الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المعلم الرابع إثبات وجود الخالق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أيها المؤمنون:
إن إثبات وجود الخالق سبحانه وتعالى له طريقتان:
الأولى: طريقة سهلة ميسـرة, يفهمها كل إنسان, وهي الطريقة التي دعا القرآن إلى استخدامها, يهتدي بها كل من تفكر في مخلوقات الله, كطريقة الأعرابي الذي قال: "البعرة تدل على البعير, والأثر يدل على المسير, فسماء ذات أبراج, وأرض ذات فجاح, وبحار ذات أمواج, ألا تدل على الواحد القدير؟
والثانية: طريقة يحتاج فهمها إلى تركيز وإعمال عقل , تعرض فيها الأدلة والبراهين بشيء من التفصيل, يحتاجها كل من لم يقتنع بالطريقة السهلة الميسرة.

أولا: إثبات وجود الخالق بالطريقة السهلة الميسرة:
إن وجود الخالق حقيقة ملموسة, والبرهان عليه في منتهى البساطة, فإن الإنسان يحيا في الكون فهو يشاهد في نفسه وفي الحياة التي يحياها الأحياء, وفي كل شيء في الكون تغيرا وانتقالا من حال إلى أحوال, ويشاهد وجود أشياء وانعدام أشياء, ويشاهد دقة وانتظاما في كل ما يرى ويلمس, فيصل إلى أن هناك موجدا لهذا الوجود المدرك المحسوس, وهذا أمر قطعي وطبيعي جدا, فإن الإنسان يسمع دويا فيظن أنه دوي طائرة, أو سيارة, أو مطحنة, أو أي شيء آخر, ولكن يوقن أنه دوي ناتج عن شيء, فيوقن بوجود شيء ما خرج منه هذا الدوي, فكان وجود الشـيء الذي ينتج عنه الدوي أمرا قطعيا عند من سمعه, فقد قام البرهان الحسـي على وجوده, وهو برهان في منتهى البساطة, فيكون الاعتقاد بوجود شيء ينتج عنه الدوي اعتقادا جازما قام البرهان القطعي عليه, ويكون هذا الاعتقاد أمرا طبيعيا ما دام البرهان الحسـي قد قام عليه, وكذلك فإن الإنسان يشاهد التغير في الأشياء, ويشاهد انعدام بعضها, ووجود غيرها, ويشاهد الدقة والتنظيم فيها, ويشاهد أن كل ذلك ليس منها, وأنها عاجزة عن إيجاده, وعاجزة عن دفعه, فيوقن أن هذا كله صادر عن غير هذه الأشياء, ويوقن بوجود خالق خلق هذه الأشياء, وهو الذي يغيرها, ويعدمها, وينظمها, فكان وجود هذا الخالق الذي دل عليه وجود الأشياء وتغيرها وتنظيمها أمرا قطعيا عند من شاهد تغيرها ووجودها وانعدامها ودقة تنظيمها, فقد قام البرهان الحسي بالحس المباشر على وجوده, وهو برهان في منتهى البساطة. يقول الشاعر العباسي أبو العتاهية:


فيا عجبا كيف يعــــــصى الإله                                         أم كيـــــــــــــــــــف يجحــــــده الجاحد
وفي كـــــــل شـــــيء لــــــــــــــــه  آيـــــــــــــــــــــة تـــــــــــــــــــدل على أنـــــــــــــــــه الواحــــــــــد
ولله في كـل تحريكة وتسكينة                      فـــــــــــــــــــــي الـــــــــــــــــــــــــورى شاهــــــــــــــــد

فيكون الاعتقاد بوجود خالق لهذه الأشياء المخلوقة, والتي تنعدم وتتغير, ولا تملك إيجاد ذلك لها ولا دفعه عنها, اعتقادا جازما قام البرهان القطعي عليه. ولذلك كان من الطبيعي جدا أن من يشاهد الأشياء المدركة المحسوسة, وما يحصل لها وفيها مما لا يستطيع إيجاده لها, ولا دفعه عنها, أن يصل من هذا عن طريق الإدراك الحسي إلى أن هناك موجدا لهذا الوجود المدرك المحسوس, وهذا أمر عام يشمل جميع البشـر, ولا يستثنى منهم أحد مطلقا؛ ولذلك كان الإقرار بوجود الخالق عاما عند جميع بني الإنسان في جميع العصور, والخلاف بينهم إنما كان في تعدد الآلهة أو توحيدها, ولكنهم مجمعون على وجود الخالق, لأن أدنى إعمال للعقل فيما يحسه من الموجودات يري أنها مخلوق لخالق؛ لهذا كان البرهان بسيطا في منتهى البساطة, لأنه لا يعدو لفت النظر إلى ما يقع تحت الحس من الموجودات, فإن مجرد النظر فيها مما لا تستطيع إيجاده لنفسها ولا دفعه عنها يوصل إلى أنها مخلوقة لخالق, وإلى أن هناك خالقا خلقها؛ ولذلك جاءت أكثر براهين القرآن الكريم لافتة النظر إلى ما يقع عليه حس الإنسان للاستدلال بذلك على وجود الخالق, فهذه براهين قاطعة على وجود الخالق, فلينظر الإنسان إلى كيفية خلق الإبل, ورفع السماء, ونصب الجبال, ليدرك وجود الله لا إله إلا هو؛ ولذلك فإن "تيتوف" رائد الفضاء الروسي حين قام برحلته الفضائية حول الأرض قال: "إنه رأى الأرض معلقة في الفضاء لا يمسكها شيء أبدا لا من فوقها ولا من تحتها ولا عن جوانبها, فهي معلقة بنفسها هكذا في الفضاء دون أن يمسكها شيء, وإنه تذكر ما تقوله الديانات". وصدق الله العظيم حيث قال: ]إن اللـه يمسك السماوات والأر‌ض أن تزولا ? ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ? إنه كان حليما غفور‌ا[. (فاطر41)

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع