أبواب الخير التضحية في سبيل الله
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة111.
الرسول - صلى الله عليه وسلم - ضحى بالكثير من أجل الدعوة وكذلك الصحابة ودعاة المسلمين , جميعهم ضحوا لأن طريق الدعوة وما فيها من صعاب وعقبات تحتاج لتضحية .
قال تعالى : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا }الأحزاب 23 - 24.
هم السابقون ونحن إن شاء الله بهم لاحقون
إن الكيد للإسلام والمسلمين لم يتوقف في وقت من الأوقات ،حتى في لحظات قوة المسلمين لم يتوقف الكيد لهم , ربما اختفى قليلا ولكنه موجود ؟؟
فهل هذا يستلزم العزلة والانطواء والجبن والخذلان أم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والتضحية في سبيل الله وقول كلمة الحق ،والله تعالى يقول : { وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } آل عمران157.
وهذا صحابي وُلد في أحضان النعيم فقد كان أبوه حاكم " الأبلة" وولياً عليها لكسرى وكان من العرب الذين نزحوا إلى العراق قبل الإسلام بعهد طويل وفي قصره القائم على شاطئ الفرات مما يلي الجزيرة والموصل عاش الطفل ناعماً سعيداً وذات يوم تعرضت البلاد لهجوم الروم وأسر المغيرون أعداداً كثيرة وسبَواْ ذلك الغلام " صهيب بن سنان " .
ويقتنصه تجار الرقيق وينتهي به الأمر وطوافه الطويل إلى مكة حيث بيع لعبد لله بن جدعان بعد أن قضى طفولته كلها وصدر شبابه في بلاد الروم حتى أخذ لسانهم ولهجتهم ويعجب سيده بذكائه وإخلاصه فيعتقه ويحرره .
وذات يوم مر عمار بن ياسر ولقي صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ،فقال له: ماذا تريد ؟ .
فأجابه : وماذا تريد أنت ؟ .
يقول عمار فقلت له: أريد أن أدخل على محمد ، فأسمع ما يقول .
قال : وأنا أريد ذلك .
فدخلنا على الرسول - صلى الله عليه وسلم- فعرض علينا الإسلام ، فأسلمنا ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا ثم خرجنا ونحن مستخفيان .
نعم لقد أخذ " صهيب " مكانه في قافلة المؤمنين وأخذ مكاناً عالياً بين صفوف المضطهدين والمعذبين وأخذ أيضا مكاناً عالياً بين صفوف الباذلين لهذا الدين .
لم يشهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مشهداً قط إلا كان حاضره ولم يسر سرية قط إلا كان حاضرها .
فعندما همَّ الرسول بالهجرة علم صهيب بها وكان يريد الهجرة معهم وقد وقع "صهيب " في بعض فخاخهم فعُوِّق عن الهجرة بينما كان الرسول- صلى الله عليه وسلم - وصاحبه قد اتخذا سبيلهما على بركة الله ؛ فبعد ذلك استطاع أن يفلت منهم غير أن قريش أرسلت في أثره قناصتها فأدركوه ولم يكد صهيب يراهم ويواجهم من قريب حتى صاح فيهم قائلاً " يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء فأقدموا إن شئتم وأن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني " .
فقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له : أتيتنا صعلوكاً فقيراً فكثر مالك عندنا وبلغت بيننا ما بلغت والآن تنطلق بنفسك ومالك ؟ ، فدلهم على المكان الذي خبأ فيه ثروته وتركوه وشأنه .
فاستأنف صهيب هجرته حتى أدرك الرسول عليه السلام في قباء ؛ كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - جالساً وحوله بعض أصحابه حين أهل عليهم " صهيب " ولم يكد الرسول يراه حتى ناداه متهللاً " ربح البيع أبا يحي ، ربح البيع أبا يحي .
وبعد ذلك نزلت الآية الكريمة { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ } البقرة207 .
لقد اشترى صهيب نفسه المؤمنة بكل ثروته التي أنفق في جمعها شبابه .
إلى متى المكث بالتضحية بالجهد المضاعف في تكوين الثروة , أو إرضاء البشر وإن كان في معصية الله .
إلى متى البقاء على هذا الحال نعيش في سبيل متع زائلة وأموال ذاهبة؛ فلا بد من التغيير الجذري، ولا بد من حمل الدعوة الإسلامية ، لا بد من إعادة الخلافة مع العاملين الذين يتقون الله - عز وجل - وقد قال تعالى : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } الكهف 28.