الأربعاء، 25 محرّم 1446هـ| 2024/07/31م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول - (ح 32) - العقيدة الإسلامية، ومعنى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

(ح 32)

العقيدة الإسلامية، ومعنى الإيمان

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثانيَةِ وَالثلاثينَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: " العقيدة الإسلامية، ومعنى الإيمان".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "العقيدة الإسلامية هي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى. ومعنى الإيمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل، لأنه إذا كان التصديق عن غير دليل لا يكون إيمانًا. إذ لا يكون تصديقًا جازمًا إلا إذا كان ناجمًا عن دليل. فإن لم يكن له دليل لا يتأتى فيه الجزم، فيكون تصديقًا فقط لخبر من الأخبار فلا يعتبر إيمانًا. وعليه فلا بد أن يكون التصديق عن دليل حتى يكون جازمًا أي حتى يكون إيمانًا. ومن هنا كان لا بد من وجود الدليل على كل ما يُطلب الإيمان به حتى يكون التصديق به إيمانًا. فوجود الدليل شرط أساسي في وجود الإيمان بغض النظر عن كونه صحيحًا أو فاسدًا.

 

والدليل إما أن يكون عقليًا، وإما أن يكون نقليًا. والذي يعيِّن كون الدليل عقليًا أو نقليًا هو واقع الموضوع الذي يستدل به عليه للإيمان به. فإن كان الموضوع واقعًا محسوسًا تدركه الحواس فإنَّ دليله يكون عقليًا حتمًا، وليس نقليًا. وإن كان مما لا تدركه الحواس فإن دليله نقلي. ولما كان الدليل النقلي نفسه هو مما تدركه الحواس أي أن كونه دليلًا يدخل تحت الحس وتدركه الحواس، كان لا بد من أن يكون اعتبار الدليل النقلي دليلًا يصلح للإيمان متوقفًا على ثبوت كونه دليلًا بالدليل العقلي".

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: اللهم اغننا بالعلم، وزينا بالحلم، وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية.

 

يَا مَن لَهُ عَنَتِ الوُجُوهُ بِأسْرِهَا ... رَغَبــًا وَكُـلُّ الكَائِنَــاتِ تُوَحِّــدُ

أنتَ الإلـهُ الواحِـدُ الحَـقُّ الذي ... كــلُّ القلــوبِ لَـهُ تُقِرُّ وَتَشْــهَدُ

 

وصلى الله وسلم وبارك على عين الرحمة وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، سيدنا محـمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

 

العقيدة الإسلامية هي الإيمان بأركان الإيمان الستة، وهي:

  1. الإيمان بالله تعالى.
  2. الإيمان بالملائكة.
  3. الإيمان بالكتب السماوية.
  4. الإيمان بالرسل.
  5. الإيمان باليوم الآخر.
  6. الإيمان بالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى.

والإيمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل، وهذا هو التعريف الجامع المانع للإيمان، وحتى يكون الإيمان إيمانا بحق لا بد من أن تتوافر فيه أربعة أمور هي:

  1. التصديق: إذ لا إيمان بلا تصديق.
  2. الجزم: إذ لا بد من أن يكون التصديق جازمًا، لا يتطرق إليه أدنى شك، أو ارتياب، ولو كان ذلك بنسبة قليلة لا تتعدى الواحد بالمائة، لأنه حينئذ لا يكون جازمًا فلا يكون إيمانًا.
  3. المطابقة للواقع: ومعنى مطابقة الإيمان للواقع أن يكون الأمر الذي تم الإيمان به موجودًا في الواقع، لا أن يكون مجرد وهم، أو خرافة، أو خيال، وذلك كالعنقاء وهو طَائِرٌ وَهْمِيٌّ لاَ وُجُودَ لَهُ إِلاَّ فِي تَصَوُّرِ الإِنْسَانِ وَخَيَالِهِ، وكالرمح الذي أخبر عنه الشاعر بقوله:

 

لو كان طول قناته ميلًا ... إذًا نظم الفوارس ميلا

 

أما  الإيمان المطابق للواقع فهو كالإيمان بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالجنة ونعيمها، والنار وجحيمها، والبعث، والنشور، والحساب، كل ذلك موجود ومطابق للواقع حقا، وصدقا. 

 

  1. الدليل: لأنه إذا كان التصديق عن غير دليل لا يكون إيمانًا. إذ لا يكون تصديقًا جازمًا إلا إذا كان ناجمًا عن دليل. فإن لم يكن له دليل لا يتأتى فيه الجزم، فيكون تصديقًا فقط لخبر من الأخبار فلا يعتبر إيمانًا.

 

وهنا تبرز ثلاثة أسئلة: السؤال الأول: متى يكون التصديق إيمانًا؟ وجوابه هو الآتي: لا بد أن يكون التصديق عن دليل حتى يكون جازمًا أي حتى يكون إيمانًا. ومن هنا كان لا بد من وجود الدليل على كل ما يُطلب الإيمان به حتى يكون التصديق به إيمانًا. فوجود الدليل شرط أساسي في وجود الإيمان بغض النظر عن كونه صحيحًا أو فاسدًا.

 

وأما السؤال الثاني فهو: ما نوع الدليل المطلوب للإيمان بالعقيدة الإسلامية؟ وجوابه أن الدليل إما أن يكون عقليًا باستخدام التفكير المستنير عن طريق إمعان النظر في الكون، والإنسان، والحياة، وكلها من مخلوقات الله جل وعلا، وإما أن يكون نقليًا، ونعني بالدليل النقلي القرآن الكريم والحديث المتواتر الذي نقله إلينا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتواتر، أي رواه جمع عن جمع عن جمع حتى يصل في منتهاه إلى رسول الله، أي رواه جمع من تابعي التابعين يؤمن تواطؤهم على الكذب، عن جمع مثلهم من التابعين، عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين رووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

والسؤال الثالث هو: ما الذي يعيِّن كون الدليل عقليًا أو نقليًا؟ وجوابه أن الذي يعين ذلك هو واقع الموضوع الذي يستدل به عليه للإيمان به، وتتبع في ذلك الخطوات الآتية:

 

  1. إن كان الموضوع واقعًا محسوسًا تدركه الحواس فإنَّ دليله يكون عقليًا حتمًا، وليس نقليًا.
  2. إن كان الموضوع مما لا تدركه الحواس فإن دليله نقلي.
  3. لما كان الدليل النقلي نفسه هو مما تدركه الحواس أي أن كونه دليلًا يدخل تحت الحس، وتدركه الحواس، كان لا بد من أن يكون اعتبار الدليل النقلي دليلًا يصلح للإيمان متوقفًا على ثبوت كونه دليلًا بالدليل العقلي. وهذا يعني أن القرآن الكريم وهو دليل نقلي فإن ثبوت كونه دليلًا يتوقف على إثبات كونه من عند الله بالدليل العقلي.

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع