الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

لكم الله يا مسلمي تتارستان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

امتدّ الإسلام في تتارستان منذ أكثر من ألف عام، من سنة 320ه بوصول التجار المسلمين إليها، حملوا إليها تجارتهم وحملوا معه الإسلام كشأنهم في مناطق أخرى كثيرة من العالم، فالمسلم أينما حلَّ حلَّ نفعُهُ وخيره، وبقي الإسلام شامخاً في تلك البلاد لحوالي عشرة قرون، وما زال شامخاً يتحدى..


مسلمو تتارستان لم تصدهم محاولات قياصرة روسيا عام (960 هـ -1552م) لإجبارهم على ترك الإسلام واعتناق المسيحية، اضطهدوهم بالقهر والقوة، وخاصة في عصر الملكة كاترين الثانية عام (1192 هـ - 1778 م)، ووقف مسلمو تتارستان في وجه المحاولات العاتية لتنصيرهم وحرفهم عن دينهم، وشهد القرن التاسع عشر الميلادي عدة قوانين تحد من انتشار الدعوة، لدرجة أن القانون الجنائي الروسي كان يعاقب كل شخص يتسبب في تحويل روسي إلى الإسلام بالأشغال الشاقة، ورغم هذا انتشرت الدعوة بصورة سرية، ولما صدر قانون حرية التدين في روسيا القيصرية في سنة (1323هـ - 1905 م) حانت الفرص للدخول في الإسلام بصورة جماعية، فلقد بلغ من أعلنوا إسلامهم في سنة (1323 هـ - 1906 م) ثلاثة وخمسين ألفاً، وفي سنة 1909 دخلت 91 أسرة في الإسلام.


ولما تسلم الروس السوفيات الحكم في روسيا؛ واجه مسلمو تتارستان حرباً قاسية، فأغلقت المدارس الإسلامية، ودمرت المكتبات والمطابع الإسلامية في قازان عاصمة تتاريا وثار التتار ضد الاضطهاد وقدموا العديد من الشهداء، وقام السوفيات بإجراءات شديدة لتمزيق الأراضي والمناطق الإسلامية، وعملوا على تفتيتها إلى قوميات للقضاء على وحدة المسلمين، والحيلولة دون عودتهم أمةً واحدة من دون الناس.


وها هم اليوم، ومع قرب شروق شمس الخلافة، يعانون أشدّ العناء من الأجهزة الأمنية، ولا يختلف حالهم عن حال باقي إخوتهم المسلمين في باقي المناطق الإسلامية في روسيا، والجمهوريات التي كانت تابعة لها إبّان الحكم الشيوعي في الاتحاد السوفياتي البائد..


لقد عانيتم أيها المسلمون طويلاً، لقد أصابكم الضر والأذى، وواجهتم صنوف التعذيب من ضرب وتكسير وحرق تأباه وحوش الغاب، هكذا هم الكفار وأهل الباطل دائماً في عداوتهم للحق وأهله.. لقد حاصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقومه في الشعب ثلاث سنوات، لقد عذبوا بلالاً وعماراً، وقتلوا ياسراً وسمية وخباباً، لقد ضيّقوا على المسلمين في مكة... هكذا الكفار في عدائهم للإسلام.


لقد قتل الصليبيون عشرات الآلاف من المسلمين في القدس حتى جرت الدماء في الطرقات، لقد دمر المغول بغداد وحرقوا كتبها، لقد قتل الروس الشيشان، وقتل البوذيون المسلمين في بورما، لقد عذب الهندوس المسلمين في كشمير، وساموهم صنوف الأذى والقتل، لقد شرّد اليهود المسلمين في فلسطين واقترفوا المجازر والمذابح بحقهم.... هكذا الكفر وأهل الباطل مع الحق وأهله.. ولكن غلبةَ الباطل ساعة، وغلبة الحق إلى قيام الساعة.


أيها المسلمون في تتارستان، أيها المسلمون في كل مكان:


لقد استشعر الكفر وأهله وأعوانه قرب قيام دولتكم، دولة الخلافة، التي تحميكم وتصون أعراضكم وتحفظ دماءكم، تعيشون فيها في طاعة الله ورضوانه آمنين مطمئنين، تحملون الإسلام بالدعوة والجهاد إلى الناس كافة، لتخرجوهم من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة.. لما استشعر الكفر وأهله قرب قيام دولتكم أخذ يتحسس رأسه، استولى عليه الخوف منكم، وملأ الرعب جنباتهم، فأصبحوا يتصرفون كالمجانين، يضربون هنا وهناك، يتلفتون حولهم من كل جانب، يحسبون كل صيحةٍ عليهم، جُنَّ جنونهم، فقدوا صوابهم، ولكن.. صدق فيهم قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).


أما أنتم يا مسلمي تتارستان، وأما أنتم أيها المسلمون في كل مكان، فأنتم تعلمون أن سلعة الله غالية، تبذل في سبيلها الأرواح والمهج، والأموال والأهلون، مصداقاً لقوله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب).


أيها المسلمون في تتارستان، وفي كل مكان:


كونوا على يقين أن ألم الكفار وحزنهم منكم ومن مواقفكم أشدُّ على قلوبهم من ألم تعذيبكم من قبلهم، وأن ثباتكم على الحق أنكى على قلوبهم، وأنّ استشهادكم ثابتين على الحق يملأهم حَنقاً وغيظاً وحقداً، (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ), وكما قال سبحانه: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى)، وقوله سبحانه: (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ).


لقد ضرب الله سبحانه وتعالى أروع الأمثال لنا في الذين خلوا من قبل، منها مثل أصحاب الأخدود، ومنها الذين نشروا بالمناشير، ومنها الذين ذُبّح أبناؤهم واستحييت نساؤهم، ولكنكم توقنون أيها المسلمون أن الكافرين لن يعجزوا اللهَ سبحانه العزيز الجبار، وتوقنون أيضاً أنّ النصر إنما هو من عند الله العزيز الحكيم، وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، انصروا الله بإيمانكم به، انصروا الله بتوكلكم عليه، انصروا الله باستمساككم بما أنزل إليكم من ربكم، انصروا الله بثباتكم على الحق، انصروا الله بالاستمرار في حمل دعوة ربكم، فلا شك أن الله ناصركم، ولا شكّ أن الله مهلك عدوكم، ومظهركم عليه. ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.


أما أنتم يا أعداء الله وأعداء رسوله، وأعداء الحق وأهلِه، يا حكام روسيا؛ فلقد بارزتم الله سبحانه بالكفر والعصيان، وجحدتم فضله، وكفرتم نعمه عليكم، وأعلنتم الحرب على المسلمين، فإن مصيركم إلى النار: (ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) ولا يغرنّكم أن أملى اللهُ سبحانه وتعالى لكم شيئاً من الوقت، فإن الوقت مهما طال فلا بد أن ينتهي، ولا بد أن تلقوا مصيركم في جهنم وبئس المصير، ولن يغني عنكم ما عندكم من بسطة في العلم والجسم، يقول سبحانه: )أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ، ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ ، مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ).


أما جزاؤكم في الدنيا فهو جدّ قريب، ولعله يكون عليكم أقرب من رد الطرف، بقيام دولة الإسلام، دولة الخلافة التي ستنسيكم وساوس الشيطان، وحينها نراكم على أعقابكم تنكصون، ما لكم من الله عاصم، وما لكم من قبضة خليفة المسلمين من منقذ، وما لكم من انتقام أمة الإسلام من مهرب، ولتعلمن نبأه بعد حين.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ولإعلاميات حزب التحرير
أبو محمد خليفة

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع