سلسلة قل كلمتك وامشِ- مشاهدات متصورة لأرواح الشهداء ح3 - غزة - الأستاذ أبي محمد الأمين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
مشاهدات متصورة لأرواح الشهداء (3)
في هذا الموضوع سنتحدث عن مشاهد متصورة فيها اجتمع بعض من أرواح الشهداء بإذن الله في الملأ الأعلى، وأخذت هذه الأرواح تتذاكر فيما جرى لها نتيجة عدوان غاشم لئيم من أجبن خلق الله، وكيف أن إخوانا ً لهم تركوهم لمصيرهم عزلا ً إلا من إيمان بالله وثقة بعفوه.
جمع الوفد صفوفه وطار محلقا ً في سماء ما يسمى بالمملكة الأردنية، هذه الدويلة التي أقامها الإنجليز لتكون سترا ً حاميا ً لدولة اليهود التي كانوا يعملون على إنشائها على أرض فلسطين بعد أن ذهبت عنها حماية سلطنة المجاهدين من بني عثمان، هذه السلطنة التي كانت تمثل آخر معقل من معاقل الدولة الإسلامية- دولة الخلافة. فما أن رأى الإنجليز نهاية الدولة العثمانية دولة الخلافة إلا وبدأوا بالتفكير بإقامة كيان لليهود في فلسطين لفصل الجناح الشرقي عن الجناح الغربي لبلاد المسلمين. فقد اقترح تشرشل وزير المستعمرات في ذلك الوقت عام 1922م إقامة إمارة في شرق الأردن يتولاها عميلهم عبدالله بن حسين الذي وضع يده بيد أعداء الأمة الإنجليز وأعلن الثورة على دولة الخلافة. ولقد تم لتشرشل ما أراد وأقيمت إمارة شرق الأردن فقامت بما أوكل إليها من مهام خير قيام، فقد أوكل إليها المساعدة في إقامة دولة اليهود وحمايتها وتثبيتها في فلسطين لتكون خنجرا ً مسموما ً في خاصرة العالم الإسلامي، وما حدث في غزة قبل أيام خير دليل على ذلك.
قلنا رفرفت الأرواح فوق الأردن فماذا رأين؟ لقد رأين علم إسرائيل يرفرف فوق ربوع عمّان، وسفير دولة العدوان يسرح ويمرح دون خوف أو وجل، وإذا حاول أحد أن يقترب من مبنى سفارة العدو تتصدى له قوات الأمن بكل غلظة وشدة وفظاظة. رأت الأرواح هذا فقالت المستنيرة منهن: أظن يكفينا ما رأينا، فالحال يغني عن السؤال، والمشاهدة ليست كالسماع، فدعونا نذهب إلى سوريا، إلى دمشق عاصمة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد اللذين فتحا أرض الأندلس وضماها إلى بلاد المسلمين ولمدة ثمانية قرون.
قالت الروح لأخواتها: انظرن وأصغين لمن يتقن الكلام وإظهار الرجولة الكاذبة، رئيسهم العتيد الذي لا يحسن إلا الكلام والمفاوضات بالسر والعلن مع اليهود، كما أنه يحمي حدود بلاده من أي اختراق قد يقوم الفدائيون به لضرب دولة اليهود، فإنه ومنذ عام 1973م لم تخرج لم تخرج طلقة واحدة من جبهة سوريا على إسرائيل وما ذلك إلا لأنه سليل خيانة قام بها والده من قبل.
وأضافت الروح: دعونا نغادر فقد أزكمت أنوفنا رائحة الباطنية والتقية والحرب على الله ورسوله.
طارت الأرواح وحلقت فوق العراق، فسألت إحداهن: لم لم نذهب إلى لبنان، إلى بيروت بلد الإمام الأوزاعي - رحمه الله تعالى- فردت الروح: لا حاجة لنا بذلك، فإن كيان لبنان النصراني الذي زرعته دول الكفر كما زرعت إسرائيل لن يخرج منه شيء في الحالة الراهنة يسر الإسلام والمسلمين، أو يرد عدوانا ً أو يدفع كيدا ً، بل بلد يعتبر مطبخا ً لمؤامرات الكفار ضد الإسلام والمسلمين.
قلنا رفرفت الأرواح فوق بغداد بلد خليفة المسلمين هارون الرشيد، وغيره من الخلفاء. هارون الرشيد لو عاش إلى هذا اليوم لسيّر الجيوش لنصرة المسلمين، وكذلك المعتصم - رحمه الله تعالى- الذي لبى نداء امرأة مسلمة استغاثت به قائلة وامعتصماه، فقال لبيك يا أمة الله، فسيّر جيشا ً لنجدتها فقتل تسعين ألفا ً من علوج الروم. أما بغداد اليوم فيرى فيها أقزام الطائفية والقتلة المارقين عن كل عرف ودين. ترى فيها رجالا ً أتوا على ظهر الدبابة الأمريكية يجلسون على كراسي الحكم ينفذون ما يطلبه منهم المحتل الكافر. وجدت الأرواح أن من يسمون بالحكام في العراق لا يرجى منهم خير أو نجدة، وما ذلك إلا لعمالتهم وإخلاصهم، فقد وصلت أسماعهم وأسماع غيرهم من المتحكمين في مصائر المسلمين صرخات الاستغاثة ولكن الأمر كما قال الشاعر:
رب وامعتصمـاه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتّم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
تحركت الأرواح إلى الكويت هذا البلد الصغير المستقطع عن أصله وجعله دولة تتمتع بكل ما لهذه الدولة من معنى اللهم إلا الاستقلال والانفتاق من التبعية للإنجليز. وفي الفترة الأخيرة تحاول إرضاء الأمريكان على حساب الإسلام والمسلمين، ووجد فيها من أقلام بعض الصحفيين السامة ما يروج للأعداء وما يمهد لهجمة الكفر على أقطار الخليج، حتى أن بعض هذه الأقلام تفوح منها رائحة العصبية والتنكر لكل ما هو عربي، ولولا قليل من حياء، لقلنا وكل ما هو إسلامي. ويقف البعض في مجلس نوابهم ليهاجم العرب والمسلمين يمينا ً وشمالا ً لا يأخذه بعض من حياء أو خجل.
قالت الروح: دعونا نغادر فإن هذا البلد بوضعه الحالي لا يرجى منه نجدة، وقد يرسل البعض المعونات من باب إسقاط الواجب
.ثم ذهب الوفد بعد ذلك إلى مملكة البحرين، فقالت الروح المستنيرة: من منكن يا إخوتي تستطيع أن تقول لي كيف أصبحت هذه المشيخة مملكة؟ وماذا زاد عليها لتصبح مملكة اللهم إلا موت شيخها أو أميرها سمه ما شئت ومجيء هذا الذي أبى أن يكون أميرا ً وأصر على أن يكون ملكا ً، ملكا ً على ماذا لا ندري. سمح الملك بمظاهرات التأييد والتنديد دافعا ً عن نفسه صفة التخاذل عن نجدة إخوانه المسلمين في غزة.
قالت الروح: أظننا قد أصابنا الإرهاق بعد هذه الجولة، فلنذهب لنستريح استعدادا ً لجولة قادمة، وما أظنها ستكون كباقي الجولات.
والسلام عليكم ورحمة الله،
أخوكم أبو محمد الأمين