الأحد، 29 محرّم 1446هـ| 2024/08/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق دراسةٌ تفيدُ بأنَّ غالبيةَ الشعبِ التركيِّ تُعارضُ العلاقاتِ خارجَ إطارِ الزواجِ، بينما النظامُ الرأسماليُّ الليبراليُّ في تركيا يُشجِّعُها

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


أفادت دراسة نشرتها جامعتا Koc و Sabanci التركيتان هذا الأسبوع أن 72% ممن شملهم المسح في تركيا يعارضون العلاقات خارج إطار الزواج، بما في ذلك فكرة عيش الشخصين معاً دون زواج، بينما يعتقد 87% من الشعب التركي أن الشخصين يجب أن يتزوجا إذا كانا يرغبان في إنجاب طفل. ويأتي ذلك خلال نفس الأسبوع الذي ذكرت فيه وسائل الإعلام التركية انتقاد رئيس الوزراء إردوغان للمساكنة بين الطلبة الذكور والإناث في الجامعات ودعوته لفصل مساكن الجنسين في حرم الجامعات. حيث قال أن المساكنة المختلَطة بين الجنسين قد سببت الكثير من المشاكل، وأن "هذا يتعارض مع قيمنا المحافظة والديمقراطية".


التعليق:


بالرغم من مخالفة العلاقات خارج إطار الزواج للإسلام ومعارضة الشعب التركي الصريحة لها، وأقواله هو ذاته التي عارض فيها المساكنة المشتركة بين الجنسين، فإن إردوغان وحكومته ما زالا يواصلان دعمهما بكل محبة وإخلاص، ويحكمان بنظامٍ رأسمالي ليبرالي يمجِّد صناعتيْ الترفيه والسياحة اللتين تشجعان بكل نشاط الاختلاط الحر بين الرجال والنساء والعلاقات خارج إطار الزواج. وذلك إلى جانب ترؤّس إطارٍ قانوني يسمح للشخصين بالعيش معاً والانخراط في علاقاتٍ حميمة خارج إطار الزواج. كما اعترف نائب رئيس الوزراء بولينت آرينك مؤخراً بأن في مقدور الأفراد في تركيا أن يقرّروا ترتيبات العيش الخاصة بهم حسب رغباتهم، حيث قال "ليس هناك معارضة أو مانع قانوني للذين هم فوق سن 18 عاماً ويريدون أن يعيشوا معاً في منازل مستأجرة".


لقد صادق هذا النظام الرأسمالي الليبرالي على الإنتاج الواسع للمسلسلات التلفزيونية والأوبرات الصابونية التركية الساقطة التي جرى ترويجها دون كللٍ أو مللٍ للمجتمع وكذلك تصديرها على نطاق واسع إلى العالم العربي وشبه القارة الهندية. إن هذه المسلسلات لا تظهر النساء في ملابس سافرة مثيرة للشهوة الجنسية فحسب، بل وتشتمل كذلك على أفكار ومشاهد مبتذلة وخليعة وفاضحة إلى جانب تمجيد العلاقات خارج إطار الزوجية. وهذا كله يساهم في انحلال المجتمع وتطبيع هذا الأمر، وإبطال الإحساس بالتقزز تجاه السفاح والزنا وحتى إنجاب الأطفال خارج إطار الزواج، والتي يدينها الإسلام كلها وتخرّب النسيج الأخلاقي للمجتمع. ويكتب أحد كُتاب الأعمدة "إن هذا ليس إذاعةً، إنه هندسةٌ اجتماعية في انعدام الأخلاق."إنه انعدام الأخلاق ذاته والفوضى الاجتماعية ذاتها التي أصابت بالبلاء الدول الغربية نتيجةً لحرّياتها الشخصية والجنسية الليبرالية. ولذلك فإن من غير المستغرب أن تصف صحيفة نيويورك تايمز في شهر حزيران من هذا العام الصعودَ exponential في السينما التركية بأنه "انتصارٌ للقيم الغربية".

 

ولكن هذه القيم التي تشجع الأفراد على الانسياق وراء شهواتهم الجنسية قد أدت إلى انخراط 9 من كل 10 شبان بين سن 13 و 17 عاماً في المملكة المتحدة في علاقة جنسية (حسبما ذكرت منظمة الأطفال NSPCC) وولادة نحو 50% من الأطفال في البلاد خارج نطاق الزواج (وفقاً للمكتب القومي للإحصاءات فيها). وبكل تأكيد ليس هذا هو المستقبل الذي يتطلع إليه المسلمون في تركيا لمجتمعهم، لكنه هو ما يمكن أن يتحقق إذا ما استمرت القيم الليبرالية والنظام الليبرالي يحكمان دولتهم. وعلاوة على ما سبق، فإن أفكار هوليوود المنحرفة بشأن الحب والرومانسية في صناعة الترفيه التركية قد ولّدت توقعاتٍ خاطئة غير واقعية وغير إسلامية لما يجب البحث عنه في الزوج والزوجة والزواج عموماً، ما جعل البعض يبحث عن النظرات الغربية للجمال والصفات في الشخصيات الخيالية للأوبرات الصابونية في زوجها أو زوجته. وقد أدى الفشل في الانسجام والتوافق بالأفراد إلى البحث في أماكن أخرى لإشباع هذه التوقعات الخادعة، ما أدى بهم إلى الزنا والطلاق. وهكذا فإنه لا وجه للاستغراب والحالة هذه إذا ما علمنا أن معدل الطلاق في تركيا زاد خلال السنوات العشر الماضية بنسبة 30%.


ومع ذلك، وبالرغم من كل ما سبق، دأبت الحكومة التركية الرأسمالية على تشجيع صناعة المسلسلات والسينما التركية ودعمها بالمال بغرض الربح والعوائد المادية. فقد ذكرت صحيفة جارديان البريطانية أن المبيعات الدولية للمسلسلات التلفزيونية التركية قبل عقدٍ واحد لم تصل إلى مليون دولار، لكنها بحلول 2010 بلغت 50 مليون دولار. وبالإضافة إلى ذلك، عُزي نمو السياحة إلى البلاد بصورة رئيسية إلى هذه المشاهد. وذلك حسبما قال وزير الثقافة والسياحة التركي إيرتوغرول غوني في احتفال في تركيا في كانون الثاني من هذا العام قدم خلاله جوائز السياحة لمنتجي وممثلي المسلسلات التلفزيونية التركية. حيث قال "تحصل تركيا على دخلٍ يقرب من 25 مليار دولار من السياحة... وأكثر الوسائل فعالية في الترويج هو الثقافة والفنون... وهذه هي نتيجة تكاتفنا." وذكر الوزير كذلك أن الدولة قدمت نحو 110 مليون ليرة دعماً للسينما التركية منذ 2006. وبهذا تكون الحكومة التركية، مثلها مثل جميع الأنظمة الرأسمالية، قد أثبتت رغبتها الصريحة بتجاهل وطرح الأخلاق والمبادئ ورفاه شعبها الاجتماعي جانباً من أجل المكاسب المالية، وأثبتت كذلك أن كل كلامها عن الحفاظ على النسيج الأخلاقي للمجتمع ما هو إلا هراء.


إننا ندعو المسلمين في تركيا لرفض النظام الرأسمالي الليبرالي المنحط الذي يلوث أرضكم حالياً ويتخذ موقفاً مغايراً بشكل صارخ لقيمكم الإسلامية النبيلة. فأقيموا مكانه دولة الخلافة التي تجسّد معتقداتكم ومبادئكم الإسلامية الراسخة في نفوسكم بكل صدق وتضعها موضع التطبيق بكل أمانة. فمن خلال تطبيقها الكامل للشريعة ستحمي مجتمعنا المسلم من هجمة الثقافة الليبرالية الغربية المنحطة، وتطبق النظام الاجتماعي الإسلامي الذي ينظّم العلاقة بين الرجال والنساء، ما يمنع العلاقات خارج إطار الزوجية. وذلك جنباً إلى جنب مع تشجيع القيم والأخلاق الإسلامية الطاهرة داخل الدولة من خلال نظامها التربوي ووسائل الإعلام، وتطبيق العقوبات القاسية على مرتكبي السفاح والزنا. وبدلاً من الركون إلى خُطب السياسيين الرنّانة، هُبّوا وادعوا لإقامة الخلافة التي ستعيد مبادئ دينكم السامية إلى أرضكم.

 

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتورة نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع