذِّمِّيِّ.

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالسبت, 10 أيلول/سبتمبر 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع