- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 168
السنة الرابعة للهجرة - بعث الرجيع (2)
مدى حب الصحابة - رضي الله عنهم - للنبي صلى الله عليه وسلم:
بعدما غدر بنو لحيان بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مشوا بهم إلى مكة. أما زيد بن الدثنة، فاجتمع عنده سادات قريش منهم أبو سفيان بن حرب، فقال له: أُنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمَّداً عندنا الآن في مكانك نقطع عنقه، وأنك جالس في أهلك؟ فقال زيد: "والله ما أحب أن محمَّداً الآن في مكانه الذي هو فيه تُصيبه شوكة تُؤذيه، وأني جالس في أهلي".
استشهاد الصحابي زيد بن الدثنة رضي الله عنه:
فقال أبو سفيان: "ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحُبِّ أصحابِ مُحمَّدٍ محمَّداً". فأمروا به فقتلوه - رضي الله عنه -.
بنو الحارث يبتاعون خبيب بن عدي ليثأروا لأبيهم منه:
وأما خُبيب بن عدي، فابتاعه بنو الحارث في مكة، لأن خبيباً قتل والدهم في بدرٍ، فبقيَ عندهم أسيراً حتى انتهت الأشهر الحرم؛ لأن القتل فيها كان محرماً عندهم. فحبسوه في بيت خادمتهم، فكانت تقول: "والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خُبَيب!! لقد اطلعت عليه يوماً؛ فوجدته يأكل قطفاً من عنب في يده، وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة من ثمرة، وما كان ذلك إلا رزقاً رزقه الله تعالى خبيباً".
وكان خبيب يتهجد بالقرآن فيسمعه النساء؛ فيبكين، ويشفقن عليه، تقول خادمتهم: فقلت له: "يا خبيب، هل لك من حاجة؟" قال: "لا، إلا أن تسيقيني الماء، ولا تُطعميني ما يُذبح على الأصنام، وتُخبريني إذا أرادوا قتلي".
خبيب بن عدي أول من سن صلاة ركعتين قبل إعدامه:
فلما انتهت الأشهر الحرم، وأجمعوا على قتله أخبرتُه، فوالله ما رأيته اكترث لذلك، فخرجوا به من الحرم، فلما أجمعوا على قتله، وصلبه، قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه، فركع ركعتين أتمهما، وأحسنهما من غير أن يطول فيهما، ثم أقبل على القوم، فقال: "والله لولا أن تحسبوا أن ما بي خوف من الموت لزدت". فكان خُبيبُ أول من سنّ الركعتين عند القتل.
جبريل عليه السلام يبلغ النبي السلام من خبيب بن عدي:
ثم رفعوه على خشبة طويلة، فلما أوثقوه قال: "اللهم إني لا أجد من يُبلّغ رسولك مني السلام، فبلّغه عني". فجاء جبريل عليه السلام فأخبره، فقال الصحابة سمعنا رسول الله ﷺ يقول: "وعليه السلام"، فقلنا يا نبي الله، على من؟ قال: «أخوكم خبيب بن عدي يُقتل». فلما صلبوه ناشدوه: أتحب أن محمَّداً مكانك؟ فقال: "لا والله العظيم، ما أحب أن يفديني بشوكة يُشاكها في قدمه"، فضحكوا، ثم قتلوه. وحمى الله جسد خُبيب من أن يُمثل به المشركون، فالتفتوا إليه، فلم يروا جسده، كأنما ابتلعته الأرض، فلم يُرَ له أثر!!
ما نزل من القرآن في بعث الرجيع: قال رجل من المنافقين في الذين قُتلوا في بعث الرجيع: يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا، لا هم قعدوا في أهليهم، ولا هم أدوا رسالة صاحبهم. فأنزل الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ). (البقرة 207).
وهكذا قتلت بني لحيان الصحابة الستة، وحزن رسول الله ﷺ عليهم أشد الحزن، هل أُصيب رسول الله ﷺ بهؤلاء الصحابة فقط؟؟! .... ومع وقعة بئر معونة... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين ... اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، وارزقنا شفاعته!!
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي