- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 195
السنة الخامسة للهجرة - غزوة الأحزاب - الجزء الثالث
نقضُ يُهودِ بَني قُريظة العهد:
دسّ أبو سفيان بن حرب حيي بن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله ﷺ، ويكونوا معهم. فخرج حُيي بن أخطب حتى أتى كعب بن مالك - صاحب عقد بني قريظة وعهدهم - فألح عليه حيي بنقض العهد مع المسلمين، فقال له كعب: "ويحك يا حيي! إنك امرؤ مشؤوم، وإني قد عاهدت محمَّداً، فلست بناقض ما بيني وبينه".
فقال له حيي: "جئتك بقريش على قادتها وسادتها، وبغطفان على قادتها وسادتها، وقد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمَّداً ومن معه، فرد عليه كعب بن مالك: "دعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمَّدٍ إلا صدقاً ووفاء، والله ما أكرهنا على دين، ولا غَصَبَنَا مَالاً، ولا نَنْقِمُ من مُحمَّدٍ وعمله شيئاً، وأنت تدعو إلى الهلكة".
ولكن حُيي لم يزل بكعب حتى أخذ منه عهداً وميثاقـاً لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يُصيبوا محمَّداً أن أدخل معك في حصنك يُصيبني ما أصابك - أي إذا لم تنتصر قريش وغطفان على محمَّد سيدخل حيي في عهد مع اليهود ويُحالفهم - فمزقت بنو قريظة الصحيفة التي كان فيها العقد، ونبذوا إلى رسول الله ﷺ بالحرب.
وصول خبر نقض يهود بني قريظة إلى المسلمين:
لما انتهى الخبر إلى رسول الله ﷺ قال: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، ثم قال: «من يأتينا بخبر القوم؟ هل نقضوا العهد؟»، فانطلق الزبير فجاء بخبرهم، ثم بعث رسول الله ﷺ سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، ورجالاً؛ ليتأكدوا من خبر نقضهم للعهد، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم، وقالوا: "من رسول الله؟! لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد، فشاتمهم سعد بن معاذ، - وهم حلفاؤه - وكان رجلاً فيه حدة، فلما أخبروا رسول الله ﷺ بما حدث كبر وقال: «أبشروا يا معشر المسلمين».
اشتداد الخوف، وظهور النفاق:
عظم ذلك البلاء على المسلمين، إذ أصبحوا يواجهون قريشاً، وغطفان، ويهود بني قريظة في آنٍ واحد، فاشتد الخوف، وخيف على الذراري والنساء، وكانوا كما قال الله تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا). ونجم النفاق من بعض المنافقين فأصبحوا يتكلمون: "كان محمَّدٌ يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط". وقالوا أيضاً: "يا رسول الله، إن بيوتنا عورة من العدو، فائذن لنا أن نخرج فنرجع إلى ديارنا، فإنها خارج المدينة، نخشى عليها السرقة".
فجعل رسول الله ﷺ لا يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، وفي هؤلاء أنزل الله تعالى: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا، ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً) ماذا فعل رسول الله ﷺ مع ظهور هذا النفاق والخوف بين المسلمين؟؟!!! ... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين!! اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، وارزقنا شفاعته!!
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة تغمرنا بها بمحبتك؛ ليهون علينا كل شيء، ونعرفك بها، ويصغر لدينا كل شيء، ونوحدك بها يا ربنا، ولا نشرك بك شيئاً، وتجعلنا بها في حصنك؛ لنكون من الآمنين. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه صلاة يزكو فيها العمل، ونبلغ بها غاية الأمل.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي