معالم الإيمان المستنير عذاب النار محسوس وهو حق ودائم المعلم الثامن والعشرون
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
طعام أهل النار الضريع والزقوم، وشرابهم الحميم والغسلين والغساق، أعاذنا الله وإياكم من النار ومن عذابها وطعامها وشرابها اللهم آمين. قال تعالى مخاطبا أهل النار: (ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين(. (الواقعة 56). يجوع أهل النار فيأكلون من شجرة الزقوم, وهي قبيحة المنظر خبيثة الثمر، يأكلون منها إلى درجة ملء البطون، فإذا امتلأت بطونهم أخذت تغلي في أجوافهم، فيجدون لذلك آلاما مبرحة. فإذا بلغ الحال بهم هذا المبلغ اندفعوا إلى الحميم: وهو الماء الحار الذي تناهى حره فشربوا منه كما تشرب الإبل ولا ترتوي لمرض أصابها. وعند ذلك يقطع الحميم أمعاءهم. قال تعالى: (كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم(. (محمد 15) ومن طعام أهل النار الغسلين والغساق، وهما بمعنى واحد وهو: ما سال من جلود أهل النار من القيح والصديد. قال تعالى: (فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون(. (الحاقة37) وقال: (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا(. (النبأ26) ويسقى الكافر الصديد بعنف، ويتجرعه غصبا وكرها ولا يكاد يسيغه لقذارته ومرارته، ويأتيه الموت بأسبابه المحيطة به من كل مكان ولكن كما قال رب العزة: (لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها(. (فاطر36) لكي يستكمل الكافر عذابه هذا ومن ورائه عذاب غليظ أشد من العذاب الذي قبله، قال تعالى: (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ(. (إبراهيم17) أعاذنا الله وإياكم منه.
لباس أهل جهنم:
يلبس أهل النار ثيابا من نار وقطران، قال تعالى: (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق). (الحج22) فالكفار قطعت لهم ثياب من نار أي جهزت وفصلت لهم ليلبسوها، وليذوقوا حينئذ عذاب الحريق، ووصف الله تعالى قمصانهم فقال: (سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار). (إبراهيم 50) سرابيلهم أي قمصانهم من قطران، والقطران الذي تهنأ به الإبل حين طلائها من الجرب، وهو النفط الخام لونه أسود وقابل للاشتعال، وقيل القطران: النحاس المنصهر. أعاذنا الله وإياكم من النار.
تنوع عذاب أهل النار:
إن أهل النار يعانون أصنافا كثيرة من العذاب البدني الحسي مثل: إنضاج الجلود، والصهر: وهو صب الحميم على رؤوسهم، والضرب بالمقامع من حديد وهي المطارق، واللفح للوجوه، قال تعالى: (تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون). (المؤمنون104) والسحب: وهو سحب الكفار على وجوههم، وتسويد الوجوه. قال تعالى: (يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر). (القمر48) وقال: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) (الزمر 60) وهناك عذاب آخر له وطأة شديدة عليهم ألا وهو العذاب المعنوي أو النفسي، ومن ذلك:
أولا: المقت أي الكره الشديد: لأنفسهم، والمقت الشديد من الله عليهم، قال تعالى: (إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون) (غافر10)
ثانيا: الحسرة والندامة، عندما يرى الكفار النار يندمون أشد الندم ويعلوا صراخهم ويشتد عويلهم ويدعون ربهم آملين أن يخرجهم من النار. قال تعالى: (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون). (المؤمنون 108)
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.