مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 124

السنة الأولى للهجرة - مشروعية الأذان

 

 

في السنة الأولى للهجرة شرع الأذان، وقد كان رسول الله ﷺ حين قدم المدينة إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة أو أذان. فاهتم النبي ﷺ لهذا الأمر، فتشاور مع أصحابه، فقيل له: اُنصب راية عند حضور الصلاة ليراها الناس، فلم يعجبه، فذُكر له بوق اليهود، فكرهه، فذكر له الناقوس (أي الجرس)، فقال ﷺ: «هو من أمر النصارى». فقالوا: لو رفعنا نارًا، فقال ﷺ: «ذلك للمجوس ». فقال عمر رضي الله عنه: أوَ لا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله ﷺ: «يا بلال قم فنادِ بالصلاة». فصار ينادي في الطريق: الصلاة، الصلاة!! فاشتد ذلك على الناس فقالوا: لو اتخذنا ناقوسًا (الجرس)، فأجمع رسول الله ﷺ وهو له كاره.

 

ورأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة في المنام فغدا على رسول الله ﷺ فقال له: يا رسول الله! إني لبين نائم ويقظان، أحمل هم النداء إلى الصلاة إذ رأيت كأني في الطريق، ورجل عليه ثوبان أخضران، وبيده ناقوس، فقلت: هل تبيعني هذا الناقوس؟ فقال: وما تريد منه؟ قلت له: ننادي به إلى الصلاة، فقال: ألا أدلك على خير من هذا؟ قلت له: بلى، قال: تقول:

 

"الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر.. أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن محمَّدًا رسول الله.. أشهد أن محمَّدًا رسول الله.. حي على الصلاة.. حي على الصلاة.. حي على الفلاح.. حي على الفلاح.. الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله ".

 

ثم استأخر غير بعيد - أي ابتعد عنه - ثم قال: تقول إذا أقيمت الصلاة:

 

الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمَّدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".

 

فقال النبي ﷺ: «إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألقها عليه، فليؤذن بها فإنه أندى صوتاً منك».

 

فجعل بلال يُؤذن الأذان، فلما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذان بلال وهو في بيته، خرج إلى رسول الله ﷺ وهو يجر رداءه، وهو يقول: يا نبي الله! والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي رأى. فقال له ﷺ: «فلله الحمد، فذلك أثبت».

 

وكان بلال وابن أم مكتوم يتناوبان في أذاني الصبح، وقد زاد بلال رضي الله عنه في صلاة الصبح فيما بعد "الصلاة خير من النوم". وسمعها منه النبي ﷺ وأقرّها له.

 

لكل أمة نشيد أو شعار يُعبر عنها، ولنقل: إن الأذان هو نشيد الأمة الإسلامية الذي يُفصح عن طبيعتها. في الأذان سر إلهي؛ فهو وحي من الله عز وجل، وليس من تأليف البشر، فكلما سمعه الإنسان تذكر الله، فانخفض صوت الدنيا في قلبه، واستيقظ صوت الآخرة والإيمان والعمل الصالح.

 

الأذان: هو نشيد المسلمين الخالد، فلم يُبدل منذ خمسة عشر قرنًا، وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلا يمل من يسمعه بل يُجدد بسماعه علاقته مع ربه عز وجل.

 

يتبع بإذن الله... مع موقف اليهود من النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ... صلوا، وسلموا على مُعلِّم الناس الخير.. اللهم أوردنا حوضه، وارزقنا شفاعته!!

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.  

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي