- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح149) ليس للخليفة مدة محدودة للبقاء في منصبه
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ التَّاسِعَةِ وَالأَربَعِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"لَيسَ لِلخَلِيفَةِ مُدَّةً مُحدُودَةً لِلبَقَاءِ فِي مَنصِبِهِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الوَاحِدَةِ بَعدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نِظَامُ الإِسلَامِ" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 39-لَيسَ لِلخَلِيفَةِ مُدَّةً مُحَدُودَةً، فَمَا دَامَ الخَلِيفَةُ مُحَافِظًا عَلَى الشَّرعِ مُنَفِّذًا لِأَحكَامِهِ، قَادِرًا عَلَى القِيَامِ بِشُؤُونِ الدَّولَةِ، يَبقَى خَلِيفَةً مَا لَـمْ تَتَغَيَّرْ حَالُهُ تَغَيُّرًا يُخرِجُهُ عَنْ كَونِهِ خَلِيفَةً. فَإِذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ هَذَا التَّغَيُّرَ وَجَبَ عَزْلُهُ فِي الحَالِ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أَيُّهَا الصَّائِمُونْ, يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ.
أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ, وهِيَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:
وَدَلِيلُهَا هُوَ أَّنَّ نَصَّ البَيعَةِ الوَارِدَ فِي الأَحَادِيثِ جَاءَ مُطلَقًا، وَلَـمْ يُقَيَّدْ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ. وَأَيضًافَإِنَّ الخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ قَدْ بُويِعَ كُلٌّ مِنهُمْ بَيعَةً مُطلَقَةً, وَهِيَ البَيعَةُ الوَارِدَةُ فِي الأَحَادِيثِ، وَكَانَتْ مُدَّتُهُمْ غَيرَ مَحدُودَةٍ، فَتَوَلَّى كُلٌّ مِنهُمُ الخِلَافَةَ مُنذُ أَنْ بُويِعَ حَتَّى مَاتَ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيسَ لِلخِلَافَةِ مُدَّةً مُحَدَّدَةً، بَلْ هِيَ مُطْلَقَةٌ، فَإِذَا بُويِعَ ظَلَّ خَلِيفَةً حَتَّى يَمُوتَ.
إِلَّا أَنَّهُ إِذَا طَرَأَ عَلَى الخَلِيفَةِ مَا يَجعَلُهُ مَعْزُولًا أَو مَا يَجعَلُهُ يَستَوجِبُ العَزْلَ فَإِنَّهُ يُعزَلُ فِي الحَالِ. غَيرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيسَ تَحدِيدًا لِمُدَّتِهِ فِي الخِلَافَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ حُدُوثُ اختِلَالٍ فِي شُرُوطِهَا. إِذْ إِنَّ صِيغَةَ البَيعَةِ الثَّابِتَةَ بِالنَّصِّ الشَّرعِيِّ وَإِجْمَاعِ الصَّحَـابَةِ تَجـعَـلُ الخِـلَافَـةَ غَيرَ مُحَدَّدَةِالـمُدَّةِ, وَلَكِنَّهَا مُحَدَّدَةٌ بِقِيَامِ الخَلِيفَةِ بِـمَا بُويِعَ عَلَيهِ, وَهُوَ العَمَلُ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَيْ بِتَنفِيذِ أَحْكَامِهِمَا، فَإِنْ لَـمْ يُحَافِظْ عَلَى الشَّرعِ, أَو لَـمْ يُنَفِّذْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَظْهَرَ الكُفْرَ البَوَاحَ مِـمَّا يَجعَلُ قِتَالَهُ وَاجبًا عَلَى الأُمَّةِ لِلحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيًّ وَمُسلِمُ، وَاللَّفظُ لِمُسلِم، مِنْ طَريقِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ r فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ قَالَ: إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ».
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.