الجمعة، 04 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالة المسلون هم ضحية الصراع الروسي الأمريكي في آسيا الوسطى

بسم الله الرحمن الرحيم

على إثر الصراعات القائمة بين أمريكا وروسيا في آسيا الوسطى فإن ما تشهده منطقة الحدود بين أوزبكستان وقيرغيزستان من تطورات في الآونة الأخيرة، ما هي إلا انعكاسات للسياسة الخارجية الروسية في هذه المنطقة، حيث باتت تعطي أولوية لتقوية نفوذها في الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي البائد؛ وذلك عن طريق منظمة الاتحاد الجمركي لرابطة الدول المستقلة، والمجموعة الاقتصادية الأوراسية، وكذلك عن طريق منظمة الاتفاق الأمني الجماعي والتي فشلت روسيا في جر أوزباكستان إليها بعد أن كانت قد جمدت عضويتها فيها منذ فترة، لتبتعد بذلك عن روسيا وتميل بازدياد نحو أمريكا.


إن النفوذ الأمريكي في أوزباكستان قد تزايد بعد خروج الأخيرة عن سيطرة روسيا، فالرئيس الأوزبكي إسلام كريموف ومنذ زمن بعيد يقوم بتنفيذ السياسة الأمريكية على الرغم من اتفاق التعاون الاقتصادي الذي أبرمه مع روسيا، مما جعل روسيا تعمل وبكل الوسائل محاولة إزالة النفوذ الأمريكي من المنطقة.


ورغم محاولة روسيا المستميتة لاستمالة كريموف اتجاهها إلا أن محاولاتها لا زالت تبوء بالفشل، وكما فعلت في أوشكي في يونيو عام 2010 حيث عمدت إلى إثارة الصراعات العرقية ببث روح الكراهية العرقية فأثارت مشاعر القومية القيرغيزية ضد الأوزبيك كأسلوب تتذرع به للدخول العسكري إلى قيرغيزستان ومن ثم تَنْفَذُ إلى أوزباكستان، إلا أن كريموف كان متنبها لهذه الخطوة وقام على الفور واتخذ إجراءاته الانتقامية.


فكريموف يدرك أن الصراع على الحدود مع قيرغيزستان يجري بالشكل القديم، كما كان في عام 1990 و 2010، وهو مطمئن إلى أنه لا أحد يستطيع أن يؤجج الصراع بين الأوزبك والطاجيك والقرغيز، وعلى وقع نزيف الدماء التي تسيل في محافظتي سوخ وباتكينسكوي على أساس المشاعر القومية، صدرت الأوامر من الحكومة الأوزبكية بوقف القتال فظن الناس البسطاء أن السلطة تقوم بمساعدتهم، ولم يعلموا أن ما تظهره من فضيلة تخفي وراء هذا القناع وحشا كافرا متربصا.


إن الصراع الدائر في المنطقة بين أمريكا وروسيا يظهر بالأحداث والمناوشات التي تحصل للضغط على أوزباكستان من الدول المجاورة العميلة للروس، فقد قامت طاجاكستان بسد مجرى مياه النهرين اللذين تحصل جمهوريات آسيا الوسطى على المياه منهما عنها، فردت أوزباكستان بتعليق إمدادات الغاز إلى طاجاكستان رغم وجود اتفاق مبرم بينهما، هذا بالإضافة إلى رفض قرغيزستان تمديد عقد الإيجار للقاعدة العسكرية الأمريكية في مطار ماناس، والتي من خلالها تتدفق الأسلحة العسكرية إلى أفغانستان، مما سيجعل الولايات المتحدة والتي تريد الانسحاب من المنطقة سلميا دون صراعات سيجعلها تغادر أفغانستان على وجه السرعة، متجهة إلى القاعدة العسكرية التي سمحت لها أوزباكستان بإنشائها على أراضيها، تلك القضية التي كانت محور نقاشاتهم على مدى السنة الماضية 2012، والولايات المتحدة كان لها قاعدة عسكرية في أوزبكستان بالقرب من مدينة كارشي، "كارشي خاناباد".


في الواقع، وعلى النقيض من الغرب فإن روسيا ليست بحاجة للقيام بانقلاب لاستبدال كريموف، فهناك عدة ملايين من المواطنين الأوزبك في روسيا يعملون من أجل لقمة العيش لهم ولعائلاتهم الموجودة في أوزباكستان والتي تنظر إليها روسيا كقوة داخلية لها في حال شغر مكان كريموف وتشكلت حكومة جديدة.


وبسبب ما ارتكبه الغرب من أخطاء حين ترك عملاءه مثل كريموف -الذي يمسك بالسلطة بإحكام ولا يوجد له بديل عندهم- حين تركوا عملاءهم يطول بقاؤهم في السلطة لسنوات، وحين تركوا لهم الأمر مفتوحا لقمع المعارضة وما تقوم به من نشاطات، فلم يخطر ببالهم أن الشعوب المقهورة والمضطهدة ستخرج عن صمتها يوما لتثور على حكامها وتنادي بل وتعمل على إزالتهم، وكما حصل مع مبارك والقذافي ويحصل الآن مع بشار الأسد، سنراه يوما ما -وعسى أن يكون قريبا- يحصل مع كريموف، فهو يشعر أنه في خطر وأن أيامه في السلطة معدودة، ولكن كيف ومن سيقوم بذلك الشعب أم الأحزاب المختلفة؟؟


إن كريموف في ظل هذه الدوامة من التغيرات لم يبق أمامه إلا أن يختار أحد مسارين إما الرجوع إلى الحضن الروسي والخضوع لإرادته ومتطلباته، وإما البقاء تحت الجناح الأمريكي ورحمته وهو على وشك مغادرة المنطقة.


أيها المسلمون في آسيا الوسطى: احذروا من الانزلاق والمشاركة في مخططات الكافر المستعمر.


يقول الله سبحانه وتعالى: ((وأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [الأنعام: 153]


فطريق الحق يكون بالإيمان بالله ورسوله والالتزام بما ورد في الكتاب والسنة اتباعا لمنهجه، وطريق الباطل يكون بالبعد عن منهج الله واتباعا لأحكام الطاغوت.


فربنا واحد، وديننا واحد، ونبينا واحد، وكتابنا واحد، رغم اختلاف ألواننا وألسنتنا.


قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) [الحجرات: 13].


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

 

 


إلدر خزمين

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع