الخميس، 03 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

معالم الإيمان المستنير القضاء والقدر ح2

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها المؤمنون :

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :


من العقيدة التي يؤمن بها المسلم أن الله تعالى خلق كل شيء بقدر, وأن الله عنده خزائن كل شيء. فالله تعالى خلق كل شيء وجعله مقدرا مكتوبا في اللوح المحفوظ منذ الأزل. وما من شيء من أرزاق الخلق والعباد ومنافعهم إلا عند الله تعالى خزائنه, ولكن لا ينزله إلا على حسب حاجة الخلق إليه, وكما يشاء الله ويريد. قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر). (القمر49) وقال تعالى: ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر‌ معلوم ). (الحجر21)


أيها المؤمنون :


ومن العقيدة التي يؤمن بها المسلم أن الله تعالى عنده خزائن الغيب لا يعلمها إلا هو, ويعلم ما في البر والبحر من الحيوانات وغيرها من سائر العوالم والعجائب التي وسعها علم الله وقدرته, وإن علم الله تعالى محيط بالكليات والجزئيات, فلا تسقط ورقة من الشجر إلا يعلم وقت سقوطها, والمكان الذي تسقط عليه, وما من حبة صغيرة في باطن الأرض إلا يعلم مكانها, وهل تنبت أو لا؟ ومن يأكلها, وما من شيء فيه رطوبة أو جفاف إلا وهو معلوم عند الله ومسجل في اللوح المحفوظ. قال تعالى: ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر‌ والبحر‌ وما تسقط من ور‌قة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأر‌ض ولا ر‌طب ولا يابس إلا في كتاب مبين ). (الأنعام59)


أيها المؤمنون :

 

ووَمِنَ الأَحَادِيثِ النَبوِيَّةِ التي يَحسُنُ بِنَا أَنْ نَفهَمَها فَهماً صَحيحاً قَولُهُ rصلى الله عليه وسلم: «احتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى, قَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنتَ أَبُونَا وَأَخرَجْتَنَا مِنَ الجنَّةِ,فَقَالَ آدَمُ: أَنتَ مُوسَى اصطَفَاكَ اللهُ بِكَلامِهِ, وَخَطَّ لَكَ التَّورَاةَ بِيَدِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمرٍ قَدَّرَهُ اللهُ عَليَّ قَبلَ أَنْ يَخلُقَنِي بِأَربَعِينَ عَاماً فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». (رَوَاهُ مُسلِمٌ في صَحِيحِهِ) حَجَّ آدَمُ عليه السلام مُوسَى عليه السلام أَي غَلَبَهُ في الُحجَّةِ، وَبَيانُ ذَلِكَ أَنَّ لَومَ مُوسَى عليه السلام لآدَمَ عليه السلام كَانَ في غَيرِ مَحِلـِّه؛ لِأَنـَّه لَامَهُ عَلَى الُخرُوجِ مِنَ الجنَّةِ، فَكَانَ قَد لَامَهُ عَلَى أَمرٍ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ لَمــــــَّا قَضَاهُ اللهُ، لأن الخروج من الجنة كان بتقدير الله سبحانه وتعالى لأن من معاني القدر التقدير والعلم والتدبير والوقت والتهيئة.


أيها المؤمنون :


ومن الأحاديث النبوية التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب, فقال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ". (رواه أحمد والترمذي) يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ مقادير كل الأشياء, منذ أن خلق أول الخلق حتى تقوم الساعة يوم القيامة.


أيها المؤمنون :


ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله تعالى: ( وكل إنسان ألزمناه طائر‌ه في عنقه ونخر‌ج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشور‌ا * اقر‌أ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ). (الإسراء14)

 

ألزم الله تعالى كل إنسان طائره في عنقه أي ألزمه نصيبه من العمل المقدر له. والمعنى أن الإنسان مرهون بعمله مجزي به, وعمله ملازم له لزوم القلادة للعنق لا ينفك عنه أبدا, ويظهر الله له في الآخرة كتاب أعماله مفتوحا, فيه حسناته وسيئاته, فيرى عمله مكشوفا, لا يملك إخفاءه أو تجاهله, ويقال له: اقرأ كتاب أعمالك, كفى أن تكون اليوم شاهدا على ما عملت, فلا تحتاج إلى شاهد أو حسيب.


ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله تعالى: ( كل نفس بما كسبت ر‌هينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون ). (المدثر38) والمعنى أن كل نفس محبوسة بعملها, مرهونة عند الله بكسبها, ولا تفك حتى تؤدي ما عليها من الحقوق, وتنال ما عليها من العقوبات إلا فريقا من السعداء المؤمنين, فإنهم فكوا رقابهم, وخلصوها من السجن والعذاب بالإيمان وطاعة الرحمن.


ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله تعالى: ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ر‌بك بظلام للعبيد ). (فصلت46) والمعنى أن من عمل شيئا من الصالحات في هذه الدنيا, فإنما يعود نفع ذلك على نفسه, ومن أساء فإنما يرجع وبال ذلك وضرره عليه, وليس الله بظلام للعبيد حتى يعذب بغير إساءة, فهو تعالى لا يعاقب أحدا إلا بذنبه.


ومن الأحاديث النبوية التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن النذر لا يرد قضاء". (رواه الجماعة) ومعنى الحديث أنه لا راد لقضاء الله تعالى.


أيها المؤمنون :


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع