الجمعة، 04 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

سقوط الأندلس دروس وعبر ح5

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله مالك الملك, وخالق الخلق, يؤتي الملك من يشاء, وينزع الملك ممن يشاء, ويعز من يشاء, ويذل من يشاء, بيده الخير, وهو على كل شيء قدير. أما بعد:


أيها الأحبة:

 

السبب السابع من أسباب سقوط الأندلس، وهو سبب مهم جدا يرتبط بسبب تخلي بعض العلماء عن القيام بواجبهم. بعض علماء الأندلس كأبي الوليد الباجي، ومحمد بن حزم، وابن عبد البر وغيرهم قاموا ببعض واجبهم، أو نقول قاموا بواجبهم تجاه أمتهم، ولكن المأساة هي عدم سماع ملوك الطوائف لنصح العلماء وتحذيرهم. إذا لم يسمع ولاة الأمور إلى نصح العلماء وإلى تحذيرهم؛ حلت بالأمة الكارثة. فملوك الطوائف، ما كانوا يستمعون لنصح العلماء كأبي الوليد الباجي، كما قلت وابن حزم وابن عبد البر وغيرهم؛ ولذلك حدث ما حدث حتى أن أحد المؤرخين يقول: "لكن مع هذه الأحوال، وتلك الصيحات من العلماء, فإن أغلب ملوك الطوائف بقوا في غيهم سادرين، ففوتوا فرصة الالتحام ودفع المصيبة؛ ولذلك جاء أحد الشعراء، يذكر هذه المأساة ببيتين محزنين، يصور فيهما حالة العلماء وحالة الفساق، وعبر عن الوجهاء من الفساق بالكلاب قال: وهذه قريته أو مدينته اسمها بسطة، يقول:

 

الكلب صار ببسطة أعلى وأشرف من فقيه
أنـى فقيـه يعتلي لمحلـه أو يرتقيـه

 

*ولذلك سقطت الأندلس لما لم يسمع للعلماء، ولم يسمع لتحذيرهم، ولم يسمع لنصحهم. هذا سبب بارز وجلي أيها الإخوة.


أيها الأحبة:

 

السبب الثامن من أسباب سقوط الأندلس هو مؤامرات النصارى ومخططاتهم: لقد أحكموا المؤامرة، ودبروا، وخططوا والمسلمون في لهوهم، وعبثهم ومجونهم وقصورهم ودنياهم، فحلت الكارثة. إذا تخطيط النصارى سبب رئيس من أسباب سقوط الأندلس، يقول أحد المؤرخين: "وقد وضع (فرناندو) برنامجه المحكم؛ لكي يستغل أسر ملك غرناطة ويستعين به على تنفيذ برنامجه المدمر".


أيها الأحبة:

 

السبب التاسع من أسباب سقوط الأندلس، هو وحدة كلمة النصارى. ففي الوقت الذي تحدثنا فيه عن تفرق المسلمين، نجد في المقابل وحدة كلمة النصارى للقضاء على المسلمين. يقول "ابن عذار" واصفا استعداد النصارى لموقعة العقاب، وهي من المواقع التي هزم فيها المسلمون هزيمة منكرة، وقتل فيها عدة آلاف من المسلمين، يقول هذا المؤرخ: "حيث ذكر أن ملك قشتالة بث القسيسين والرهبان من البرتغال إلى القسطنطينية، ينادون في البلاد من البحر الرومي إلى البحر الأخضر، غوثا غوثا، ورحمة رحمة، أي ينادون بني جلدتهم، فجاء عباد الصليب من كل فج عميق ومكان سحيق، وأقبلوا إليه إقبال الليل والنهار من رؤوس الجبال وأسياف البحار". لاحظوا هذه الوحدة بين النصارى!


أيها الأحبة:

 

ويذكر في موضع آخر أن البابا "فرستان الثاني" توسط بين مختلف الأمراء الإسبان، فوفق بينهم، وسرعان ما نسوا خصوماتهم، فتماسكوا وهم يعتقدون جازمين، بأنهم جاؤوا من كل أصقاع أوروبا لنصرة دينهم على دين آخر، ونجد أيضا أن اتحاد ملك قشتالة وأراجون بزعامة "فرناندو الخامس وإيزابيلا"من أسباب سقوط الأندلس، وعلى يد هذا الملك، وهذه الملكة سقطت الأندلس، حتى إن هذا الرجل الذي هو النصراني فرناندو الخامس تزوج بإيزابيلا، وهي ملكة قشتالة واتحدا في مملكة واحدة لإسقاط الأندلس, وفعلا هما اللذان أسقطا الأندلس، اتحدا اتحادا وصل إلى حد الزواج، ووحدا بين المملكتين، وأصبحتا مملكة واحدة، وعلى يديهما سلم ابن الأحمر الأندلس لهما. أجل, هذه آثار الاتحاد!


أيها الأحبة:

 

السبب العاشر من أسباب سقوط الأندلس، هو غدر النصارى ونقضهم للعهود: وهنا من خلال معرفتي بالواقع وقراءتي للتاريخ أشير إشارة إلى فكرة خاطئة راجت وانتشرت, وهي أن كثيرا من الناس, بل أقول: من بعض طلاب العلم يتصور أن اليهود فقط هم الذين يغدرون، أما النصارى فلا، أو على الأقل يقولون: إن النصارى أقل غدرا, وهذا خطأ رهيب أيها الأحباب. النصارى لا يقلون في الغدر وفي نقض العهد والميثاق عن اليهود، سواء بسواء، والذي يريد أن يفرق بين اليهود والنصارى، ويتصور أن النصارى أقرب إلى المسلمين، أو أنهم يوفون بعهودهم، فقد أخطأ وأقول له استمع إلى قوله تعالى: {ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون}. فإذا كانوا خانوا العهد مع الله- سبحانه وتعالى - هل نأمل منهم أن يفوا بالعهود معنا؟ أسأل هؤلاء الذين يتصورون أن النصارى يوفون بعهودهم، فأقول لهم: ما يسمى بالأمم المتحدة، أو مجلس الخوف من الذي يسيطر عليه؟ أليس النصارى! هل في يوم من الأيام وفوا بعهد من العهود للمسلمين؟ لا، بل لقد استخدم مجلس الخوف وهيئة الأمم، وعصبة الأمم، ضد المسلمين؛ ولتفريق المسلمين, ولتسليم بلاد المسلمين إلى النصارى.


أيها الأحبة:

 

ومع ذلك خذوا هذا المثال من الأندلس، دخل النصارى"أبدة" ونقضوا العهد المقطوع، واقتحم الجنود النصارى المدينة، لقد خان هؤلاء النصارى العهد ونقضوه، وقتلوا ستين ألفا من المسلمين، وسبوا مثلهم، وتعترف الرواية النصرانية نفسها بهذه الشناعات، وتقدر من قتل وسبي من أهل "أبدة" بمائة ألف، ويقدر بعضهم أن السبايا وحدهم مائة ألف، وهذا بأمر من أحبارهم وباباواتهم وملوكهم، وعندما احتل الطاغية الأرغوني بلنسية، ووقع المعاهدة رحل عنها عشرات الألوف من أهلها، وحولت المساجد إلى كنائس، ونال المسلمين كل أنواع الاضطهاد، وتقلبوا في فنون الأذى، وتعدى الإيذاء الأحياء إلى الأموات، فنبشت القبور كما ذكر ابن الأبار في التكملة, قال تعالى: {لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة}.


أيها الأحبة: نشكركم, ونواصل حديثنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

أخوكم محمد أحمد النادي.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع