مع الحديث الشريف باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه "بتصرف"، في " باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
حدثنا أبو عبد الله قال حدثنا هشام بن عمار حدثنا الجراح بن مليح حدثنا بكر بن زرعة قال: سمعت أبا عنبة الخولاني وكان قد صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته".
قوله: ( يغرس ) كـ يضرب أو من أغرس يقال: غرس الشجر وأغرسه إذا أثبته في الأرض، والمراد يوجد في أهل هذه الدين ولذا يستعمل أهل الدين في طاعته، ولعل هذا هو المجدد للدين على رأس كل مائة سنة. ويحتمل أنه أعم فيشمل كل من يدعو الناس إلى إقامة دين الله وطاعته وسنة نبيه - صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وغرسا بمعنى مغروسا.
الحمد لله الذي مكّن لهذه الأمة في هذا الزمان مَنْ يأخذ بيدها إلى طريق الأمان، من يرعى شؤونها ويجدد لها دينها بعد عهد من الظلام، بعد أن هدم الكافر المستعمر خلافتها، ومزق وحدتها وفرق جماعتها وداس كرامتها وأصبحت في هذه الدنيا أهون من الأيتام على موائد اللئام، مكّن لها غرسا من الشباب الواعي على الفكرة والطريقة، على الواقع وما يناسبه من أحكام رب العباد، هذه الثلة شاء الله تعالى أن تكون من الغرس الذي استعمله في دينه، فكان الشيخ المؤسس تقي الدين النبهاني رحمه الله، ذلك العالم التقي النقي الذي زرع أفكار الإسلام الصحيحة في هذا العصر، وجدد للأمة دينها، ثم جاء بعده الشيخ عبد القديم زلوم رحمه الله، وصار الحزب المبدئي، يشق طريقه بتؤدة وانتظام ثم جاء الشيخ عطاء بن خليل أبو الرشتة أيده الله ليزداد الحزب نموا واتساعا وليزيد مؤيدوه انتشارا.
أيها المسلمون:
إن هذا الدين عظيم، ومن عظمته أنه لا يموت أو ينتهي، فهو كالشمس إن غربت من جهة طلعت من جهة أخرى، وهو ليس مربوطا بالأشخاص فقد مات الشيخ المؤسس رحمه الله وعاشت الأمة وأحيت الدعوة، فهذه الدعوة أكبر من الأشخاص والأحزاب والجماعات، وقد مات رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم- وترك لنا الدين والدعوة ليتناقلها هذا الغرس الفريد كلما دُرست أو كادت. وهنا بُشرى من الحبيب - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - بأن العاقبة لهذا الدين الذي تتعاهده هذه الثلة التي استعملها الله في تجديده، ليبقى خالدا على مر الزمان. ولكن بقاءه وخلوده وارتفاعه وظهوره على الأديان كلها، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قوة تحميه، وهذه القوة هي الدولة هي الخلافة الثانية التي وعد بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلمون:
لئن استعمل الله سبحانه وتعالى غرس الصحابة في الزمن الأول في نشر دينه وإقامته، فإنه سبحانه ترك الباب مفتوحا لغرس آخر في الزمن الثاني لإقامة الدين ونشره في ربوع الأرض، فهذه دعوة الخلافة تنمو وتكبر وتتجذر. فهنيئا لمن استعمله الله فيها، وهنيئا لمن مات وهو متلبس بهذا العمل العظيم، الذي لن يتكرر أبدا إلى يوم الدين، فهو عمل الرسول - صلى الله عليه وسلم- الذي انطلق في مكة وحط رحاله في المدينة، وهو عمل العاملين اليوم الذي انطلق في بيت المقدس، ولا نعلم أين سيحط رحاله.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم