السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خطبة جمعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صلِّ وسلم عليه وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ قَالَ (بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الْحَرْبِ وَكَانَ عُبَادَةُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَايَعُوا فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي عُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَمَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَلَا نُنَازِعُ فِي الْأَمْرِ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ)، في هذا الحديث يبين عبادة بن الصامت رضي الله عنه ألفاظ العقد ومضمونه الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة الكرام، هذا العقد الذي كان مرحلة جديدة من رسالة سيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

اشتملت هذه الرسالة على الجهاد في سبيل الله، والسمع والطاعة في كل الأحوال، عدا المعصية، لإمام المسلمين، وأولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أن لا يُنازَع رسول الله في الحكم، وكذا من سار على نهجه من الخلفاء، وكان الختام مسكاً وجزءاً لا يتجزأ من مضمون البيعة، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا يخاف في الله لومة لائم.

أيها المسلمون: إن ديننا رفع شأننا بهذه الأحكام وهذه القيم والتي منها هذه الأحكام ووجوب الإلتزام بها في البيعة وما سواها لأنها تشريع، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلاَمِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبى؛ ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبى؛ فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا). وهذه البيعة ليست من مقتضاها السمع والطاعة فقط، أي التقيد بأحكام الإسلام وقوانينه، بل تأمر المسلم أن يكون حارساً أميناً لهذا الدين فادياً ولو بنفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيد الشهداء حمزةُ بن عبد المطلب ورجُلٌ قام إلى إمام جائرٍ فأمرهُ ونهاهُ فقتلهُ) ففي هذا الحديث نجد أن للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا قتل في سبيل ذلك من قبل السلطان فله أجر أعظم الشهداء وسيدهم؛ عم رسول الله e حمزة رضي الله عنه.

أيها المسلمون: قال الإمام الغزالي رحمه: ( إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي إبتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طُوي بساطه، وأُهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الحرق، وخربت البلاد، وهلكت البلاد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد)، لذلك نجد أنه ما أصاب المسلمين من ضياع لدينهم إلا بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي من أحكام الحفظ للإسلام من أن يضيع من بين أيدينا، وحكمه الوجوب وقد وردت فيه أدلة مستفيضة في كتاب الله وسنة رسوله تحث المسلمين عليه وتوجبه عليهم، منها قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [71 التوبة]، و عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلا يُسْتَجَابَ لَكُمْ) ابن ماجه.

أيها المسلمون: نحن اليوم نجد كثيراً من المعروف منتقصاً في حياتنا، ويجب علينا أن نجد هذا المعروف مطبقاً وأن نلتزم به رعيةً وحكاماً، وكذلك نجد كثير من المنكرات المحرمات، فهل قمنا بواجبنا إمتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيراً وإقتفاءً لخطى الحبيب، الذي إلتزم به الصحابة الكرام. اننا نجد أن كثيراً من المسلمين لا يهتمون بذلك لعدة أسباب، أولها حصر واجبات ديننا في بعض الأحكام وعدم الإهتمام بالبعض الآخر، والله عز وجل أمرنا ان ندخل في الإسلام كافة ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي جعله الشرع واجباً. وقد سماه الإمام الغزالي رحمه الله بالقطب الأعظم في الدين.

 أما البعض الآخر فيقول أنه واجب ولكنه في أمور دون أمور فيهتم ببعض الخواص من دون تعميم الواجب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحةُ  قلنا : لِمَنْ؟ قَالَ :لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ). والنصيحة هي إرادة الخير للمنصوح له. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعلى النصيحة.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجبا وبعد:

أيها المسلمون: أما البعض الآخر يقولون إنه ليس بإستطاعتنا، إما تهاوناً او كسلاً أو خوفاً، وقد ضبط الشرع ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ الِحَق إِذَا رَآهُ، أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلاَ يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ، أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ) (كتاب الفتن). أما الإستطاعة فالشرع لا يوجب واجباً فوق الطاقة، قال عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا} أفلا نستطيع أن نأمر بعضنا بالصلاة لمن لا يصلي أو يؤخرها عن وقتها، وكذا في بيوتنا إذا ترك الإبن أداء الصلاة في وقتها فإنه في مقدورنا أن نأمره وننهاه، وكذا وجوب رعاية السلطان للمسلمين دون المنظمات المحلية أو الأجنبية، لأن واجب الرعاية في الإسلام يكون للحاكم وليس للمنظمات كما يفعل الكافرون وفق الباطل الذي يدينون به.

أيها المسلمون: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس عملاً مادياً، بل هو كلام باللسان، وهو في قدرة كل انسان، ما دمنا ننطق ونعيش بنعمة الكلام الذي منَّ الله به علينا، وكذا الكتابة لإيصال مفهوم للأمة لرفعها من ظلمة المعيصة إلى نور الطاعة.

 ورد أن عمر بن الخطاب عندما كان خليفة للمسلمين كان يقول: ( ألا رحم الله امرئ أهدى إليَّ عيوبي) فقد وصف ابن الخطاب رضي الله عنه الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر كالمقدم له هدية بل يعتبرها من أعظم الهدايا، لأنه يرجو رحمة الله ورضوانه، وهي لن ينالها العبد إلا بطاعته سبحانه وتعالى، فينعم الله بها على من أطاعه جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. عَنْ أَبي هريرةَ  رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى، قيلَ : وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله ؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى) رواه البخاري.

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع