الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح203) تعاون الزوجين في القيام بأعمال البيت, كفالة الصغار واجبة على المرأة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح203)  تعاون الزوجين في القيام بأعمال البيت, كفالة الصغار واجبة على المرأة

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ المِائَتَينِ, وَعُنوَانُهَا:"مَنَاصِبُ وَوَظَائِفُ الدَّولَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَتَعَيَّنَ فِيهَا الـمَرأَةُ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الوَاحِدَةِ وَالعِشْرِينَبَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 121: يَتَعَاوَنُ الزَّوجَانِ فِي القِيَامِ بِأَعْمَالِ البَيْتِ تَعَاوُنًا تَامًّا، وَعَلَى الزَّوجِ أَنْ يَقُومَ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الَّتِي يُقَامُ بِـهَا خَارِجَ البَيتِ، وَعَلى الزَّوجَةِ أَنْ تَقُومَ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الَّتِي يُقَامُ بِـهَا دَاخِلَ البَيْتِ حَسَبَ استِطَاعَتِهَا. وَعَلَيهِ أَنْ يـُحْضِرَ لَـهَا خُدَّامًا بِالقَدْرِ الَّذِي يَكْفِي لِقَضَاءِ الحَاجَاتِ الَّتِي لَا تَستَطِيعُ القِيَامَ بـِهَا.

 

المادة 122: كَفَالَةُ الصِّغَارِ وَاجِبٌ عَلَى الـمَرْأَةِ وَحَقٌّ لَـهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُسْلِمَةً أَمْ غَيرَ مُسْلِمَةٍ مَا دَامَ الصَّغِيرُ مُحْتَاجًا إِلَى هَذِهِ الكَفَالَةِ. فَإِنِ استَغْنَى عَنهَا يُنْظَرْ: فَإِنْ كَانَتِ الحَاضِنَةُ وَالوَلِيُّ مُسْلِمَينِ خُـيِّرَ الصَّغِيرُ فِي الإِقَامَةِ مَعَ مَنْ يُرِيدُ, فَمَنْ يَخْتَارُهُ لَهُ أَنْ يَنْضَمَّ إِلَيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّجُلُ أَمِ الـمَرْأَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي الصَّغِيرِ بَينَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَو أُنْثَى. أَمَّا إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيرَ مُسْلِمٍ, فَلَا يُخَيَّرُ بَينَهُمَا, بَلْ يُضَمُّ إِلَى الـمُسْلِمِ مِنْهُمَا.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَاتان هما الـمَادَّتَانِ: الوَاحِدَةُ وَالعِشْرُونَ, وَالثَّانِيَةُ وَالعِشْرُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

أولا: المادة 121: دَلِيلُ هَذِهِ الـمَادَّةِ فِعْلُ الرَّسُولِ وَقَولُهُ r فِإِنَّهُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «قَضَى عَلَى ابْـنَتِهِ فَاطِمَةَ بِخِدْمَةِ البَـيْتِ. وَعَلَى عَلِيٍّ مَا كَانَ خَارِجَ البَـيْتِ». (أَخرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيبَةَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنَ حَبِيبٍ) وَمَعَ أَنَّ فِي سَنَدِ الحَدِيثِ أَبَا بَكْرٍ بِنِ مَرْيَمَ الغَسَّـانِيَّ إِلَّا أَنَّ الحَدِيثَ أَخَـذَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ عَنهُ ابنُ حَجَرْ فِي الفَتْحِ"إِنَّ ذَلِكَ مُسْتَنبَطٌ مِنْ حَدِيثِ: «عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ r  تَسْأَلُهُ خَادِمًا, فَدَلَّـهَا عَلَى مَا تَقُولُهُ حِينَ تَأْخُذُ مَضْجَعَهَا». وَالحَدِيثُ أَخرَجَهُ البُخَارِيًّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهَذَا نَصُّهُ: «أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَم أَتَتِ النَّبِيَّ r تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَـيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, وَتُكَـبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ, ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ فَمَا تَرَكْـتُهَا بَعْدُ. قِيلَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلاَ لَـيْلَةَ صِفِّينَ». وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ خِدْمَةِ الـمَرأَةِ فِي بَيتِهَا لِأَنَّ طَلَبَهَا الخَادِمَ دَلِيلُ ثِقَلِ العَمَلِ عَلَيهَا فِي البَيتِ، وَلَو كَانَتِ الخِدْمَةُ غَيرَ وَاجِبَةٍ عَلَيهَا لَـمَا كَانَ لِثِقَلِ الخِدْمَةِ دَلَالَةٌ، لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ عِندَئِذٍ مُلْزَمَةً بِالخِدْمَةِ، فَلَا ثِقَلَ وَلَا مَشَقَّةَ إِذَنْ، لَولَا الوُجُوبُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّوجَةَ تَقُومُ بِأَعْمَالِ البَيتِ قَدْرَ طَاقَتِهَا، فَإِذَا احتَاجَتْ لِخَادِمٍ أَوْ أَكْثَرَ أَحْضَرَ لَـهَا، بِدَلِيلِ طَلَبِ فَاطِمَةَ مِنَ الرَّسُولِ r . وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّوجَ يَقُومُ بِالأَعْمَالِ الَّتِي خَارِجَ البَيتِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ وُجِدَ التَّعَاوُنُ بَينَهُمَا.

 

ثانيا: المادة 122:دَلِيلُ هَذِهِ الـمَادَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَـنْـتَزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ r: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَـنْكِحِي». (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيًّ). فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الأُمَّ أَحَقُّ بِالوَلَدِ مَا دَامَ لَا يَستَغْنِي عَنِالحَضَانَةِ، إِذِ الرَّسُولُ r قَدْ حَكَمَ لَـهَا بِحَضَانَتِهِ مَا دَامَتْ غَيرَ مُتَزَوِّجَةٍ، وَلَـمْ يُخَيِّرِ الطِّفْلَ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الحَضَانَةِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيبَةَ عَنْ عُمَرَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ, ثُمَّ أَتَى عَلَيهَا وَفِي حِجْرِهَا عَاصِمُ, فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنهَا، فَتَجَاذَبَاهُ بَينَهُمَا حَتَّى بَكَى الغُلَامُ، فَانطَلَقَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ: "مَسْحُهَا وَحِجْرُهَا وَرِيحُهَا خَيرٌ لَهُ مِنْكَ حَتَّى يَشِبَّ الغُلَامُ فَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ". فَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَستَغْنِي عَنِ الحَضَانَةِ حَضَانَتُهُ حَقٌّ لِأُمِّهِ. وَوَاجِبٌ عَلَيهَا. وَمِثْلُهَا أُمُّهَا وَجَدَّتُهَا، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَهُنَّ حَقُّ الحَضَانَةِ. فَإِذَا كَبُرَ الصَّغِيرُ بِأَنْ كَانَ فِي سِنِّ الفِطَامِ فَمَا فَوقَ حَسَبَ تَحْقِيقِ مَنَاطِ استِغْنَائِهِ عَنِ الحَضَانَةِ أَوْ عَدَمِ استِغْنَائِهِ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ فِي الأَولَادِ بِاختِلَافِ حَالِـهِمْ، فَقَدْ يَستَغْنِي وَلَدٌ وَهُوَ فِي سِنِّ خَمْسِ سِنِينَ، وَيَسْتَغْنِي آخَرُ فِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ حَسَبَ تَقْدِيرِ الخُبَرَاءِ. وَعَلَيهِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنِ الحَضَانَةِ، يُخَيَّرُ بَينَ أَبَوَيهِ، رَوَى أَبُو هُرَيرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ r خَـيَّرَ غُلامًا بَـيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ». (أخرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ). وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ قَالَ: «... أَنِّي سَمِعْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ وَقَدْ نَـفَعَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ... هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ, فَخُذْ بِيَدِ أَيـِّهِمَا شِئْتَ، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ».

 

فَهَذِهِ الأَدِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الوَلَدَ بِنْتًا كَانَ أَمْ صَبِيًا إِذَا بَلَغَ سِنَّ الفِطَامِ فَمَا فَوقَهَا وَاسْتَغْنَى عَنِ الحَضَانَةِ يُخَيَّرُ بَينَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عُمُرُهُ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ أَمْ أَكْثَرَ مَا دَامَ قَدْ وَصَلَ حَدَّ الاستِغْنَاءِ عَنِ الحَضَانَةِ. وَإِذَا لَـمْ يَسْتَغْنِ عَنِ الحَضَانَةِ يُحكَمْ بِهِ لِأُمِّهِ وَلَا يُخَيَّرْ. إِلَّا أَنَّ الـمَرْأَةَ كَالأُمِّ مَثَلًا إِذَا كَانَتْ كَافِرَةً وَطَلَبَتْ حَضَانَةَ وَلَدِهَا، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الوَلَدُ فِي سِنِّ الحَضَانَةِ أَيْ دُونَ سِنِّ الفِطَامِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَـهَا بِهِ كَالـمُسْلِمَةِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ لِعُمُومِ الحَدِيثِ السَّابِقِ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَـنْكِحِي»، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الوَلَدُ فَوقَ سِنِّ الحَضَانَةِ بِأَنْ كَانَ فِي سِنِّ الفِطَامِ فَمَا فَوقَ, وَكَانَ يَستَغْنِي عَنِ الحَضَانَةِ, فَإِنَّهُ لَا يُخَيَّرُ, بَلْ يُحْكَمْ بِهِ لِلْمُسْلِمِ مِنَ الزَّوجَينِ، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوجَةُ هِيَ الـمُسْلِمَةُ حُكِمَ لَـهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوجُ هُوَ الـمُسْلِمُ حُكِمَ لَهُ بِهِ لِقَولِهِ تَعَالَى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلكَافِرِينَ عَلَى الـمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا). (النساء) ، وَالحَضَانَةُ تَجْعَلُ لِلحَاضِنِ سَبِيلًا عَلَى الـمُسْلِمِ، وَلِقَولِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الإِسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى». (أَخرَجَهُ الدَّارقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَائِذِ الـمُزْنِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ)، وَالحَاضِنُ يَعْلُو عَلَى الغُلَامِ، وَلِأَنَّ إِبْقَاءَ الوَلَدِ تَحْتَ يَدِ الكَافِرِ يُلَقِّنُهُ الكُفْرَ لَا يَجُوزُ، وَلِذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهُ.

 

أَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَـِّدِهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانَ: «أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ r فَقَالَتِ: ابْـنَتِي، وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ شَبَهُهُ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْـنَتِي، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ r : اقْعُدْ نَاحِيَةً، وَقَالَ لَهَا: اقْعُدِي نَاحِيَةً، قَالَ: وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَـيْـنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوَاهَا، فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ r : اللَّهُمَّ اهْدِهَا، فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا». وَهَذَا الحَدِيثُ قَدْ صَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ وَذَكَرَ الدَّارقُطْنِيُّ أَنَّ البِنْتَ الـمُخَيَّرَةَ اسْمُهَا عُمَيرَةَ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ هَذَا الحَدِيثَ رِوَايَةً أُخرَى فَقَدْ أَخرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْ عَبدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرَ الأَنْصَارِيَّ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَ ابْنٌ لَهُمَا صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ، فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ r الأَبَ هَا هُنَا, وَالأُمَّ هَا هُنَا، ثُمَّ خَـيَّرَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ، فَذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ». وَقَالَ ابْنُ الجَوزِيِّ فِي هَاتَينِ الرِّوَايَتَينِ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ غُلَامًا أَصَحُّ.فَإِنَّ الرَّسُولَ r لَـمْ يَرْضَ بِـمَا اختَارَ الغُلَامُ, بَلْ دَعَا لَهُ فَاختَارَ أَبَاهُ الـمُسْلِمَ، أَيْ أَنَّ الطِّفْلَ يُضَمُّ إِلَى الـمُسْلِمِ مِنْ أَبَوَيهِ.

 

maram203

 

أيها المؤمنون:

  

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالإثنين, 19 كانون الأول/ديسمبر 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع