الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول
(ح 33)
الأمور التي تطلب العقيدة الإسلامية الإيمان بها

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:
أيها المؤمنون:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثالِثَةِ وَالثلاثين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "الأمور التي تطلب العقيدة الإسلامية الإيمان بها".


يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "والناظر في الأمور التي تطلب العقيدة الإسلامية الإيمان بها يجد أن الإيمان بالله دليله عقلي، لأن موضوعه محسوس تدركه الحواس وهو وجود خالق للموجودات المدركة المحسوسة. ولكن الإيمان بالملائكة دليله نقلي لأن وجود الملائكة لا تدركه الحواس إذ الملائكة غير مدركة بذاتها وغير مدرك أي شيء يدل عليها. وأما الإيمان بالكتب فينظر فيه فإن كان المراد الإيمان بالقرآن فإن دليله عقلي لأن القرآن مدرك محسوس وإعجازه مدرك محسوس في كل عصر. وإن كان المراد الإيمان بغيره من الكتب كالتوراة والإنجيل والزبور فدليله نقلي لأن هذه الكتب غير مدرك كونها من عند الله في كل عصر بل أدرك كونها من عند الله حين وجود الرسول الذي جاء بها، من المعجزات التي جاءت. وقد انتهت هذه المعجزات بانتهاء وقتها، فلا تدرك من بعد أصحابها، بل ينقل الخبر الذي يقول أنها من عند الله وأنها نزلت على الرسول. ولذلك كان دليلها نقليًا وليس عقليًا لعدم إدراك العقل في كل عصر أنها كلام الله لعدم إدراكه إعجازها حساً. والإيمان بالرسل جميعهم مثل ذلك فإن الإيمان بالرسول محمد دليله عقلي لأن إدراك كون القرآن كلام الله وكونه قد جاء به محمد شيء يدركه الحس فيدرك من إدراك القرآن أن محمداً رسول الله. وذلك متوفر في كل عصر وفي كل جيل. وأما الإيمان بسائر الأنبياء فدليله نقلي لأن دليل نبوة الأنبياء هو معجزاتهم وهي لم يحس بها غير من كانوا في زمنهم. أما من جاء بعدهم حتى الآن وحتى قيام الساعة فلم يحسوا بهذه المعجزات، فلم يثبت له دليل محسوس على نبوتهم، فلم يكن دليل عقلي على نبوتهم بل دليل نبوتهم نقلي. وأما دليل نبوة سيدنا محمد وهو معجزته فهو موجود ومحسوس وهو القرآن، ولذلك كان دليله عقلياً. وأما دليل اليوم الآخر فهو نقلي لأن يوم القيامة غير محسوس. ولا يوجد شيء محسوس يدل عليه، فلا يوجد له دليل عقلي بل دليله نقلي. وأما القضاء والقدر فدليله عقلي لأن القضاء يتعلق بأمرين: الأول ما يقتضيه نظام الوجود وهذا دليله عقلي لأنه متعلق بالخالق، والأمر الثاني هو فعل الإنسان الذي يقع منه أو عليه جبراً عنه، وهو شيء محسوس يدركه الحس فدليله عقلي. والقدر هو الخاصية التي يحدثها الإنسان في الشيء كالإحراق الذي في النار، والقطع الذي في السكين. وهذه الخاصية شيء محسوس يدركه الحس، فدليل القدر إذاً عقلي.".


ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: اللهم اغننا بالعلم، وزينا بالحلم، وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية.


يَا مَن لَهُ عَنَتِ الوُجُوهُ بِأسْرِهَا ... رَغَبــًا وَكُـلُّ الكَائِنَــاتِ تُوَحِّــدُ


أنتَ الإلـهُ الواحِـدُ الحَـقُّ الذي ... كــلُّ القلــوبِ لَـهُ تُقِرُّ وَتَشْــهَدُ


وصلى الله وسلم وبارك على عين الرحمة وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، سيدنا محـمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الناظر في الأمور التي تطلب العقيدة الإسلامية الإيمان بها يجد أنها ستة وهي:


1. الإيمان بالله تعالى. دليله عقلي، لأن موضوعه محسوس تدركه الحواس، وهو وجود خالق للموجودات المدركة المحسوسة.


2. الإيمان بالملائكة. دليله نقلي لأن وجود الملائكة لا تدركه الحواس إذ الملائكة غير مدركة بذاتها وغير مدرك أي شيء يدل عليها.


3. الإيمان بالكتب السماوية. وأما الإيمان بالكتب فينظر فيه، فإن كان المراد الإيمان بالقرآن، فإن دليله عقلي لأن القرآن مدرك محسوس، وإعجازه مدرك محسوس في كل عصر. وإن كان المراد الإيمان بغيره من الكتب كالتوراة، والإنجيل، والزبور، فدليله نقلي؛ لأن هذه الكتب غير مدرك كونها من عند الله في كل عصر، بل أدرك كونها من عند الله حين وجود الرسول الذي جاء بها، من المعجزات التي جاءت. وقد انتهت هذه المعجزات بانتهاء وقتها، فلا تدرك من بعد أصحابها، بل ينقَلُ الخبر الذي يقول: إنها من عند الله، وإنها نزلت على الرسول. ولذلك كان دليلها نقليًا، وليس عقليًا؛ لعدم إدراك العقل في كل عصر أنها كلام الله لعدم إدراكه إعجازها حسًا.


4. الإيمان بالرسل جميعهم مثل ذلك فإن الإيمان بالرسول محمد دليله عقلي؛ لأن إدراك كون القرآن كلام الله، وكونه قد جاء به محمد شيء يدركه الحس، فيدرك من إدراك القرآن أن محمدًا رسول الله. وذلك متوفر في كل عصر وفي كل جيل. وأما الإيمان بسائر الأنبياء فدليله نقلي لأن دليل نبوة الأنبياء هو معجزاتهم، وهي لم يحس بها غير من كانوا في زمنهم. أما من جاء بعدهم حتى الآن، وحتى قيام الساعة، فلم يحسوا بهذه المعجزات، فلم يثبت له دليل محسوس على نبوتهم، فلم يكن دليل عقلي على نبوتهم، بل دليل نبوتهم نقلي. وأما دليل نبوة سيدنا محمد وهو معجزته فهو موجود، ومحسوس وهو القرآن، ولذلك كان دليله عقليًا.


5. الإيمان باليوم الآخر. وأما دليل اليوم الآخر فهو نقلي لأن يوم القيامة غير محسوس. ولا يوجد شيء محسوس يدل عليه، فلا يوجد له دليل عقلي بل دليله نقلي.


6. الإيمان بالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى. وأما القضاء والقدر فدليله عقلي لأن القضاء يتعلق بأمرين:


الأمر الأول ما يقتضيه نظام الوجود، وهذا دليله عقلي؛ لأنه متعلق بالخالق.
والأمر الثاني هو فعل الإنسان الذي يقع منه أو عليه جبرًا عنه، وهو شيء محسوس يدركه الحس فدليله عقلي.


والقدر هو الخاصية التي يحدثها الإنسان في الشيء كالإحراق الذي في النار، والقطع الذي في السكين. وهذه الخاصية شيء محسوس يدركه الحس، فدليل القدر إذًا عقلي.
أيها المؤمنون:


نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع