نداء من فلسطين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في ظل الربيع العربي الذي أزهر في المنطقة، اتجهت أنظار العالم إلى ثورات الأمة، وسلطت الأضواء على قضايا جديدة أقضّت مضاجع الغرب، فلم يخفى على أحد قوة الثورات التي أطاحت بطغاة مكثوا في ظلم الأمة عقودا..
حتى أن هذه الثورات قد أعادت الأمل لمن فقده، فمن كان يخطر على باله ما قد حصل في المنطقة، بل إنها قد كشفت للعالم عظم الظلم الذي وقع بالأمة لتتحرك بهذه القوة فتنتفض لتغيير حالها.
وقد ظهرت مطالب الناس واضحة جلية بأنهم يريدون الإسلام، وهذا ما دلت عليه نتائج الانتخابات في كل من مصر وتونس، وقد ركز الإعلام في هذه الفترة على أحداث سوريا وانتخابات مصر وتونس، وصرنا مثل العالم مشدودين لمتابعة آخر المستجدات التي تطرأ على الساحة، فالثورات وأخبارها غطت على الجميع. لكن في ظل الظروف الجديدة بقيت قضية عريقة في قدمها تنتظر حلا، وهي القضية الفلسطينية.
فلسطين التي شغلت الأمة والعالم لسنين مازالت محتلة، وبالرغم من قلة ما يرد في الإعلام عنها لكن لم تنته مصائبها، وما زالت تنتظر من يخلصها من واقعها المرير الذي تعيشه كل يوم في ظل احتلال لا يرحم وسلطة لا ترعى.
وإن المتتبع لتاريخ القضية الفلسطينية يرى كيف تم التنازل عنها وعن حقوقها وكيف تم تقزيم قضيتها من التحرير إلى الخنوع والرضوخ والرضا بمحتل اكتسب هو الشرعية الدولية، بينما نحن أصحاب الحقوق، تلهث السلطة التي جعلوها ممثلتنا الوحيدة في الأمم المتحدة ليعترف بها شكليا.
إن فلسطين قضية إسلامية فهي أرض فتحها أجدادنا الصحابة ورووها بدمائهم، وظل المسلمون يقاتلون في سبيل تحريرها من الصليبيين، فلم تغب عن فكر الأمة، وبالرغم من كل المحاولات لجعل فلسطين قضية محلية بين السلطة ويهود، لكنها تبقى في وجدان الأمة مهما طال الزمن، وما سمعناه في الثورات من مطالبة بتحرير القدس لهو خير دليل.
إن سوء الأوضاع اليوم في فلسطين لا يخفى على أحد، ولن نتحدث عن الاحتلال فهو معلوم ومعروف ما يقوم به، لكننا سنتناول سوء الرعاية التي يعيشها الناس كل يوم من قبل سلطة فرضت عليهم لتقوم بتنفيذ مخططات الغرب لحل القضية الفلسطينية حل الدولتين.
هذه الشبه دولة التي ينتظر مسوؤلوها على الحواجز، وتنتظر المعونات الخارجية لتستطيع الوقوف على قدميها، أنشأت فقط لحفظ أمن يهود، أما الشعب فهو ينتظر الفرج من الله، فلا راع ولا رعاية.
وإن من سوء الرعاية التي يعيشونها أن تسيّس معاشات الموظفين، فتمنع حسب الظروف السياسية ويحرم الناس بالتالي من توفير لقمة العيش لأبنائهم .
ومن سوء الرعاية أن تفرض عليهم ضريبة جديدة لإنهاء الضائقة المالية، فضريبة الدخل ستزيد من سوء أوضاع الناس باختلاف شرائحهم لأنهم أصلا يعيشون في ضائقة بسبب كثرة ما يدفعون من ضرائب .
ومن سوء الرعاية تعيين ضابطة جمركية تطارد الناس في الشوارع ليدفعوا الضرائب على بضائعهم .
وعلى مستوى توفير أدنى الخدمات لرعاية مصالح الناس فحدث ولا حرج، وما قصة الكلاب الضّالة -أجلّكم الله- والتي هاجمت الأطفال ونهشت أحدهم عنا ببعيد، وها هي الشوارع تحفّر وتترك ليتأذي الناس من المرور بها وفي النهاية يوضع اللوم على البلدية أو على المقاول..
وغيرها الكثير مما يُشاهد بالعين ويُسمع كل يوم في الإذاعات المحلية من شكاوى للناس.
ولكن بالرغم من كل هذا الشقاء الذي نعيشه لكننا سبقنا العالم كله بسابقة لم تحصل عند احد غيرنا، وهي وجود حكومتين في شبه الدولة ! تتنازعان فيما بينهما مما يزيد الشقاق والفرقة بين أبناء البلد الواحد، وهذا ما يريده المحتل أن ينصرف الناس عن مقاومته بالنزاعات بين الأخوة، وعن الاستيطان الذي يأكل أراضي فلسطين كالسرطان بلقاءات المصالحة واجتماعات المتنازعين على الكراسي.
فإلى متى الصمت؟ إلى متى تعليق الآمال على حلول تأتي من أمريكا عدوة الله ورسوله، راعية دولة بني يهود ؟
إن قضية فلسطين، و قضية إخوتنا في البلاد الإسلامية، لن تحل الحل الصحيح الذي ينهي الاحتلال ، وينهي سفك الدماء في سوريا، ويعيد لكل ذي حق حقه، ويرعى الأمة حق الرعاية ويعيد لها عزها ومجدها، ويخرجها من الظلمات إلى النور إلا عند تطبيق ما نؤمن به من شريعة سمحاء، تجعل من الدولة دولة رعاية للأمة لا دولة جباية، وتجعل للأمة حق محاسبة الحاكم إذا قصّر في واجباته، شريعة لم يضعها بشر ناقصون عاجزون بل نزلت على سيدنا المصطفى من السماء لتكون منهاج حياة ودستور دولة للناس كافة.
نعم لا أحد يعترض على الإسلام أو على الحكم به، ولكن ماذا صنعنا لنحكم به؟
لن يأتي الإسلام للحكم لوحده، صحيح أنه من عند الله لكنه بحاجة لمن ينفذه، وحبيبنا المصطفى قد لاقى ما لاقاه حتى أقام الدولة الإسلامية، التي تنتظر من يقيمها مرة أخرى ليكون ممن سيفوز بالدارين وبرضوان الله وبمحبة رسول الله، فإلى العمل ومؤازرة من يعمل ندعوكم لنسير سويا نحو عز الدنيا والآخرة .
ومن أرض الإسراء والمعراج .. من أرض الأقصى الأسير ننادي الجيوش، أين أنتم يا أبناء صلاح الدين؟ فلسطين تستغيث فهل من مجيب؟!!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أم حبيبة