معالم الإيمان المستنير من اهوال يوم القيامة ح2
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
تحدث القرآن عن أهوال يوم القيامة التي تشده الناس وتشد أبصارهم, وتملك عليهم نفوسهم، وتزلزل قلوبهم. ومن أعظم تلك الأهوال ذلك الدمار الكوني الشامل الرهيب الذي يصيب الأرض وجبالها, والسماء ونجومها, وشمسها وقمرها، فالأرض تزلزل وتدك، والجبال تسير وتنسف، والبحار تفجر وتسجر أي تشعل، والسماء تتشقق وتمور، والشمس تكور وتذهب، والقمر يخسف, والنجوم تنكدر ويذهب ضوؤها وينفرط عقدها. والحق تبارك وتعالى يقبض الأرض بيده يوم القيامة، ويطوي السماوات بيمينه. والآن تعالوا بنا نستعرض هذه الأحوال كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واحدة تلو الأخرى:
أولا: قبض الأرض وطي السماء:
قال تعالى: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين). (الأنبياء 104) وقال: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون). (الزمر 67) وجاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك". (رواه البخاري) وهذا القبض للأرض والطي للسماوات يقع بعد أن يفني الله خلقه، وفي هذا الموقف يظهر الله انفراده بالملك، وتنقطع دعوى المدعين، وانتساب المنتسبين، بعد أن أذهب الله كل ملك وما كان يملك، وكل جبار ومتكبر وما كان يملك، وانقطع ما كان يدعون.
ثانيا: دك الأرض ونسف الجبال:
أخبرنا الحق تبارك وتعالى أن هذه الأرض الثابتة، وما عليها من جبال راسيات تحمل يوم القيامة عندما ينفخ في الصور فتدك دكة واحدة قال تعالى: (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة). (الحاقة15) وقال تعالى: (كلا إذا دكت الأرض دكا دكا). (الفجر21) وعند ذلك تتحول هذه الجبال الصلبة إلى رمل ناعم كما أخبرنا الله تعالى: (يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا). (المزمل14) أي تصبح ككثبان الرمل بعد أن كانت حجارة صماء. والرمل المهيل: هو الذي إذا أخذت منه شيئا من أسفله انهال من أعلاه. وجاء في موضع آخر من كتاب الله أن الجبال تصبح كالعهن وهو الصوف كما قال تعالى: (وتكون الجبال كالعهن). (المعارج 9) وقال تعالى:( وتكون الجبال كالعهن المنفوش). (القارعة 5) ثم إن الحق تبارك وتعالى يزيل هذه الجبال عن مواضعها, ويسوي الأرض حتى لا يكون فيها موضع مرتفع، ولا منخفض، وقد عبر القرآن عن إزالة الجبال بتسييرها مرة، فقال تعالى: (وإذا الجبال سيرت). (التكوير 3) وبنسفها مرة أخرى فقال تعالى: (وإذا الجبال نسفت). (المرسلات 10) فسبحان الله القادر على كل شيء!
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..