السبت، 28 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

استنساخ الثقافة الغربية باستخدام لغة البلاد الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن تدفق الثقافة العلمانية الليبرالية إلى أراضي المسلمين من جراء الأفلام والمسلسلات الدرامية الشعبية والتي تم دبلجتها إلى اللغات المحلية هو الأسلوب الأنجع لاختراق المجتمعات الإسلامية عن طريق القيم والمثل العليا التي تقوض الأخلاق الإسلامية. وإن توافر عقود وتراخيص لإنتاج برامج معروفة أصبحت جزءا لا يتجزأ من البرامج المعروضة في بلادنا مثل تلك المعروفة بـ"عرب أيدول (Arab idol)" و"آراب جوت تالنتس (Arab got Talents)". إلا أن عددا منها قد واجه بعض المشاكل في إثبات نجاحه مثل البرنامج المعروف باسم "بوس (الرئيس)" وبرنامج "الأخ الأكبر" اللذين تسببا في احتجاجات عامة من قبل المسلمين في بعض البلدان الإسلامية، فتم إلغاء عرضهما في منطقة الشرق الأوسط، مما أبرز الحاجة إلى تكيف ثقافي أكبر لبعض هذه البرامج لضمان طول عمر بثها وتأمين مشاهدين دائمين في أي بلد من البلدان. وقد علقت شركة متخصصة في إدارة الأعمال عبر الثقافات في المملكة المتحدة تدعى كوينت إسنشيال على فشل إنتاج برنامج "الأخ الأكبر" في تحقيق النجاح في العالم الإسلامي حيث قالت :


مع استهداف جمهور يتألف أساسا من المسلمين، فشل برنامج "الرئيس" في قراءة العلامات الثقافية المختلفة. كان التفاعل الوثيق بين الرجال والنساء غير مقبول ثقافيا لغالبية المشاهدين. كما وقالت الطالبة مريم الصيرفي21 عاما والتي لخصت مشاعر معظم المسلمين بخصوص العرض: إن فشل برنامج الرئيس يشير إلى أمرين :


1. الآثار السلبية لعدم إدراج تحليل شامل لمختلف الثقافات في مخطط العمل، في هذه الحالة ضمن البرامج التلفزيونية.


2. أهمية التحليل الشامل لمختلف الثقافات في نشر الأفكار والمفاهيم عبر الثقافات. ( (Kwintessential 7 سبتمبر 2012.


من هذا التحليل، أصبح من الواضح أن الشركات الغربية أدركت أنه من أجل أن تنجح في زرع المفاهيم والأفكار في المجتمع ومن أجل صياغة عقليات وشخصيات على نطاق واسع يجب أن يكون هناك وعي واضح على الثقافات المراد الاندماج فيها. فهذه "الحساسية" الثقافية لا تعبر عن استعداد طيب لدى الشركات لرفعة الوطن وتعزيز أفضل لما هو متاح من موروثات منطقة معينة، على العكس من ذلك، هناك حاجة للوعي العميق من قبل المجتمع بالإضافة إلى الحاجة لتقييم نموذج العمل من أجل العمل على قلب كامل للأفكار والقيم المستقلة والتي قد تكون خللا في الشخصية بحيث تتوافق مع الإجراءات التي تخدم مصالح رجال الأعمال. في ظل حكومات المسلمين والشركات الرأسمالية العاملة في بلادنا يمكن أن تكون عائدات الإعلانات التلفزيونية فقط مربحة في حالة بقاء نسبة الجمهور المسلم في أعلى مستوى ممكن. وهناك علاقة مباشرة بين المحافظة على تصنيف الجمهور للمادة المرئية ومدى انسجام المشاهدين المحليين لما يعرض عليهم من المواد الإعلامية.


وفي حين أن الأفلام الدرامية المدبلجة الغرض منها الترجمة الحرفية للثقافة الشعبية الغربية وليس من المرجح أن تنتهي في أي وقت لاحق لأنها تساهم بنسبة مشاهدة عالية وأرباح في الإعلانات. ولا يوجد حاليا سوق غير مستغلة في مبيعات المسلسلات الشعبية الدرامية الغربية مثل "نساء حائرات" التي يجري شراؤها من قبل دول مثل تركيا. ولضمان نجاح أكبر يتم استخدام ممثلين محليين وقضايا سياسية محلية، ذلك أن المشاهدين يشعرون بمزيد من الانتباه لتلك القصة والتي تكون برنامجا للأصدقاء والعائلة وتكون أيضا أكثر عرضة للاستثمار والإعلان. فإن التراخيص الصادرة من أصحاب البرنامج الأصلي تسمح حتى للتعديلات في عنوان البرنامج، على سبيل المثال المسلسل "ربات بيوت يائسات" يسمى في تركيا "نساء حائرات". ومع ذلك، فإنه وبغض النظر عن حقيقة أن تراخيص وسائل الإعلام هذه تسمح بعمل نسخ من هذه البرامج في ضوء اللغات والثقافات المحلية، فإنه من الصعب تجاهل رواج الأفكار الثقافية الخطيرة التي تتنافى مع الدين.

 

إن الحكومات في البلاد الإسلامية تسمح لشركات وسائل الإعلام الداخلية بدفع ملايين الدولارات لاستيراد الفلسفات التي تقوض النظام الاجتماعي في الإسلام بهدف إفساد عقول المسلمين، وخاصة النساء والشباب. ومن الواضح جيدا أن ما يظهر في برنامج مثل "نساء حائرات" موضوعات واضحة ومتسقة للغاية في كل حلقة مثل :


1. ترويج المساواة بين الجنسين.
2. الدعوة للعلمانية.
3. تشجيع النظرة الفردية.
4. تقويض دور الزوجة والأم.
5. تشجيع الزنا تحت ستار 'الرومانسية' والسعادة الشخصية.
6. تشجيع الاختلاط بين الذكور والإناث.
7. الترويج لتوقعات غير واقعية لما يجب أن يكون عليه الرجل والمرأة ومن ضمن ذلك السعي لتحقيق صورة مزيفة عن الجسم المثالي.
8. تشجيع عدم الرضا المستمر عن حياة الإنسان بغض النظر عما لديه من علاقات اجتماعية وثروة مادية.


بالطبع هذا ليس تقييما شاملا للهجوم الفكري الذي يتم إطلاقه على ربة المنزل المسلمة، فنذكره على سبيل المثال لا الحصر. ولكن هناك شيء واحد مؤكد وهو أنه مع استخدام الممثلين المحليين واللغات وطراز اللبس (حتى مع إدماج الحجاب والجلباب) فليس هناك إمكانية للقضاء على هذه المواضيع أو المساومة على نقل مجموعة من وجهات النظر المتزمتة جدا والبديلة لطريقة الحياة الإسلامية.


وقد علق يوني كوهين وهو نائب الرئيس الأول للتطوير والمبيعات في شركة فوكس للقرن العشرين على 'غلي' ‘Glee' وهو واحد من أشهر البرامج في الولايات المتحدة تماما مثل "الأخ الأكبر" حيث قال أنه قد تكون مشكلة في بعض الأسواق عندما يكون الممثلين من مثليي الجنس وعندما تكون البرامج تعرض مواضيع مثل الحمل عند المراهقين غير المتزوجين. كما وأضاف " نحن نحاول جاهدين أن لا ندع الثقافات الأخرى تملى علينا بل كنا بدلا من ذلك نفضل عدم القيام بعرض إذا كانت الإجراءات بعيدة عن التكيف والتجديد ".


لقد تم وضع الخطوط الأخلاقية بوضوح من قبل أصحاب البرنامج الأصلي. ليس هناك أي استعداد لإزالة وجهة النظر عن الثقافة الغربية من أجل تأمين نظام للقيم الإسلامية. فيتعين على المرء أن يتساءل الآن لماذا لا يتعاون حكام المسلمين في الحفاظ على القرآن والسنة كنظام للحياة من أجل الارتقاء برجالنا ونسائنا وشبابنا؟! الجواب بسيط وهو أن حكوماتنا لديها الكثير من المصالح المالية والسياسية تدفعهم للسماح لهذا الغزو الثقافي بمزيد من الانتشار في أراضينا. وهم أصلا وُضعوا لخدمة وطاعة أسيادهم في الغرب وقد استعملوهم كأدوات لنشر الاستعمار ولكن بطريقة غير مباشرة. ومع الأساليب الجديدة المتاحة والمتطورة فإن المسلمين هم أكثر عرضة للانخداع بالمشاهدة والسماح لأسرهم بمشاهدة مثل هذه البرامج والتي لا تظهر مختلفة كثيرا عن أسلوب حياتهم الخاصة، وبذلك فإنهم يكونون قد وقعوا في فخ وسائل الإعلام والذي صمم خصيصا وبعناية لهم. وبعد كل هذا، تصبح ربة المنزل مشغولة يائسة من أجل حياة مثالية غير متوقعة مبنية على أسس كاذبة لا دخل لها في الواقع، وتوجه طاقتها لتدمير سعادتها وسعادة من حولها. وبالتالي فمن أين لها الحصول على الوقت للنشاط السياسي ضد النظام والذي هو المصدر الحقيقي للظلم والبؤس التي تعيش هي فيه؟!


في حالة عدم وجود قيادة مخلصة تحكم بالإسلام وتخدم مصالح المسلمين فإن أراضينا الإسلامية ستكون مفتوحة على مصراعيها لهذا الهجوم الثقافي. كما وستجري دعوتهم والترحيب بهم بحرارة من قبل القيادات الذين من المفترض أن يقوموا بحمايتنا من نفوذهم الضار. لقد وجدت الدولة الإسلامية (الخلافة) في الماضي والتي كانت الراعي الحقيقي للمسلمين، والتي لم تقبل أي شكل من أشكال الاستعمار (المباشر أو غير المباشر) كما أنها كانت تتصرف بشكل مستقل وخالص لحماية وتعزيز الأفكار والأنظمة الإسلامية.


وقد قام حزب التحرير، هذا الحزب السياسي والذي يهدف إلى إعادة نظام الخلافة، بتحديد عدد من النقاط الدستورية التي تعطي بعض المؤشرات عن كيفية التعامل مع هذه الأنماط من الأخبار وذلك في مسودة الدستور للدولة الإسلامية القادمة:


المادة 161: يمنع استغلال الأموال الأجنبية واستثمارها في البلاد، كما يمنع منح الامتيازات لأي أجنبي.


المادة 165: يجب أن يكون الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية، فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على الوجه الذي لا يحدث أي خروج في التعليم عن هذا الأساس.


المادة 166: سياسة التعليم هي تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، فتوضع جميع مواد الدراسة الني يراد تدريسها على أساس هذه السياسة.


المادة 167: الغاية من التعليم هي إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. فتجعل طرق التعليم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع أي طريقة تؤدي لغير هذه الغاية.


وفيما يتعلق بتفوق الفكر الإسلامي على الفكر غير الإسلامي، فإنه ليس هناك مجال لما يسمى بالنسبية الثقافية كما قال سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ }.

 

أما بالنسبة للتعامل مع هؤلاء أعداء الله سبحانه وتعالى وحقيقة أن حكامنا منحوهم السيطرة على وسائل الإعلام في بلادنا، فإنه يجب علينا أن نضع في عين الاعتبار أن الله سبحانه وتعالى يحذرنا : { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }.


في ضوء هذه المبادئ، فإنه سيتم تنظيم القوانين المتعلقة بعمل وسائل الإعلام ضد هذه النقاط الدستورية وذلك من قبل الدولة الإسلامية. فإن غياب نظام إسلامي شامل، ترك العقول والبيوت بل والأمة عرضة لجميع أنواع المرض وانحراف وجهات النظر التي تعمل ضد تقدم المسلمين وذلك على المستويين الاجتماعي والشخصي. وإن الحل لمواجهة هذا النمط الجديد من وسائل الإعلام هو محاسبة حكامنا لسماحهم بالتعدي على مصالحنا وكذلك العمل لاستئناف الحياة الإسلامية في الدعوة إلى عدم التحكم إلى أي نظام آخر ما عدا الخلافة، على النحو الذي نص عليه الله (سبحانه وتعالى) ورسوله (صلى الله عليه وسلم).


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ". وقَالَ: "وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً ".

 


عمرانة محمد
المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع