الأزمة السياسية في مصر وحلها
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الوضع السياسي في مصر بعد ثورة 25 يناير التي أزالت رأس النظام وأبقت على جسمه ممثلا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة حاكما للبلاد لا يزال في شدّ وجذب بين القوى السياسية الموجودة سواء أكانت إسلامية أو علمانية، وكذلك بين القوى المدعومة من الغرب ممثلة بالنفوذ الأميركي أو الأوروبي, وقد وقفت البلاد الآن في أزمة سياسية أبرز ما فيها إقرار دستور جديد واختيار رئيس جديد أو أمير للبلاد، فكان لا بد من الخروج منها فما هو طريق الخروج ؟
والجواب على ذلك أن هذه الأزمة السياسية ليست أول أزمة تقع فيها مصر فهي منذ أن دخل الاستعمار حتى اليوم وهي في أزمات متلاحقة ولن تكون هذه آخر أزمة ما دام العلاج هو علاج أزمات وليس علاجا جذريا بل ما دام العلاج علاج أزمة منفصلا عن علاج البلاد، ولهذا فإن السؤال لا يصح أن يكون ما هو طريق الخروج من هذه الأزمة، بل يجب أن يكون ما هو العلاج الجذري لما يحصل، ويكون علاج الأزمة أول خطوة في علاج ما يحصل في البلاد، ولهذا لا يصح أن نفصل علاج الأزمة السياسية عن الحل الجذري ولا يصح أن يوضع لها علاج مؤقت إلا باعتباره جزءا من الحل الجذري .
إن منطقة الشرق الاوسط كلها ومنها مصر كانت ولا زالت تحت يد الاستعمار الغربي وبعد الحرب العالمية الثانية استطاعت روسيا وأميركا أن توجد رأيا عالميا ضد الاستعمار بطريقته القديمة، أوجدته روسيا لإحلال الشيوعية محل الرأسمالية وأوجدته أميركا لتصفية الدول الأوروبية من آسيا وأفريقية لتحل هي محلها بطريق آخر، وبعد زوال الاتحاد السوفيتي وتفرد الولايات المتحدة في الموقف الدولي، قامت الولايات المتحدة بالترويج للمبدأ الرأسمالي وواجهته السياسية وهي الديمقراطية، في مواجهة الصحوة الإسلامية والمد الإسلامي المتنامي. وفي ظل الدعوة القوية لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الإسلام، وبعد حدوث الثورة في مصر قام الغرب بالترويج للدولة المدنية لجعلها فكرة طاغية ولضرب المشروع الإسلامي الذي حان وقته، ولهذا فإنه حين حصلت الثورة ولكي لا تخرج الأمور عن سيطرة أميركا قامت بإسناد الأمر بيد من يرون الدولة المدنية نموذجا للتطبيق في مصر ولكنهم في خضم الصراع الدولي وفي ظل أجواء الحرية التي عقبت التخلص من القبضة الأمنية المخابراتية التي كانت جاثمة على صدر الشعب في مصر، وعودة النشاط في الدعوة للإسلام كنظام حكم، لم يستطيع المجلس العسكري أن يفرض نموذج الدولة المدنية، وإنما قام بافتعال أحداث من شأنها صرف أذهان الناس عن المشروع الإسلامي. فمن يقبضون الآن على زمام القوة لم يستطيعوا أن يقبضوا على زمام السلطة والقوة، فالقوة أداة للتنفيذ سهل على المرء أن يقبض عليها ولكن السلطة رعاية شؤون تحتاج إلى عقلية حكم لا قوة عضلات، وهكذا إلى أن وصل الحال إلى ما نرى. فإنه ولا شك ستظل البلاد سائرة في نفس الطريق تلفها دوامة الاعتصامات والاضطرابات والمليونيات في الميادين. لهذا فإن العلاج يجب أن يبدأ من الفكرة التي يقوم عليها الحكم وعلى أساس هذه الفكرة يبدأ العلاج لهذه الأزمة كخطوة أولى لعلاج ما يحصل في مصر.
وإنه من الخطأ أن يطغى على الموقف الخلاص من حكم العسكر، فحكم العسكر ليس بأسوأ مما قبله والعسكر أساسا لا يشكلون قوة سياسية مؤثرة في البلاد لولا تأثير الولايات المتحدة في المجلس العسكري وفي طريقة إدارته لشؤون البلاد، بالإضافة إلى نفوذ بعض الحركات والأحزاب المرتبطة بالأوروبيين وبالأخص الإنجليز، وكل ذلك من أجل منع وصول الإسلام الذي يريده الله إلى الحكم، وإبقاء الحكم بيد الدول الاستعمارية حفاظا على مصالحها في المنطقة وحفاظا على إسرائيل, ومن الخطأ أيضا محاولة إيجاد ما يسمى بالحكومات التوافقية أو حكومة الوحدة الوطنية فإن ذلك لا يلبث أن يكشف عن التناقض بين مصالح الفئات الحاكمة ويؤدى ذلك إلى أزمات سياسية إن لم يؤد إلى أزمة حكم نتيجة لاختلاف المنطلقات, ولذلك لابد من العلاج الجذرى الذى يوجد حكما منبثقا عن الأمة ويكون علاج الأزمة الحالية خطوة أولى في هذا الحل, أي لا بد من إيجاد الفكرة السياسية المتمثلة بالفكرة الإسلامية التي من شأنها أن يقوم عليها حكم وأن تبنى عليها أفكار وأن تنبثق عنها أنظمة, ثم بعد الاتفاق على هذه الفكرة التي هي فرض من الله، وإيجادها في الناس وطغيانها على الأجواء يحصل العلاج الجذرى, وأن يكون البدء بإيجاد هذه الفكرة إيجاد الحكم على أساسها، ويفسح المجال لها لأن تأخذ طريقها إلى النفوس عن طريق إباحة البحث والتفكير والنقاش ليقرع الرأي بالرأي من غير أن يكون للقوة أي سبيل على فرض الرأي حتى يلتقي جمهرة الناس على الفكرة وحينئذ يكون قد بدأ السير في الطريق السوي. هذا هو علاج أزمة الحكم في مصر, وبعلاج أزمة الحكم تعالج الأزمة السياسية , أما ما هي التفصيلات العملية والإجراءات السياسية التي تتخذ للقيام فإنها كما يلي :ـ
أولا : الإجراءات العملية :
1) الجيش والقوات المسلحة : منذ ثورة يوليو سنة 1953م والرؤساء في مصر هم من الجيش وعن طريق الجيش وصلوا إلى الحكم، والجيش في جملته يرى نفسه أنه حارس البلاد من العدو في الخارج فيجب أن يكون حارس البلاد من النفوذ الأجنبي وأن يكون القوة إلى تنفيذ الإصلاح, ولهذا فإن أول إجراء عملي لعلاج أزمة الحكم يجب أن يكون في الجيش , فيجب أن يفهم ضباط الجيش في جملتهم ولا سيما أصحاب النفوذ منهم أن هناك فرقا بين القوة والسلطة, فالقوة أداة للتنفيذ، والسلطة رعاية شؤون الناس والتصرف في مصالحهم, ولا يصح الخلط بين القوة والسلطة, ولا يصح الجمع بين القوة والسلطة. ولما كان الجيش قوة فإنه لا يصح أن يتولى السلطة ولا بوجه من الوجوه فلا يجوز أن يتولى الحكم ولا أن يكون من وراء الحكم فيوجد ازدواجية الحكم، ولهذا يجب أن يبعد الجيش عن الحكم في الحال. غير أنه لما كان الجيش حامي حمى البلاد وكانت البلاد محل طمع الدول الأجنبية عن طريق بسط نفوذها بواسطة العملاء أو بواسطة السياسة الخارجية، وكان ذلك يؤثر على مهمة الجيش الدفاعية لذلك لا بد أن يظل الجيش مشرفا على الحكم في السياسة الخارجية فقط أثناء فترة انتقالية لبينما ينبثق الحكم حقيقة عن الأمة وتصبح الأمة فعلا هي المشرفة على الحكم ولأجل أن يتمكن الجيش من الاشراف على الحكم بالنسبة للسياسة الخارجية لا بد أن يوجد مجلس أمن محلي مخلص على غرار المجلس العسكري مؤلف من عدد من الأعضاء برئاسة رئيس الدولة , وهؤلاء الأعضاء تكون أكثريتهم من الجيش، وتكون صلاحياته مقتصرة على ما يتعلق بعلاقة الدولة بغيرها من الدول الاخرى سواء أكانت دولا عربية أو دولا حكامها مسلمون أو أجنبية .
2) الحكم : فالقيادة لا تكون إلا فردية والحكم لا يكون إلا فرديا ويستحيل عمليا وجود قيادة جماعية أو وجود حكم جماعي, ولهذا يجب أن يكون هناك جرأة للإقدام على ما هو الواقع وترك ما هو الشكلي والاسمي, وبناء على هذا يتولى الحكم أمير للبلاد يكون هو الحاكم ويتولى هو السلطة كلها ويعاونه في ذلك وزراء تكون لهم نفس الصلاحيات، إلا أنه لا يقوم بعمل إلا بعد أن يطلع الأمير عليه لا أن يأخذوا إذنا به بل مجرد إطلاع فإن منعه الأمير امتنع وإلا مضى الأمر حسب رأيه واجتهاده , وتوجد إلى جانب ذلك إدارة عامة أي سكرتارية عامة يتولاها مدير عام أي سكرتير عام عملها أن تكون واسطة بين الأمير رئيس الدولة والوزراء وبين باقي الدوائر تبلغ ما يطلب منها من الحكام , وترفع للحكام ما يأتي اليها وبهذا يكون قد أوجد جهاز الحكم , أما باقي الدوائر أو ما يسمى بالوزارات فتبقى على حالها إلا أن كل إدارة يتولاها المدير بدل الوزير .
3) مجلس النواب أو الشورى : اعتاد الناس على مجلس نواب باعتبار أعضائه نوابا عن الأمة , إذ قد وجد أن الانتخابات هي أقرب وسيلة لمعرفة التمثيل , فترك الناس أن ينتخبوا ممثليهم الذين يراقبون الدولة وإنه وإن جعل لمجلس النواب صلاحية التشريع وصلاحية محاسبة الحكام لكن الواقع العملي أنه لا يمكن أن يقوم إلا بمحاسبة الحكام مهما كان مجلسا قويا, وحتى المجالس النيابية عند أرقى الأمم لا تقوم إلا بمحاسبة الحكام, والتشريع إنما يقوم به الفقهاء ورجال القانون, ويضعونه ويهيئونه وتؤخذ موافقة مجلس النواب شكلا، ونادرا ما يغير شيئا له قيمته القانونية, والحكم مستحيل أن يملكه أكثر من واحد وكل ما يعمله مجلس النواب هو إعطاء الثقة وحجب الثقة وقليلا ما يحجب ثقة, ولذلك لم يبق له عمليا إلا محاسبة الحكام وأن يرجعوا إليه للاسترشاد برأيه, وما دام هذا هو عمل مجلس النواب فليوجد مجلس للنواب تكون له صلاحية إعطاء الرأي والرجوع إليه في الرأي ومحاسبة الحكام, وهذا يصح أن يختار ممن يعرفون بأنهم ممثلون لأحيائهم أو بلدانهم لا نقاباتهم أو جمعياتهم, لأن التمثيل للناس في المجتمع أي للناس الذين بينهم علاقات دائمية. وهذا إنما يكون تمثيلا للأحياء والبلدان فقط لا تمثيلا لأفراد فقط, ولهذا لا يكون كمجلس الأمة الذي أوجده عبد الناصر ممثلا لفلاحين وعمال وليس لبلدان وأحياء وممن لا يصلحون للتوكل , ولا يصلون إلى مستوى النظر في شؤون الناس بل ممن يتخذون شكلا للتمثيل, ويجب أن يكون المجلس ممثلا للبلدان ومن أهل النظر في شؤون الناس وفوق ذلك فإنه لما كانت مهمة هذا المجلس مهمة فكرية فإنه يستحق أن يكون جامعاً المفكرين وأهل العلم، وهذا لا يتأتى بالانتخاب, لذلك يختار من كل بلد أو من كل حي أبرز من فيه من المفكرين ومن أهل العلم ويشكل منهم مجلس يسمى مجلس خبراء أو أي اسم من الأسماء تقوم بمساندة الحكم والإشراف عليه, أي تكون له صلاحيات مجلس النواب أو الشورى ومحاسبة الحكام والنظر فيما تريد أن تتبناه الدولة من أحكام الشرع كقوانين .
ثانيا : الإجراءات الوقائية :-
إنه من الغباء والسذاجة أن يظن أن الدول الأخرى ستترك هذه الدولة تعالج أزمة الحكم علاجا جذريا أو تعالج حتى الأزمة السياسية علاجا ناجحا, بل لا بد أن يتصور دائما أن هذه الدول ستوجد شتى العراقيل ومختلف الصعوبات للحيلولة دون معالجة أزمة الحكم بل دون معالجة الأزمة السياسية, ولذا لا بد من إجراءات وقائية تحمي البلاد من شرور الدول الأخرى لضمان السير بالعلاج سيرا ذاتيا مخلصا, وهذه الإجراءات الوقائية تكون كما يلي:-
1. إلغاء التمثيل بين مصر وبين الدول الطامعة فيها وهي إنجلترا وأميركا وفرنسا وروسيا وذلك بإقفال سفاراتها وقنصلياتها في مصر وعدم فتح سفارات وقنصليات فيها مهما ترتب على ذلك من نتائج .
2. إقفال كل سفارة وكل قنصلية يلاحظ لها أي نشاط في البلاد سواء أكانت أجنبية أم غير أجنبية .
3. فرض الإقامة الجبرية على السياسيين المعروفين بعمالتهم للدول الكبرى ولو من قبيل الظن القائم على الأدلة الظنية وذلك طوال الفترة الانتقالية .
4. أن يخرج من الجيش كل ضابط قام الدليل الظني على أن له صلات أجنبية أو ميولا لدولة أجنبية .
5. الامتناع عن أخذ المساعدات والقروض الاجنبية سواء أكانت اقتصادية أم عسكرية أو غيرها .
ثالثا : الاجراءات النظرية الفكرية : ـ
إنه من الخطأ الظن بأن النهضة تأتي عن طريق الأنظمة والقوانين، وهذا الخطأ إنما أتى من المغالطات التى حملها إلينا الغرب فاقتنعنا بهذه الفكرة وهي النهضة والإصلاح عن طريق الأنظمة والقوانين، ومن جراء هذا الخطأ سار المسلمون في محاولات النهضة منذ أن حصل الانقلاب الصناعي في أوروبا في أواسط القرن الثامن عشر حتى الآن وهم يتعثرون، مع أن الحقيقة أن النهضة لا يمكن أن تأتي عن طريق الأنظمة والقوانين مطلقا، فإن هذه عبارة عن معالجات للأعمال اليومية وهي لا تحدث أي أثر في النفس ولا توجد أي نهضة أو إصلاح، وإنما النهضة تأتي عن طريق فكرة سياسية يقوم عليها الحكم؛ لأن الحكم فكرة تنفيذ ومنها تنبثق الأنظمة والقوانين، وعليها تبنى جميع أفكار الحياة، فالفساد في الحكم والتأخر في الدولة إنما هو آت من الفكرة التي يقوم عليها وهكذا, ولذلك فان البحث في الإصلاح وفي النهضة لا يصح أن يبحث عنه في الأنظمة والقوانين، وإنما يبحث عنه في الفكرة التي يقوم عليها الحكم، ومن هنا كانت الطريق إلى النهضة وإلى الاصلاح هي إيجاد فكرة سياسية يقوم عليها الحكم أو بعبارة أخرى بناء الحكم على عقيدة عقلية ينبثق عنها الأنظمة والقوانين وتكون هي وجهة النظر في الحياة، وما قامت نهضة في الدنيا إلا على هذا الأساس ولا سار أحد بنهضة وحققها إلا سار في هذه الطريق, ومن هنا كان لا بد أن توجد الفكرة في الأمة وتقوم عليها الحكم بناء على وجودها في الأمة أو في الفئة الأقوى في الأمة، وحينئذ تحصل النهضة ويوجد الإصلاح, والشعب في مصر لديه الفكرة الاسلامية ولكن لا كفكرة سياسية وإنما هي عنده كفكرة روحية, فالوضع النظرى في مصر بأنه لا توجد لدى البلاد كبلاد أية فكرة سياسية بل هي خالية من أي فكرة سياسية وتسيطر على أجوائها شعارات فقط, وما دامت تسيطر عليها هذه الشعارات أو غيرها من الشعارات فلن يحصل استقرار ولن يحصل اتجاه للنهضة أو إصلاح فضلا عن أن توجد نهضة أو إصلاح. ولهذا فإن الاستقرار والاتجاه للنهضة والإصلاح الإتجاه الفعلي يستوجب إيجاد فكرة سياسية في البلاد أولا تحتضنها الأمة ويقوم عليها الحكم وحينئذ يحصل الاستقرار وبالتالي تحصل النهضة والإصلاح. والذين يعملون لإيجاد فكرة سياسية يبنى عليها الحكم سيجدون أنفسهم أمام الفكرة الإسلامية وجها لوجه ولن يجدوا غيرها إذا كانوا مخلصين لأمتهم ولبلادهم, إذ إن فكرة فصل الدين عن الدولة لا يمكن أن تنبت إلا في بلاد دينها دين كهنوتي لا يملك حلولا لمشاكل الحياة, فهي لا يكمن أن تنبت بين المسلمين ولا يمكن أن يعتنقوها إلا اذا كفروا بالقرآن وكفروا بما جاء فيه من آيات الحكم والتشريع. فالوضع الذى عليه البلاد يقضي بأن تؤخذ الفكرة الإسلامية بوصفها فكرة سياسية أساسية, وأن يعمل لإيجادها بمفهومها السياسي في الأمة ويبنى عليها الحكم وحينئذ سيحصل الاستقرار بكل تأكيد وستبدأ البلاد قطعا السير في طريق النهضة والإصلاح أما ما هي الإجراءات التي تتخذ للوصول الى ذلك فهي كما يلي :-
1. تبلور الفكرة الاسلامية بأفكار أساسية لها واقع ينفذ, ويحرص على أن تبرز فيها مقوماتها التي تعطي الصورة الواضحة عنها .
2. تطرح هذه الفكرة بين الناس ويطلب إليهم أن يناقشوها بكل صراحة لا بوصفها فكرة روحية فحسب ولا بوصفها فكرة سياسية فقط, بل بوصفها فكرة سياسية روحية على اعتبار أن معنى الروح هو إدراك الصلة بالله, ويعمل على أن يشترك في هذا النقاش جميع الناس مهما اختلفت آراؤهم حتى لو كانوا يختلفون فيها حتى يتجلى كنهها وتبرز كذلك الناحية السياسية بشكل يضع الإصبع على واقعها. فلا بد أن تحصل القناعة بالفكرة والثقة بصلاحيتها فكرة سياسية يبني عليها الحكم, وهذا إنما يجلبه النقاش والأخذ والرد والحجة مقابل الحجة دون أي قيد, وتفسح أمام هذا النقاش كل وسائل الإعلام للناس من إذاعة وتلفزيون وصحافة وفي المساجد وغيرها.
3. إبراز الواقع العملي لتطبيق أحكام الإسلام في الاقتصاد والملكيات العامة ورعاية الشؤون لتحصل المقارنة بين ما كان يطبق سابقا وبين ما يطرحه الإسلام.
وبهذه الإجراءات الثلاث ومن جراء تفاعل الفكرة في نفوس الناس ولمسهم لأثرها في النفوس يقوم عليها الحكم بشكل طبيعي بل حتمي ثم يباشر بعد ذلك بوضع المعالجات للأعمال اليومية من الأحكام التي تنبثق عن الفكرة المحددة بأفكار معينة , أي يباشر بوضع الدستور والقوانين .
هذه هي الإجراءات التي تحقق العلاج الجذرى وبها تعالج الأزمات السياسية كلها في البلاد، وتصبح بها مصر نواة دولة الإسلام القادمة بإذن الله، والله نسأل أن يجعل ذلك قريبا إنه نعم المولى ونعم النصير.
الأستاذ محمد الكرمي