الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

معالم الإيمان المستنير القضاء والقدر ح5

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

 

إن منهج المتكلمين مخالف لمنهج القرآن والسنة وإليكم بيان ذلك: لما جاء الإسلام وتسربت الأفكار الفلسفية كانت مسألة صفة العدل بالنسبة إلى الله تعالى من أهم المسائل. فالله عادل ويترتب على هذا العدل مسألة الثواب والعقاب, وبناء على ذلك تم بحث مسألة قيام العبد بأفعاله جريا على منهج البحث المتأثر بأبحاث الفلاسفة. فأصل البحث هو الثواب والعقاب من الله على فعل العبد, وهذا هو موضوع البحث, وقد اتجه المسلمون في بحثه اتجاه الفلاسفة اليونان, فبحثوا في الإرادة, وفي خلق الأفعال. لقد أخطأ المتكلمون لأنهم أطلقوا العنان لأنفسهم, فبحثوا في كل الأشياء, بحثوا في المحسوس, وفي غير المحسوس, بحثوا في ذات الله وفي صفاته, وهذا المنهج مخالف لمنهج القرآن والسنة, فقد حثنا القرآن الكريم على النظر إلى مخلوقات الله لنكتشف عظمة الله, ولنستدل بها على قدرة الله, قال تعالى: { أفلا ينظر‌ون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف ر‌فعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأر‌ض كيف سطحت } [الغاشية: 20]. وقد نهانا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نتفكر في ذات الله تعالى, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تفكروا في خلق الله, ولا تفكروا في ذات الله".


أيها المؤمنون:


لقد أخذت مسألة القضاء والقدر دورا مهما في المذاهب الإسلامية, وانقسم الناس إزاء الإجابة عن هذا التساؤل إلى ثلاث فرق هي:


أهل السنة: يرون أن الإنسان له كسب اختياري في أفعاله, فهو يحاسب عليها.


المعتزلة: يرون أن الإنسان هو الذي يخلق أفعاله فهو يحاسب عليها.


الجبرية: يرون أن الله تعالى هو الذي يخلق العبد ويخلق أفعاله, ولذلك كان العبد مجبرا على فعله, وليس مخيرا وهو كالريشة في الفضاء تحركها الرياح حيث تشاء. والمدقق في مسألة القضاء والقدر يجد أن دقة البحث فيها توجب معرفة الأساس الذي ينبني عليه البحث.


ويبرز الآن هذا السؤال: ما الأساس الذي تنبني عليه مسألة القضاء والقدر؟ للإجابة نقول: إن الأساس الذي تنبني عليه مسألة القضاء والقدر هو موضوع الثواب على الفعل, والعقاب عليه, وقد أخطأت تلك الفرق كلها في تحديد الأساس الذي تنبني عليه مسألة القضاء والقدر, وقد انقسم هؤلاء المتكلمون في تحديد هذا الأساس إلى أربعة أقسام:


أولا: منهم من جعل فعل العبد هو الأساس, من كون العبد هو الذي يوجد أفعاله ويخلقها أم الله تعالى؟


ثانيا: ومنهم من جعل علم الله تعالى هو الأساس, من كون الله تعالى يعلم أن العبد سيفعل الفعل, ومن كون إحاطة علم الله بجميع أفعال هذا العبد.


ثالثا: ومنهم من جعل إرادة الله تعالى هي الأساس, من كون إرادة الله متعلقة بفعل العبد, فهو لا بد موجود بهذه الإرادة.


رابعا: ومنهم من جعل الكتابة في اللوح المحفوظ هي الأساس, من كون هذا الفعل للعبد مكتوبا في اللوح المحفوظ , فلا بد من أن يقوم به وفق ما هو مكتوب.


أيها المؤمنون:


والصواب أن الأساس الذي تنبني عليه مسألة القضاء والقدر هو موضوع الثواب على الفعل والعقاب عليه. وليس هو تلك الأشياء مطلقا لأنه لا علاقة لها في الموضوع من حيث الثواب والعقاب, بل علاقتها من حيث الإيجاد, والعلم المحيط بكل شيء, والإرادة المتعلقة بجميع الممكنات, واحتواء اللوح المحفوظ على كل شيء, وهذه العلاقة موضوع آخر منفصل عن موضوع الإثابة على الفعل والعقاب عليه, أي هل الإنسان ملزم بالقيام بالفعل خيرا أم شرا أو مخير فيه؟ وهل له اختيار القيام بالفعل أو تركه, أو ليس له اختيار؟


اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علما نافعا, واجعله حجة لنا, ولا تجعله حجة علينا برحمتك يا أرحم الراحمين. آمين آمين يا رب العالمين!


أيها المؤمنون:


فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع