السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  (ح 76) كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

 (ح 76)

كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (1)

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام :

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ السادسة وَالسَّبعينَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (1)".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "إذا استثنينا مسألة مُرتكب الكبيرة التي اعتزل بها واصل بن عطاء رأس المعتزلة حلقة الحسن البصري، فإننا لا نكاد نجد مسألة من مسائل علم الكلام إلا كانت ناشئة عن مسألة سبق للفلاسفة اليونان أن بحثوها. ومسألة (القضاء والقدر) بهذا الاسم وبالمسمى الذي بحثوه قد بحثها الفلاسفة اليونان واختلفوا فيها. فإن هذه المسألة تسمى (القضاء والقدر) وتسمى (الجبر والاختيار) وتسمى (حرية الإرادة) وكلها تعني مسمى واحداً وهو: أن ما يحدث من الإنسان من أفعال هل الإنسان حرٌّ في إحداثها وعدم إحداثها أو مجبور؟ وهذا المعنى لم يخطر ببال المسلمين - قبل ترجمة الفلسفة اليونانية - أن يبحثوه. وإنما بحثه الفلاسفة اليونان واختلفوا فيه. فالأبيقوريون يرون أن الإرادة حرة في الاختيار، والإنسان يفعل جميع الأفعال بإرادته واختياره دون أي إكراه.

 

أما الرواقيّون فإنهم يرون أن الإرادة مجبرة على السير في طريق لا يمكنها أن تتعداها، والإنسان لا يفعل شيئاً بإرادته وإنما هو مجبور على فعل أي شيء ولا يملك أن يفعل وأن لا يفعل. فلما جاء الإسلام وتسربت الأفكار الفلسفية كانت من أهم المسائل مسألة صفة العدل بالنسبة إلى الله. فالله عادل ويترتب على هذا العدل مسألة الثواب والعقاب، وترتب على ذلك مسألة قيام العبد بأفعاله جريًا على منهج البحث الذي ساروا عليه من بحث المسألة وما يتفرع عنها، والتأثر بأبحاث الفلاسفة، أي بما درسوه من أفكار فلسفية تتعلق بموضوعاتهم التي يردون عليها.

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: بيَّن الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - كيف نشأت مسألة القضاء والقدر عند المتكلمين، على النحو الآتي:

 

أولًا: ذكر الشيخ أن المسائل التي بحثها المتكلمون سبق للفلاسفة اليونان أن بحثوها. فقال: "إذا استثنينا مسألة مُرتكب الكبيرة التي اعتزل بها واصل بن عطاء رأس المعتزلة حلقة الحسن البصري، فإننا لا نكاد نجد مسألة من مسائل علم الكلام إلا كانت ناشئة عن مسألة سبق للفلاسفة اليونان أن بحثوها".

 

ثانيا: أورد الشيخ أن مسألة (القضاء والقدر) لها مسميان آخران هما: (الجبر والاختيار)، (حرية الإرادة) فقال: ومسألة (القضاء والقدر) بهذا الاسم وبالمسمى الذي بحثوه قد بحثها الفلاسفة اليونان واختلفوا فيها. فإن هذه المسألة تسمى (القضاء والقدر)، وتسمى (الجبر والاختيار)، وتسمى (حرية الإرادة)".

 

ثالثا: بيَّن الشيخ المعنى الذي قصده الفلاسفة اليونان بمسمى (القضاء والقدر) فقال: "وكلها تعني مسمىً واحدًا وهو: أن ما يحدث من الإنسان من أفعال هل الإنسان حرٌّ في إحداثها وعدم إحداثها أو مجبور؟

 

رابعا: ذكر الشيخ أن هذا المعنى الذي قصده الفلاسفة اليونان من أن الإنسان مجبر أو مخير على ما يحدث منه من أفعال لم يخطر ببال المسلمين من قبل، فقال: "وهذا المعنى لم يخطر ببال المسلمين - قبل ترجمة الفلسفة اليونانية - أن يبحثوه. وإنما بحثه الفلاسفة اليونان واختلفوا فيه".

 

خامسا: أورد الشيخ نموذجين اثنين مختلفين من الفلاسفة اليونان:

 

  1. فالأبيقوريون (نسبة إلى أبيقور الفيلسوف اليوناني) يرون أن الإرادة حرة في الاختيار، والإنسان يفعل جميع الأفعال بإرادته واختياره دون أي إكراه.
  2. أما الرواقيّون (هم أتباع مذهب فلسفي أنشأه الفيلسوف اليوناني زينون) فإنهم يرون أن الإرادة مجبرة على السير في طريق لا يمكنها أن تتعداها، والإنسان لا يفعل شيئًا بإرادته، وإنما هو مجبور على فعل أي شيء، ولا يملك أن يفعل وأن لا يفعل.

 

سادسًا: ذكر الشيخ مثالًا على تأثر المتكلمين بمنهج الفلاسفة اليونان، فقال: "فلما جاء الإسلام وتسربت الأفكار الفلسفية كانت من أهم المسائل مسألة صفة العدل بالنسبة إلى الله. فالله عادل، ويترتب على هذا العدل مسألة الثواب والعقاب، وترتب على ذلك مسألة قيام العبد بأفعاله جريًا على منهج البحث الذي ساروا عليه من بحث المسألة، وما يتفرع عنها، والتأثر بأبحاث الفلاسفة، أي بما درسوه من أفكار فلسفية تتعلق بموضوعاتهم التي يردون عليها".

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالثلاثاء, 03 تشرين الأول/أكتوبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع