مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 74
قصة إسلام عمر بن الخطاب (1)

هذه قصة إسلام رجل عظيم، وبإيمانه سيُغيّر الله تعالى حركة التاريخ، هذا المؤمن الجديد هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه. حمل عمر سيفه، وانطلق يقصد بيت النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله، وفي طريقه قابل رجلًا من عائلته، اسمه نَعِيم، وكان من المسلمين الذين يُخفُون إسلامهم خوفًا من بطش قريش. فلما رأى نَعيمُ غَضَبَ عُمَرَ هكَذا، وهو يحمل سيفه، والشر يبدو في وجهه، شَعَرَ بالقلق فسأله: إلى أين يا عُمَرُ؟ فقال له عمر: أريد محمَّدًا، هذا الصابئ الذي قد فرّق أمرَ قُريشٍ، وَسَفَّهَ أحلَامَها، وعَابَ دِينَها، وَسَبَّ آلهتها، فأقتله، فلما سمع نعيم هذا قرر أن يحمي النبي ﷺ، ويكشف لعمر سرًا خطيرًا، حتى يشغله فيه فقال: والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمَّدًا، أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيمَ أمرَهُم؟؟ قال عمر: وأي أهل بيتي؟ قال: ابن عمك سعيد بن زيد، وأختك فاطمة بنت الخطاب فقد أسلما واتبعا محمَّدًا على دينه، فعليك بهما.

فانطلق عمر بن الخطاب إلى بيت أخته فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد، وقد اشتعل غضبًا، فلما اقترب من الباب سمعا خطوات عمر، وكان إذا مشى تهتز الأرض لمشيته، فلما اقترب من الباب كان خباب يقرأ عليهم القرآن، ويرددون خلفه، فقرع الباب بشدة، فقام إليه سعيد، واختبأ خباب خلف الباب، فجعل عمر يطرق الباب، ويصرخ بصوته الجهوري: افتحوا البابَ، وإلا كسرته!! فقام سعيد، وفتح الباب فدخل عمر، وقال: ما هذه الهَمْهَمَةُ التي سمعتها؟ قد بلغني أنكما اتبعتما دين محمَّد، ثم رفع يده، وبطش بسعيد، قبل أن يسمع منهم الجواب، وكاد أن يخنقه، فلما رأت فاطمة ما يفعل بزوجها، وهي مؤمنة، وزوجها رجل مؤمن، وفي نظرها عمر كافر، قامت ودفعته عن زوجها بقوة، فاشتعل عمر من غضبًا، عمر الذي لا يقابله أقوى رجال مكة كلها، تقابله أخته فاطمة.. فرفع يده ولطمها لطمة شديدة حتى شُج وجهها، وسالت منه الدماء، فصرخت فاطمة بعمر، وقالت: نعم أسلمنا واتبعنا محمَّدًا، فاصنع ما بدا لك.

وَلمَّا فكَّر عمرُ بهذا كله، وهو واقف أمام فاطمة أخته، فقال: يا أختاه أعطني هذه الصحيفة، أنظُرْ إِلى ما كنتُم تقرؤون، أليس فيها ما تقولون أنه نزل على محمَّد؟ قالت له: نعم، ولكن أخشى عليها منك، إنك مُشرك لا تعرف الطهارة، وهذا كلام الله لا يَمَسُّهُ إِلَّا المطهرون، فلَو أنكَ اغتسَلتَ لأعطيتُك إيَّاها، فدخل خلف الدار، وأدار على نفسه دَلْوَ مَاءٍ، ثم رجع، وقال أعطني إياها ها قد تطهرتُ، ويمسك بالصحيفة وكانت قطعةً مِنْ جِلْدٍ، وَأخَذَ يَقرَأ - حَيثُ كَانَ عُمَرُ مِنَ المَعدُودِينَ فِي مَكَّةَ مِنَ الذينَ يَستَطِيعُونَ القِرَاءَةَ وَالكِتَابَةَ -..

فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ... يَتبَعُ إِن شاء الله... صّلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى سَيِّدِ المُرسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلين.

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي