مع الحديث الشريف ما يتقى من الضحايا
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما يتقى من الضحايا
روى مالك في موطئه قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ مَاذَا يُتَّقَى مِنْ الضَّحَايَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ: " أَرْبَعًا" وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي.
ها هم الصحابة الكرام في هذا الحديث الشريف يسطرون لنا درساً قيما في كيفية إحسان العمل, والإحاطة بكل ما يجعله مقبولا عند الله.
إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ........فمن أراد أن يتقرب إلى الله , فليتقرب إليه بشيء يليق بجلاله وعظيم سلطانه ....هذا ما يعلمنا إياه حديثنا لهذا اليوم .
فأنت إذا ما أردت تقديم هدية لأحد في هذه الدنيا تراعي قرابته منك ودلالته عليك ومكانته في المجتمع, فتجعل الهدية تليق به حتى تلقى القبول منه..... فهذا الهدف من الإهداء في النهاية..... إنه التحبب والتقرب من المهدى إليه, ولا يتحقق الهدف إلَّا إن نالت الهدية قبول ورضى المهدى إليه. فما بالنا برب الأرباب ملك الملوك الكبير المتعال، ولقد وعى الصحابة هذه الحقيقة، كيف لا وقد درسوا في مدرسة النبوة، وتتلمذوا على يد خير معلم للبشرية, فعرفوا أن العمل حتى يكون مقبولا يجب أن يسير وفق ما يحب الله تعالى ويرضى, فسارعوا لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الصفات التي تجعل الضحية تفقد قيمتها ولا تلقى القبول من رب العالمين حتى يتجنبوها, فهم حريصون على قبول هداياهم ونيل ثواب قرباتهم, وجاء الجواب مفصلاً وواضحاً من سيد المعلمين ورأس المدرسين المبعوث رحمة للعالمين, صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
فإلى أحفاد الصحابة، وأتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم, الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، لنلتزم بالدرس الذي تعلمه أجدادنا والذي مفاده لا تعمل عملاً قبل معرفة حكمه وشروطه وكيفية القيام به, فإن جهلت فاسأل فإنما دواء العي السؤال.
فمن نوى التضحية فليختر من الأضاحي ما يليق بأن يقدم بملك الملوك, ورب الأرباب, الكبير المتعال. ومع أن هذا ما يحتمه العقل السليم، إلا أن الشرع أكد عليه وجعله حكما شرعيا واجبا، يتوقف على الالتزام به قبول الأعمال والقربات, فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا, فاحذر من اختيار الأضحية الناقصة فأنت تقدمها لمن تنزه عن كل نقص, وترفع عن كل عيب وضعف.
ودرسنا لهذا اليوم مستمعينا الكرام, عام شامل لا يقتصر على تعليمنا التحري والتدقيق في اختيار الأضحية, بل يعلمنا التحري والتدقيق في كل ما نتلقاه وكل ما يصدر عنا فكل عمل وكل قول وكل حركة في حياتنا لها حكم شرعي ونحن مسؤولون عنه أمام الله تعالى، فلنحرص على تعلم تلك الأحكام. فإذا ما رأينا أن تعلمها لا يكفي لإحسان تطبيقها، فلنعمل على إيجاد الأجواء المُعِينة على التطبيق، الأجواء الإسلامية, التي لا يوفرها إلا الحكم بالإسلام في جميع نواحي الحياة وليس فقط في العبادات, فدولة الإسلام هي الضامنة لتطبيق أحاكم الإسلام كافة وتمكين المسلمين من عبادة الله كما يحب ويرضى
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.