- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 88
إيذاء أهل الطائف للنبي صلى الله عليه وسلم (ج2)
جلس النبي ﷺ تحت ظل شجرة، والأوجاع، والدماء تسيل منه، ثم رفع طرفه إلى السماء ودعا بهذا الدعاء:
«اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت ربُّ المستضعفين، وأنت ربّي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهَّمني، أم إلى عدو ملّكته أمري، إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي، ولكن عافَيَتُك هي أوسعُ لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصَلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تُنزل بي غَضَبَك، أو يَحِلَّ عليَّ سخطُك، لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول، ولا قوة إلا بك».
عتبة، وشيبة كانا في البستان، نظرا من بعيد، فشاهدا الدماء تسيل منه ﷺ، وقد علموا بما فعل به أهل الطائف!! فدَعَوَا غلامًا لهما نصرانيًا يقال له عداس مع طبق فيه عنب ليأكل منه النبي ﷺ فقدمه عداس للنبي ﷺ فقال له: كل، فقال النبي ﷺ: بسم الله ثم أكل!! فنظر إليه عداس، وقال: أنا على النصرانية، وما دينك أنت؟ فأخبره النبي ﷺ بالإسلام، ودعاه للإيمان بالله؛ فأسلم عداس، وأكبّ على يدي رسول الله ﷺ وقدميه يقبله. فانصرف النبي ﷺ راجعًا إلى مكة، وهو محزون، مهموم حتى بلغ منطقة اسمها: قرن الثعالب، ومنها رجع إلى مكة. وكانت السيدة عائشة فيما بعد تسأل النبي ﷺ: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة - أي خروجه إلى الطائف - إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كُلال - بضم الكاف- فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت، وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك مَلَكَ الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ ثم قال: يا محمَّد! إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين - أي الجبلين - في مكة فقال: بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا، فعند ذلك قال له ملك الجبال: أنت كما سمّاك ربك رءوف رحيم». وفعلًا خرج من ذرية الطائف كثير من كبار العلماء الذين نشروا هذا الدين!! يتبع بإذن الله ... والعين والقلب يبكيان على ألم رسول الله ﷺ ومعاناته؛ ليبلغنا رسالة الإسلام!!... سنتابع إن شاء الله... صلوا على شفيع الأمة سيدنا محمَّد.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي