الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح199)مناصب ووظائف الدولة التي يجوز أن تعين فيها المرأة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح199) مناصب ووظائف الدولة التي يجوز أن تعين فيها المرأة

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ التَّاسِعَةِ وَالتِّسْعِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"مَنَاصِبُ وَوَظَائِفُ الدَّولَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَتَعَيَّنَ فِيهَا الـمَرأَةُ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِيالصَّفحَةِ العِشْرِينِ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 115:يَجُوزُ لِلْمَرأَةِ أَنْ تُعَيَّنَ فِي وَظَائِفِ الدَّولَةِ، وَفِي مَنَاصِبِ القَضَاءِ مَا عَدَا قَضَاءَ الـمَظَالِـمِ، وَأَنْ تَنْتَخِبَ أَعْضَاءَ مَجْلِسِ الأُمَّةِ وَأَنْ تَكُونَ عُضْوًا فِيهِ، وَأَنْ تَشْتَرِكَ فِي انتِخَابِ الخَلِيفَةِ وَمُبَايَعَتِهِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الـمِائَةِ.وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

المادة 115: دَلِيلُهَا هُوَ دَلِيلُ الإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الـمُوَظَّفَ أَجِيرٌ, وَالقَاضِي أَجِيرٌ. وَدَلِيلُ الإِجَارَةِ جَاءَ عَامًّا, وَجَاءَ مُطْلَقًا: فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَـبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ».(أَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَه مِنْ طَرِيقِ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ)، فَلَفْظُ الأَجِيِر هُنَا لَفْظٌ عَامٌّ يَشْمَلُ الـمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ. وَكَذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبَّهِ: «ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» إِلَى أَنْ قَالَ: «وَرَجُلٌ اسْـتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْـتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ»، وَلَفْظُ (أَجِيرًا) هُنَا مُطْلَقٌ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَالـمَرْأَةَ. وَتَعرِيفُ الإِجَارَةِ هُوَ أَنَّـهَا (عَقْدٌ عَلَى الـمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ)، وَالعَمَلُ فِي دَوَائِرِالحُكُومَةِ، وَالعَمَلُ فِي القَضَاءِ، هُوَ مَنْفَعَةٌ يَجرِي عَلَيهَا العَقْدُ بَينَ الدَّولَةِ واَلـمُوَظَّفِ مُقَابِلَ عِوَضٍ هُوَ رَاتِبُهُ، وَقَدْ وَلَّى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ الشِّفَاءَ امْرَأَةً مِنْ قَومِهِ قَضَاءَ الحِسْبَةِ فِي الـمَدِينَةِ، غَيرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرأَةِ أَنْ تَتَوَلَّى قَضَاءَ الـمَظَالِـمِ، وَلَا قَاضِيَ القُضَاةِ الـمَسئُولِ عَنْ قَضَاءِ الـمَظَالِـمِ لِأَنَّهُ مِنَ الحُكْمِ.

 

وَأَمَّا مَجْلِسُ الأُمَّةِ فَهُوَ لِلشُّورَى وَالـمُحَاسَبَةِ، وَالشُّورَى ثَابِتَةٌ بِالدَّلِيلِ العَامِّ: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)(آل عمران 159)، (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينَهُمْ). (الشورى 38) وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم حِينَ امْتَنَعَ الـمُسْلِمُونَ عَنِ الحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَقَالَ لَـهَا: «لَقَدْ هَلَكَ الْمُسْلِمُونَ».(رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ الـمُسَوِّرِ بْنِ مَخْرَمَةَ, وَقَصَّ عَلَيهَا مَا حَدَثَ، فَقَالَتْ لَهُ: احْلِقْ فَإِنَّهُمْ لَا يُخَالِفُونَكَ، فَفَعَلَ، فَقَامُوا فَحَلَقُوا وَقَصَّرُوا، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: عَجِّلْ بِالسَّفَرِ بِهِمْ، فَفَعَلَ. فَهُوَ قَدْ أَخَذَ رَأْيَ امْرَأَةٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ رَأْيُهَا فِي كُلِّ شَيءٍ فِي السِّيَاسَةِ وَغَيرِهَا.

 

وَعُضْوُ مَجْلِسِ الشُّورَى إِنَّـمَا هُوَ وَكِيلٌ بِالرَّأْيِ، وَالوِكَالَةُ جَائِزَةٌ لِلْمَرأَةِ كَمَا هِيَ جَائِزَةٌ لِلرَّجُلِ، لِعُمُومِ دَلِيلِهَا. وَكَذَلِكَ الـمُحَاسَبَةُ فَنُصُوصُ الأَمْرِ بِالـمَعْرُوفِ, وَالنَّهْيِ عَنِ الـمُنْكَرِ عَامَّةٌ تَشْمَلُ الرَّجُلَ وَالـمَرْأَةَ، رَوَى مُسْلِمُ عَنْ أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالُوا: أَفَلاَ نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لا مَا صَلَّوْا». وَالصَّلَاةُ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الحُكْمِ بِالإِسْلَامِ, وَالحَدِيثُ عَامٌّ لِلرَّجُلِ وَالـمَرْأَةِ. وَكَمَا حَاسَبَ الرِّجَالُ الحَاكِمَ كَذَلِكَ حَاسَبَتِ النِّسَاءُ.

 

أَمَّا عَنْ مُحَاسَبَةِ الرِّجَالِ الحَاكِمَ، فَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمُ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبـُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ: وَاللهِ، لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ، لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْـتُهُمْ عَلَى مَـنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَوَاللهِ، مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ». وَأَمَّا عَنْ مُحَاسَبَةِ النِّسَاءِ الحَاكِمَ فَقَدْ أَنْكَرَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه نَـهْيَهُ عَنْ أَنْ يَزِيدَ النَّاسُ فِي الـمُهُورِ عَلَى أَرْبَعِمَائِةِ دَرْهَمٍ، فَقَالَتْ لَهُ: لَيسَ هَذَا لَكَ يَا عُمَرُ: أَمَا سَمِعْتَ قَولَ اللهِ سُبْحَانَهُ: (وَآتَيتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأخُذُوا مِنهُ شَيئًا). (النساء20) فَقَالَ: أَصَابَتِ امْرَأَةٌ وَأَخْطَأَ عُمَرُ، ذَكَرَهُ القُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَالآمِدِيُّ فِي إِحْكَامِهِ, وَالغَزَالِيُّ فِي مُسْتَصْفَاهُ.

 

وَأَمَّـا انِتَخـَابُهَا لِلخَلِيفَةِ وَبَيعَتُهَا لَهُ, فَإِنَّ حَدِيـثَ أُمِّ عَطِيَّةَ صَرِيحٌ فِي بَيعَةِ النِّسَاءِ، أَخْـَرجَ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «بَايَعْـنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ عَلَيْنَا أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَـيْئًا وَنَهَانَا عَنِ النِّـيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا ... إِلَى نِهَايَةِ الحَدِيثِ». وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الآيَةِ الكَرِيمَةِ: (إِذَا جَاءَكَ الـمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ).(الممتحنة 12) فَهِيَ صَـِريحَـةٌ فِي بَيعَةِ النِّسَاءِ، وَلِهَذَا جَـازَ لَـهَا أَنْ تَـْنتَـخِـبَ الخَلِيفَةَ, وَأَنْ تُبَايِعَهُ.

 

903

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

آخر تعديل علىالجمعة, 16 كانون الأول/ديسمبر 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع