مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 79

حصار المسلمين في شعب أبي طالب

 

 

 

بدأ بالفعل تنفيذ قرار الحصار في أول يوم من أيام السنة السابعة من البعثة، وظل بنو هاشم، وبنو عبد مناف متجمعين في شعب أبي طالب.

والشعب: هو مكان ضيق بين جبلين، وطال الحصار، هم لم يمنعوهم من الخروج، ولكن الحصار كان عبارة عن المقاطعة فقط، وبقي الحصار مدة ثلاث سنوات، وكان حصارًا اقتصاديًا قاسيًا جدًا!!

 

فلما كان التجار يأتون إلى مكة، يسارع أهل مكة إليهم، ويشترونها بأعلى الأسعار؛ حتى لا يسمحوا للنبي، وأتباعه بالشراء منهم، وكان أبو لهب أشد الناس عداءً للنبي ﷺ وللمؤمنين به، فقد كان عنده المال الكثير، فكان يأتي إلى السلعة فيقول للتاجر: أنا أعطيك عشرة أضعافها، ولا تبعها لهؤلاء القوم، وإذا بقي معك شيء أنا آخذه منك، وأعطيك عشرة أضعافه.

 

أنفق النبي ﷺ كل ماله خلال هذه السنوات، وكذلك أمنا خديجة رضي الله عنها، وأبو بكر رضي الله عنه، وكل بني هاشم، فأكلوا ورق الشجر حتى تشققت شفاههم.

 

يقول أحد الصحابة: "كنا نبعر كما يبعر البعير". يعني لمّا يقضي حاجته، وتخرج فضلات الجسم، كانت تلك الفضلات تشبه ما يخرج الجمل، لأنهم لا يأكلون إلا ورق الشجر، وكانت أصوات بكاء أطفالهم ترتفع في الليل، والنهار من شدة الجوع، ومرض الكثيرون منهم، وماتوا.

 

يقول سعد بن أبي وقاص: أنه عثر في ليلة على قطعة من الجلد، فأخذها ووضعها على النار، ثم أخذ يمضغها ولا يستطيع بلعها يقول: وبقيت عليها ثلاثة أيام.

 

وكانت قريش تقوم بعمل دوريات حراسة طوال الليل والنهار على مداخل ومخارج الشعب، حتى تتأكد أنه لا يتم دخول أي طعام إلى بني هاشم، وكانت قريش تؤذي كل من تكتشف أنه أرسل شيئًا من الطعام إلى بني هاشم... يتبع مع الأرضة تمحو ما كتب في صحيفة مقاطعة بني هاشم... صلوا وسلموا على هادي الأمم.

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي