مع الحديث الشريف باب في الصائم لا ترد دعوته
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب في الصائم لا ترد دعوته"
حدثنا عليُّ بْنُ محمد حدثنا وَكِيْعٌ عن سَعْدَانَ الْجُهَنِيِّ عن سَعْدٍ أبي مُجاهدٍ الطائيِّ وكان ثقة، عن أبي مَدْلَةَ وكان ثقة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دَعوتُهُم، الإمامُ العادلُ، والصائمُ حتى يفطرَ، ودعوةُ المظلوم، يرفعُها اللهُ دونَ الغَمامِ يومَ القيامة، وتُفْتَحُ لها أبوابُ السماءِ ويقولُ: بعزتي لأنْصُرَنَّكِ ولو بعدَ حين".
قَوْلُهُ ( حَتَّى يُفْطِرَ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دُعَاءَهُ تَمَامَ النَّهَارِ مُسْتَجَابٌ وَعَلَى هَذَا فَلَفْظُ الدَّعْوَةِ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ لَا لِلْمَرَّةِ كَمَا هُوَ أَصْلُ الْبِنَاءِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ (حَتَّى) سَهْوٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَالصَّوَابُ (حِينَ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآتِي قَوْلُهُ (وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ) أَيْ عَلَى الظَّالِمِ أَوْ فِي الْخَلَاصِ مِنَ الظُّلْمِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِنْوَانُ وَكَذَا آخِرُ الْكَلَامِ (دُونَ الْغَمَامِ ) الْمُرَادُ بِهِ الْغَمَامُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَفِي قَوْلِهِ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ قَوْلُهُ ( وَتُفْتَحُ لَهَا ) أَيِ الدَّعْوَةِ يَوْمَ يَدْعُونَهَا (أَبْوَابُ السَّمَاءِ ) لِتُرْفَعَ مِنْهَا إِلَى الْعَرْشِ وَهَذَا يَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى تَجَسُّمِ الْمَعَانِي إِلَّا أَنْ يُقَالَ فَتْحُ الْأَبْوَابِ لِلْمَلَكِ الْحَامِلِ لَهَا.
إن من النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينا نعمةَ الدعاء، وكم نحن بحاجةٍ إلى هذه النعمةِ في هذه الأيامِ التي تَمُرُّ بها أمَّتُنَا؟ فالحديثُ الشريفُ يشيرُ إلى ثلاثِ فئاتٍ من الناس تُستجابُ دَعوتُهم. أولها: الإمامُ العادلُ، وهنا لا بد من وَقْفَةٍ، حيث إن هذا الإمام الذي يطبقُ الشريعةَ يكونُ عادلا، ويستحقُّ هذا الشرفَ الكبيرَ، شرفَ استجابةِ الدعوة، كما استحقَّ شَرَفَ المكوثِ في ظلِّ الله تعالى يومَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُّهُ. إلا أنَّ الأمةَ اليوم محرومةٌ من هذا الخيرِ العَميمِ، فلا وجودَ لحاكمٍ عادلٍ ولا نصفِ أو حتى رُبُعِ عادلٍ في حياتها، بل حكامٌ مجرمون، أوردوا أمتَهم المهالكَ طِيلةَ عقودٍ من الزمن. وثانيْ هذه الفئاتِ: الصائمون عند إفطارِهم، وهنا نقول: أيها الصائمون لا تفطروا قبل أنْ تَدْعُوْا ربَّكم أنْ يُهْلِكَ أعداءَ هذه الأمة، وعلى رأسِهم بشارٌ، طاغيةُ العصر، وأنْ يُخْلِفَنَا بَدَلاً منهم خليفةً عادلا، يَحكُمُنا بشرعِ الله، فهذا حقٌّ لأهلنا في الشام علينا واللهِ، فلا تنسَوْا هذا. أما انتم أيها المظلومون، يا من أكرمكم الله بشرف استجابة الدعاء، فنقول لكم: لكم الله، لكم الله، وقد ذقتم الظلمَ ألوانا على أيديْ حكامكم وبسببهم. فادعوا الله، ادعوا الله وأنتم عاملون محتسبون أجرَكم عندَه، فاللهُ يرفعُ دعوتَكم دونَ السحاب، ويقول: بعزتي لأنصرنكِ ولو بعد حين. اللهم اجعل رمضان هذا العامَ رمضانَ خيرْ ونصرٍ للأمة على حكامها الأوباش، اللهم وارزقنا حاكما عادلا رحيما، يأخذ بيد هذه الأمة الكريمة، إلى بر الفلاح والنجاة، يقودنا إلى الجنة قِياداً، اللهم آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.