الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالات رمضانية الحياة الإقتصادية بين الإسلام والرأسمالية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يقول ابن خلدون في مقدمته إن الإنسان مدني بطبعه، لذلك كان لا بد للإنسان من المعاملات اليومية مع بني جنسه, حيث تنتظم الحياة اليومية للناس في كل المجتمعات استنادا إلى القوانين والنظم التي تحكم تلك المجتمعات، وفي الحياة اليومية يعالج النظام الاقتصادي مشاكل الإنسان الحياتية كالفقر والرعاية وعمارة الأرض والعلاقة بين الأمم إلى غير ذلك من مظاهر الحياة الاقتصادية.


والحياة الاقتصادية طراز للعيش ينبثق عن وجهة النظر في الحياة, وهي تختلف عند المسلمين عنها عند الرأسماليين تبعا للأساس الذي تنبثق منه فلسفة الحياة والنظرة إلى المال والإنسان. فالمسلم يسير في حياته انطلاقا من قول الله تعالى " وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا..." لذلك كانت نظرته إلى المال أنه طريق لرضوان الله وجنته في الآخرة. بينما الرأسمالي ينظر إلى المال على أنه الغاية العظمى، به تتحقق كل الرغبات والشهوات التي توصله للسعادة، يسلك كل وسيلة ممكنة للحصول عليه, ولا وجود عنده للحياة الآخرة.


إن نظرة الإسلام للحياة الاقتصادية جعلت من المسلمين فاتحين ولم تجعل منهم مستعمرين، فتحوا البلاد فصارت جزءا من ديار الإسلام حتى قيام الساعة، وقاموا برعاية شؤون أهلها سواء منهم من دخل الاسلام أو من بقي على دينه. تحفظ الدولة دماء الناس وأموالهم، تعين المزارع والصانع وتفتح الطرق وتجري القنوات حتى ينعم الجميع بالخير، وتأخذ الزكاة من أغنياء المسلمين وتنفقها على فقرائهم.


وأما النظرة الرأسمالية للحياة فقد جعلت من البشر مستعمرين ( وحوشا بشرية ), استعمروا البلاد ونهبوا خيراتها وقتلوا ودمروا وعاثوا في الأرض فسادا, ولم يخرجوا من بلد استعمروه إلا بالحرب وسفك الدماء، بل تسبب هلعهم في حربين عالميتين قتلت عشرات الملايين من البشر.


ونظرة الإسلام للحياة الاقتصادية جعلت من تطبيقه الطريقة العملية للقضاء على الفقر، فقد بدأت دولة الإسلام في المدينة المنورة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضع الحجر تحت حزامه من الجوع، ثم ما لبثت بعد سنوات قليلة حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحثو المال حثيا في مسجد رسول الله، وبانتهاء القرن الأول الهجري كان عمر بن عبد العزيز يقول لعماله: انثروا الحب على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طائر في بلاد المسلمين، وأما هارون الرشيد فخاطب الغيوم في السماء أمطري حيث شئت فإن خراجك عائد إليَّ فيما كان المأمون يعطي من يترجم كتابا وزنه ذهبا، وأخيرا نجد الدولة العثمانية قد عملت نظام البريد في أرجاء الدولة بحيث لا ينقطع مسافر في أرجائها.


وأما الرأسمالية فلم تدخل بلدا إلا وازداد فيه عدد الفقراء يوما بعد يوم وحتى يومنا هذا، واستحدثوا أدوات للاستعمار الاقتصادي مثل البنك الدولي وصندوق النقد لضمان استمرار نهبهم لثروات الشعوب في كل المعمورة، ولا زالت أعداد الفقراء في ازدياد رغم التقدم الهائل في العلم والصناعة والزراعة، حتى وصل الحال اليوم إلى مجتمعات الواحد بالمئة، فالثروات يملكها واحد بالمئة من مجموع الناس فيما يزداد عدد المشردين كل صباح.


إن تطبيق الإسلام في واقع الحياة سيذهب عن البشرية كلها حياة البؤس والشقاء الناتجة عن احتكار الرأسماليين لكل أسباب الحياة، فقد توصل أحد الباحثين الألمان إلى نتيجة مفادها أن حياة العبيد في المجتمع الإسلامي كانت أفضل بكثير من حياة العمال في المجتمعات الرأسمالية اليوم . ونحن على يقين أن الناس سيهربون بالآلاف للعيش في دار الإسلام حال تطبيقه، نسأل الله أن يكون ذلك قريبا.

 

 


يوسف قزاز

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع