- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول
(ح 93)
كلمة القضاء في القرآن الكريم لها عدة معان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:
أيها المؤمنون:
أحبّتنا الكرام :
السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثالثة والتسعين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كلمة القضاء في القرآن الكريم لها عدة معان".
يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "يُقال في اللغة قضى يقضي قضاءً الشيء، صَنعَه بإحكام وقدره. وقضى بين الخصمين حكم وفصل، والأمر أمضاه. وقد وردت كلمة القضاء في آيات القرآن في عدة آيات. قال الله تعالى: (وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ). أي إذا أبرم أمراً فإنه يدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف. وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا). أي جعل لهذا المخلوق الذي خلقه من طين أجلاً بين إيجاده وموته. وقال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ). أي أمر أمراً مقطوعاً به ألا تعبدوا سواه وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ). أي أمر بأمر وحكم بحكم. وقال تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ). أي فصنع السماء بإِحكام حالَ كونِها سبع سماوات. وقال تعالى: (لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا). أي ليُبرم أمراً كان واجباً أن يُفعل. وقال تعالى: (وَقُضِيَ الْأَمْرُ). أي أتم الأمر وهو أمر إهلاكهم وتدميرهم وفَرَغَ منه. وقال تعالى: (لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى). أي ليبرم الأجل الذي سماه وضربه لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم، وقال تعالى: (قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ). أي لانتهى الأمر وأهلكتكم عاجلاً. وقال تعالى: (وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا). وكان أمراً مبرماً من الله وحكماً قد حُكِم بوجوده أي فعلاً يقع جبراً عنك لأنه من قضاء الله. وقال تعالى: (كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا). والحتم مصدر حتم الأمر إذا أوجبه ومقضياً محكوماً به، أي كان ورودهم واجباً على الله أوجبه على نفسه وقضى به. وعلى هذا فإن كلمة قضاء من الألفاظ المشتركة التي لها عدة معانٍ منها: صَنَع الشيء بإِحكام، وأمضى الأمر وجعل الشيء، وأمر بأمر وأتم الأمر، وحتم وجود الأمر وأبرم الأمر، وانتهى الأمر وحكم بالأمر، وأمر أمرًا مقطوعاً به".
ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: هذه الفقرة اشتملت على الأفكار الآتية:
أولا: بين الشيخ تقي - رحمه الله - معنى القضاء في اللغة. فقال: يُقال في اللغة قضى يقضي قضاءً الشيء، صَنعَه بإحكام وقدره. وقضى بين الخصمين حكم وفصل، والأمر أمضاه.
ثانيا: ذكر الآيات التي وردت فيها كلمة القضاء، وبين المعنى المقصود منها في كل آية كما دل عليه السياق؛ فقال: وقد وردت كلمة القضاء في آيات القرآن في عدة آيات.
- قال الله تعالى: (وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ). (البقرة 117) أي إذا أبرم أمراً فإنه يدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف.
- وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا). (الأنعام 2) أي جعل لهذا المخلوق الذي خلقه من طين أجلاً بين إيجاده وموته.
- وقال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ). (الإسراء 23) أي أمر أمراً مقطوعاً به ألا تعبدوا سواه.
- وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ). (الأحزاب36) أي أمر بأمر وحكم بحكم. وقال تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ). (فصلت12) أي فصنع السماء بإِحكام حالَ كونِها سبع سماوات.
- وقال تعالى: (لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا). (الأنفال42) أي ليُبرم أمراً كان واجباً أن يُفعل.
- وقال تعالى: (وَقُضِيَ الْأَمْرُ). (البقرة210) أي أتم الأمر وهو أمر إهلاكهم وتدميرهم وفَرَغَ منه.
- وقال تعالى: (لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى). (الأنعام60) أي ليبرم الأجل الذي سماه وضربه لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم.
- وقال تعالى: (قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ). (الأنعام 58) أي لانتهى الأمر وأهلكتكم عاجلاً.
- وقال تعالى: (وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا). (مريم 21) وكان أمراً مبرماً من الله وحكماً قد حُكِم بوجوده أي فعلاً يقع جبراً عنك لأنه من قضاء الله.
- وقال تعالى: (كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا). (مريم 71) والحتم مصدر حتم الأمر إذا أوجبه ومقضياً محكوماً به، أي كان ورودهم واجباً على الله أوجبه على نفسه وقضى به.
ثالثا: ذكر الشيخ تقي الدين - رحمه الله - الخلاصة التي توصل إليها فقال: وعلى هذا فإن كلمة قضاء من الألفاظ المشتركة التي لها عدة معانٍ منها: صَنَع الشيء بإِحكام، وأمضى الأمر وجعل الشيء، وأمر بأمر وأتم الأمر، وحتم وجود الأمر وأبرم الأمر، وانتهى الأمر وحكم بالأمر، وأمر أمرًا مقطوعًا به.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي