الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

محاضرة: أوهن من بيت العنكبوت

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمد لله رب العالمين بادئ ذي بدء، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، وبعد...

     خطاب الله تعالى لبني البشر في سورة العنكبوت - بعد أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41

إن الله يعلم ما تدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم، {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } العنكبوت43.

     إن من يتدبر ويمعن النظر في هذه الآيات الكريمة يرى أنها تضمنت ثلاث فوائد عظيمة: أولاها: أن الله ذمّ من يوالون غير الله ويتكلمون عليهم في حاجاتهم من دون الله، وأن مثل ما يوالون من دون الله كمثل بيت العنكبوت لا يغني بشيء، لا في حر ولا قر ولا مطر.

     أما ثانيها: يصف الله تعالى من اتخذ ولياً من دون الله بالجهل، لقوله تعالى: {.... لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41، أي لو كانوا يعلمون شيئاً من العلم، لعلموا بهذا.

أما ثالثها: هذا المثل وغيره من الأمثال التي في القرآن العظيم، يضربها الله للناس تنبيهاً لهم وتقريباً لما بَعُدَ من أفهامهم، ولا يفهمها ويعقلها إلا المشاهدون المتدبرون المفكرون.

     إن هذه الآيات وكثيراً من آي الذكر الحكيم أشارت بالذم إلى ال... لفير الله، ويحكمون بغير ما أنزل الله. وسآتي على هذين الجانبين بعد أن أشير إلى الآية الكريمة التي بدأنا بها، {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء ...}العنكبوت41، إن من يراقب العنكبوت وبيته يرى أمراً عجبا. وهو أن أنثى العنكبوت هي التي تقوم ببنائه وصناعته، حتى إذا ما أتمت البيت، تضع بيضها، وفور وضعها للبيض، تنقض على زوجها فتأكله، وليس هذا فحسب، بل حين تجوع تأكل من أفراخها كلما فقست بيضة أكلت فرخها.

 

     والمشاهد لهذه الحالة يرى أمرين هامين:

أولاً: أن الفوضى تسود هذا البيت، فمن تأمل الأنثى رب البيت، وتأكل من أفراخها وتعم الفوضى، فمثل هذا البيت القائم على الضعف والهوان و.....، جد قصير.

     فخطاب الله للإنسان: يا أيها الإنسان لا تكن أحقر من هذه الحشرة وبيتها, فمن يتخذ غير الله ولياً ويحكم شرعاً غير شرع الله فهو أضعف وأوهن من بيت العنكبوت، وأحقر من الحشرات نفسها التي سيطرت ......... في بيتها،  وفقدت أدنى نظام للعلاقة بينها وبين أسرتها زوجاً وأبناء، فكيف إذا كان الحال على مستوى كافة العلاقات الأخرى بين بني البشر.

     إن سبب الأزمات والكوارث هو إتباع البشر لأهوائهم، ويحكمون بما شرعوا. لذا سادت الفوضى المالية والاجتماعية والعسكرية والإعلامية وغيرها.

     والذي يتدبر الآيات في القرآن الكريم، والتي تحمل مفاهيم الطاعة والخضوع والانقياد لشرع الله، يصل في نهاية المطاف إلى:

    أن الذي لا يطبق ما أنزل الله من حكم ونظام، حياته فوضى.

     أن الذي لا يطيع الله ورسوله - حياته معصية.

     أن الذي يتبع هواه - بنا حياته على باطل.

     أن الذي يهجر ما أنزل اله من نور- تسير حياته في ظلام دامس.

     فدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لنا- للحكم بما أنزل الله، هو الأمن الاجتماعي ما بعده آمن، ولا تخافوا الجوع أبدا وشبعٌ ما من بعده شبع وريٌ ما بعده ظمئ.

     إن الوقوف على حقيقة الإسلام ونظامه، وما أحدثه من تغيير جذري في حياة البشرية جمعاء، وما بني من حضارة أسعدت الإنسان الذي آمن واعتقد، وفهم وطبق، وقاس وامتنع، إنه لتغيير جدير بالتأمل.

     هذا الإسلام الذي جاء في عصر دامس ظلامه، وجاهلية جهلائه، وضلالة عمياء، أنقذ بني البشر فأحياهم بعد أن ماتت قلوبهم وعقولهم.

     اسمعوا قول ربكم: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام122، شتان شتان بين حكم الله للبشر وبين حكم البشر للبشر.

     وصدق الشاعر في قوله:

ومن جعل الغراب له دليلاً.........يمر به على جيف الكلاب

     وقول شاعر آخر:

ألم تر أن السيف ينقص قدره........إذا قيل أن السيف أمضى من العصا

     إنه لبديهي ومن أولى المسلمات أن يدرك ويفهم أن ولاء المسلم لله وكتابه ورسوله للمؤمنين، هو حرص الإسلام على      إضاعته من أول لحظة يجهرون ويعلنون فيها "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وأن يعلنوا العداوة والبغضاء لكل من والى غير الله وكتابه ورسوله والمؤمنين.

     اسمعوا قول الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }الممتحنة4.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع