السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول (ح 51) من الإيمان بيوم القيامة الإيمان بأن الجنة حق، وأن النار حق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

(ح 51)

من الإيمان بيوم القيامة الإيمان بأن الجنة حق، وأن النار حق

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الحاديةِ والخمسين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "من الإيمان بيوم القيامة الإيمان بأن الجنة حق، وأن النار حق".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "ومن الإيمان بيوم القيامة الإيمان بأن الجنة حق، وأن النار حق. والجنة دار مخلوقة للمؤمنين، ولا يدخلها كافر أبدًا قال تعالى: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ‎). (آل عمران 133)‏ وقال: (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ). ‎(الأعراف 50) وقال: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا). ‎(مريم 63)

 

وأما النار فهي دار مخلوقة لا يخلد فيها مؤمن قال تعالى: (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ‎(15)‏ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ‎(16)‏ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى). ‎(الليل 17) ويدخل النار من شاء الله تعالى من المسلمين الذين رجحت كبائرهم، وسيئاتهم على صغائرهم، وعلى حسناتهم، ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة، قال الله تعالى: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا). (النساء ‎31)‏ وقال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ‎(8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ‎(9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ‎(10) نَارٌ حَامِيَةٌ). ‎(القارعة 11)

 

ومن الإيمان بالجنة الإيمان بأن نعيمها نعيم محسوس، وأن أهلها يأكـلـون ويشـربون ويطئون ويلبسون ويتلذذون. قال تعالى: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ‎(17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ‎(18)‏ لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ ‎(19) وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ‎(20)‏ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ‎(21) وَحُورٌ عِينٌ ‎(22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ‎(23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). ‎(الواقعة 24) وقال تعالى: (وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ). (فاطر33) وقال: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا).(الإنسان21) 

 

وقال: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ‎(5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا). ‎(الإنسان 6) وقال: (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ‎(12) مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)‏ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ‎(14)‏ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ‎(15)‏ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا). ‎(الإنسان 12-16) إلى غير ذلك من أنواع النعيم التي ذكرها القرآن صريحة". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: الجنة والنار من الأشياء الغيبية غير المحسوسة بالنسبة للإنسان؛ لذلك فإن دليلها نقلي أي من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الصحيحة. يؤمن المؤمنون بهما دون أن يروهما؛ لأن من الإيمان بيوم القيامة الإيمان بأن الجنةَ حقٌ، وأنَّ النارَ حَقٌ.

 

والجنة دارٌ مخلوقة للمؤمنين، ولا يدخلها كافرٌ أبدًا، قال الله تعالى: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ‎). (آل عمران133)‏ وقال: (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ). ‎(الأعراف50) وقال: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا).  ‎(مريم 63)

 

وأما النار فهي دار مخلوقة لا يخلد فيها مؤمن قال تعالى: (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ‎(15)‏ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ‎(16)‏ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى). ‎(الليل 17) ويدخل النار من شاء الله تعالى من المسلمين الذين رجحت كبائرهم وسيئاتهم على صغائرهم وعلى حسناتهم، ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة، قال الله تعالى: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا). (النساء‎31)‏ وقال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ‎(8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ‎(9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ‎(10) نَارٌ حَامِيَةٌ). ‎(القارعة 11)

 

ومن الإيمان بالجنة الإيمان بأن نعيمها نعيمٌ محسوسٌ، وأن أهلها يأكلون ويشـربون ويطئون ويلبسون ويتلذذون. قال تعالى: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ‎(17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ‎(18)‏ لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ ‎(19) وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ‎(20)‏ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ‎(21) وَحُورٌ عِينٌ ‎(22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ‎(23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). ‎(الواقعة 24) وقال تعالى: (وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ). (فاطر33) وقال: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا).(الإنسان21)

 

 وقال: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ‎(5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا). ‎(الإنسان 6) وقال: (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ‎(12) مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)‏ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ‎(14)‏ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ‎(15)‏ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا). ‎(الإنسان12-16‏) إلى غير ذلك من أنواع النعيم التي ذكرها القرآن صريحة في آيات كثيرة.

 

إن الله جل وعلا بيّن في كتابه الكريم صفة الجنة، وصفة نعيمها، وصفة أهلها، كما بين سبحانه صفة النار، وأغلالها، وأنواع شرها، وصفات أهلها. فالواجب على كل مكلف أن يحذر صفات أهل النار، وأن يجتهد في التخلق، والاتصاف بصفات أهل الجنة، كما قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ  آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ  وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). (الذاريات15-19) كما يقول سبحانه: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ  وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ).(الحجر45-48) ويقول سبحانه:(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُم).(الطور17-18) وقال تعالى في سورة القلم: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ). (القلم34)

 

فالواجب على المؤمن أن يهتم بهذا الأمر، وأن يعنى بصفات أهل الجنة، وأهم شيء أداء الواجبات، وترك المحرمات، فيعتني بأداء فرائض الله، وترك ما حرم الله، والوقوف عند حدود الله، هذا هو السبب الذي جعله الله موصلًا للجنة بفضله ورحمته جل وعلا، وليحذر كل الحذر من صفات أهل النار الذين بين الله حالهم في كتابه العظيم قال تعالى: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ).(الزخرف74-78)

 

 هذه حالهم نسأل الله العافية، بينت لهم الحقيقة، ودعوا إلى أسباب السعادة، وبلغتهم الرسل، وأنزل الله عليهم الكتب، ولكنهم تابعوا الهوى والشيطان؛ فندموا غاية الندامة، قال تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) (الزمر71-73) هذه حال هؤلاء وحال هؤلاء.

 

فجدير بالمؤمن، وجدير بالمؤمنة العناية بأخلاق المؤمنين، والاتصاف بصفاتهم العظيمة من توحيد الله، والإخلاص الخالص له، والمحافظة على طاعة الله بأداء الصلاة، وإخراج الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والاجتهاد في كل خير، مثل بر الوالدين، وصلة الرحم، والإكثار من ذكر الله، وحمل الدعوة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر إلى غير ذلك من وجوه الخير.

 

ثم الحذر من جميع ما نهى الله عنه، وأعظمها الشرك، أعظم ما نهى الله عنه الشرك الأكبر، قال جل وعلا: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ). (المائدة72) وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ). (النساء48) وقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ). (الزمر65-66) وقال في صفات أوليائه المؤمنين: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا). (الفرقان63) هذه من صفات عباد الرحمن العظيمة.

 

فينبغي للمؤمن أن يتصف بصفات أولياء الله، وليحذر من صفات أعداء الله أينما كان، وعباد الرحمن هم المتقون، هم أولياء الله، هم المحسنون هم الذين أطاعوا الله ورسوله، واستقاموا على دينه. يقول سبحانه في وصف النعيم الذي أعده لعباده المتقين: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ). (الطور17-28).

 

فأنت الآن أيها المؤمن في دار المهلة، في دار العمل، وكذلك أنت الآن أيتها المؤمنة في دار المهلة، في دار العمل، فالواجب على كل منكما تقوى الله جل وعلا، وذلك بتوحيده، والإخلاص له في جميع الأعمال؛ في العبادات كالصلاة، والصوم، والصدقة، والاستغفار، والذكر. وفي المعاملات مع الناس كالبيع، والشراء، والعمل لكسب الرزق، يتوجه الإنسان بقلبه إلى الله، ويخلص  لله تعالى في كل عمل يقوم به قال سبحانه: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ). (البينة 5) ويقول سبحانه: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ). (الزمر2-3) ويقول جل وعلا في كتابه الكريم: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ). (غافر14) 

 

ومن أهم المهمات أيضًا الحذر من جميع المعاصي: من الزنا، ومن السرقة، والغش للمسلمين، والكذب، والربا، وعقوق الوالدين، أو أحدهما، وقطيعة الرحم، ومن الغيبة والنميمة إلى غير ذلك مما حرم الله، وعلى الإنسان أن يحاسب نفسه في أداء فرائض الله، وعليه الإكثار من طاعة الله، ويحاسب نفسه في الحذر من محارم الله ومعاصيه، يرجو ثوابه ويخشى عقابه. نسأل الله أن يوفقنا، وجميع المسلمين لكل ما يرضيه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من أسباب غضبه، وأسباب نقمته، إنه جل وعلا جواد كريم.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالأحد, 02 تموز/يوليو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع