الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  (ح 89) القــــدر (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

 (ح 89)

 

القــــدر (1)

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

مستمعينا الكرام:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ التاسعة والثمانين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "القدر (1)".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "جملة (القضاء والقدر)  التي وضعها المتكلمون اسماً للمسمى الذي أخذوه عن فلاسفة اليونان، لم يسبق أن وضعت لهذا المعنى لا لغة ولا شرعاً. وليتبين إلى أي حد يبعد معنى القدر ومعنى القضاء اللغويين أو الشرعيين عن المعنى الذي وضعه لهما المتكلمون، نعرض معناهما كما ورد في اللغة وفي النصوص الشرعية. فقد وردت لكلمة القدر عدة معانٍ. يقال في اللغة قَدَرَ الأمر وقدَّره: دبره، والشيء بالشيء قاسه به وجعله على مقداره. وقدر الشيء قدارة: هيأه ووقته. قدر الأمر: نظر إليه ودبره وقاسه قدر قدراً الله: عظمه. وقدر الله عليه الأمر وقدر له الأمر: قضى وحكم. وعليه قدر الرزق: قسمه. قدَّر وقدَّر على عياله: ضيّق. قدر الرجل فكر في تسوية أمره وتدبيره. وقَدَرَ الشيء أي قَدَّره، وفي الحديث: «فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له» أي أتموا ثلاثين.

 

ووردت كلمة قدر في القرآن الكريم بعدة معانٍ، قال تعالى: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا).‎(الأحزاب 38‏) أي أمراً مُبرماً أو قضاءً محكماً وقال: (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ). ‎(الفجر 16) فضيَّق عليه رزقه، وقال: (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ). (القمر ‎12‏) أي على حدث قد قدره الله في اللوح المحفوظ أي كتبه، وهو هلاكُ قوم نوح بالطوفان. وقال: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا). (فصلت 10) أي جعل فيها إنبات أقوات أهلها أي خاصية إنبات الأقوات. وقال: (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ). (المدثر ‎18‏) أي فكر ماذا يقول في القرآن وقدَّر في نفسه ما يقوله وهيأه. وقال: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ‎(2)‏ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ‎). (الأعلى 3) أي خلق كل شيء فسواه تسوية، وقدر لكل حيوان ما يُصلحه فهداه إليه وعرَّفه وجه الانتفاع به، أي جعل في كل حيٍ من إنسان  وحيوان  حاجات  تتطلب  الإشباع  وهداه  إلى  إشباعها  مثل  قوله: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا). (فصلت 10) وقال: (وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ). (سبأ 18) أي جعلنا فيها سهولةَ السير وأمنَه. وقال: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق 3) أي تقديراً وتوقيتاً. وقال: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ). (القمر 49) أي بتقدير. وقال: (إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ). (المرسلات 22) أي إلى وقت معلوم. وقال: (‏نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ). (الواقعة 60) أي جعلنا تقدير الموت بينكم على اختلاف وتفاوت فاختلفت أعماركم  من  قصير  وطويل  ومتوسط. وقال: (وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ‎). (الحجر 21) أي  بمقدار معلوم، وقال: (قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ‎). (الحجر 60) أي كان تقديرنا أنها لمن الغابرين. وقال: (ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ). (طه 40) أي أتيت على وقت معين وقته لذلك".

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: بعد أن بيَّن لنا شيخنا الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من جناته - بالتفصيل المطوَّل كيف نشأت مسألة القضاء والقدر عند المتكلمين حيث استغرقت من سلسلة حلقات هذا الكتاب ثلاثة عشر حلقة، وكيف أطلق المتكلمون لأنفسهم العنان، فخاضوا فيها ما خاضوا، وبحثوا في المواضيع التي يجوز، والتي لا يجوز لهم أن يبحثوها، وارتكبوا أخطاء جسيمة، وأحدثوا لوثة فكرية، وبلبلة عظيمة حين نهجوا نهج فلاسفة اليونان.

 

بعد أن بين شيخنا - رحمه الله - كل ذلك، وهدم أفكارهم التي لم تقم على أساس صحيح راسخ قوي، وثابت، وبعد الهدم يأتي دور التشييد، والبناء على أساس صحيح راسخ قوي، وثابت. بدأ شيخنا يرسخ القواعد، ويضع الأسس الصحيحة، ويؤصل الأصول لهذا البحث باعتباره من أهم البحوث المتعلقة بالعقيدة الإسلامية.

 

وفي هذه الحلقة، والحلقات التي تليها سنلقي الضوء على نهج الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - في بحث مسألة القضاء والقدر.

 

أولًا: يبين الشيخ إلى أي مدى معنى يبعد معنى جملة (القضاء والقدر) التي وضعها المتكلمون اسماً للمسمى الذي أخذوه عن الفلاسفة اليونان. يقول الشيخ - رحمه الله -: "جملة (القضاء والقدر) التي وضعها المتكلمون اسماً للمسمى الذي أخذوه عن فلاسفة اليونان، لم يسبق أن وضعت لهذا المعنى لا لغةً، ولا شرعاً، وليتبين إلى أي حد يبعد معنى القدر، ومعنى القضاء اللغويَّين أو الشرعيين عن المعنى الذي وضعه لهما المتكلمون، نعرض معناهما كما ورد في اللغة وفي النصوص الشرعية".

 

ثانياً: بدأ الشيخ - رحمه الله - يعرض المعاني اللغوية لكلمة (القدر) فقال: "فقد وردت لكلمة القدر عدة معانٍ:

 

  1. يقال في اللغة: قَدَرَ الأمر وقدَّره: أي دبره.
  2. وقَدَّرَ الشيءَ بالشيءِ: أي قاسه به، وجعله على مقداره.
  3. وقدَّر الشيء قَدَارَةً: أي هيأه، ووقَّتَهُ.
  4. وقدَّر الأمرَ: أي نظرَ إليهِ، ودَبَّرَهُ وَقَاسَهُ.
  5. قدَّرَ قَدْراً اللهَ: أي عَظَّمَهُ.
  6. وَقَدَّرَ اللهُ عَلَيهِ الأمْرَ، وَقَدَرَ لَهُ الأَمْرَ: أي قَضَى، وَحَكَمَ.
  7. وَعَلَيهِ قَدَّرَ الرِّزْقَ: قَسَمَهُ.
  8. قَدَرَ، وَقَدَّر عَلَى عِيَالِهِ: ضَيَّقَ.
  9. قَدَّرَ الرَّجُلُ: أي فَكَّرَ فِي تَسوِيَةِ أمْرِهِ، وَتَدبِيرِهِ.
  10. وقَدَرَ الشَيءَ أي قَدَّرَهُ، وَفِي الحَدِيثِ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيكُمْ فَاقدُرُوا لَهُ» أي أتمُّوا ثَلَاثِينَ.

 

ثالثا: تتبع الشيخ تقي الدين رحمه الله المعاني المتعددة لكلمة (قدر) التي وردت في القرآن فقال: "ووردت كلمة قدر في القرآن الكريم بعدة معانٍ":

  1. قال تعالى: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا).‎(الأحزاب 38‏) أي أمراً مُبرماً أو قضاءً محكما.
  2. وقال: (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ). ‎(الفجر 16) فضيَّق عليه رزقه.
  3. وقال: (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ). (القمر ‎12‏) أي على حدث قد قدره الله في اللوح المحفوظ أي كتبه، وهو هلاكُ قوم نوح بالطوفان.
  4. وقال: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا). (فصلت 10) أي جعل فيها إنبات أقوات أهلها أي خاصية إنبات الأقوات.
  5. وقال: (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ). (المدثر ‎18‏) أي فكر ماذا يقول في القرآن وقدَّر في نفسه ما يقوله وهيأه.
  6. وقال: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ‎(٢)‏ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ‎). (الأعلى ٣) أي خلق كل شيء فسواه تسوية، وقدر لكل حيوان ما يُصلحه فهداه إليه، وعرَّفه وجه الانتفاع به، أي جعل في كل حيٍ من إنسان، وحيوان  حاجات  تتطلب  الإشباع، وهداه  إلى  إشباعها.
  7. مثل قوله: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا). (فصلت 10)
  8. وقال: (وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ). (سبأ 18) أي جعلنا فيها سهولةَ السير وأمنَه.
  9. وقال: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق 3) أي تقديراً وتوقيتاً.
  10. وقال: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ). (القمر 49) أي بتقدير.
  11. وقال: (إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ). (المرسلات 22) أي إلى وقت معلوم.
  12. وقال: (‏نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ). (الواقعة 60) أي جعلنا تقدير الموت بينكم على اختلاف وتفاوت فاختلفت أعماركم  من  قصير  وطويل  ومتوسط.
  13. وقال: (وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ‎). (الحجر 21) أي  بمقدار معلوم.
  14. وقال: (قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ‎). (الحجر 60) أي كان تقديرنا أنها لمن الغابرين.
  15. وقال: (ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ). (طه 40) أي أتيت على وقت معين وقته لذلك.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي

آخر تعديل علىالأحد, 10 كانون الأول/ديسمبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع