السبت، 28 محرّم 1446هـ| 2024/08/03م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق تحويل تركيا مثل باكستان

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2014، سمح البرلمان التركي للحكومة بالقيام بعمليات عسكرية عبر الحدود في العراق وسوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وغيره من الجماعات المسلحة. فالاقتراح الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية حاز على 298 صوتاً مؤيداً مقابل 98 صوتا معارضا، والقرار تضمن السماح للجنود الأجانب بالتمركز في تركيا واستخدام قواعدها العسكرية لنفس الأغراض دون تحديد لعدد القوات. وقال عصمت يلماز (وزير الدفاع التركي) متحدثا أمام البرلمان: "إن تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة في سوريا يهدد الأمن القومي التركي... والهدف من هذا القرار هو الحدّ قدر الإمكان من آثار الاشتباكات على حدودنا"، وأضاف: "إن المستهدف الوحيد من هذا القرار هو منظمة إرهابية تريد زعزعة السلام في العراق وسوريا". وقد رحبت أمريكا فورا بالقرار، حيث قالت جين بساكي (المتحدثة باسم وزارة الخارجية): "نحن نعمل بشكل وثيق مع تركيا... ونرحب بتصويت البرلمان التركي للقيام بعمل عسكري".

 

التعليق:


إنّ القرار الذي أقرّه البرلمان التركي يثير أسئلة عديدة مثيرة للاهتمام موجهة إلى تركيا، فمثلاً هل ستسمح تركيا لأمريكا باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية، ولقواتها بالتواجد على أراضيها؟ وهل ستتخوف تركيا من الأكراد ومطالبتهم بتقرير المصير وما في ذلك من عرقلة لحربها ضد تنظيم الدولة؟ وهل ستغلق الآن حدودها أمام الجهاديين الذين يريدون العبور إلى العراق؟ أوليس استهداف تركيا للجماعات الإسلامية الأخرى في سوريا، إضافة إلى تنظيم القاعدة، يعزّز من قبضة الأسد على السلطة؟ وهل ستضرب تركيا جماعات المتشددين الكردية في العراق وسوريا تحت ذريعة محاربة الإرهاب؟


ومع ذلك، فإن البعد الأكثر خطرا على موافقة البرلمان التركي، هو أن تركيا ستضع نفسها في أجواء عدم الاستقرار في محاربتها لتلك العناصر الإسلامية في العراق وسوريا، وهي التي ساعدت على إيجادها. فمن نواح عديدة تركيا الآن تعكس ما حدث لباكستان قبل بضعة عقود، ففي الثمانينات عندما "تطرف" الشعب الباكستاني أثناء الغزو السوفيتي لأفغانستان، قامت باكستان بالتعاون مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بتجنيد الأفغان من الثلاثة ملايين لاجئ الذين كانوا يقيمون في باكستان، وزودتهم بالثقافة الجهادية في المدارس بدعم من السعوديين فضلا عن التدريب العسكري، وهكذا ولدت حركة طالبان، وبتوجيهات من المخابرات الباكستانية باتت الحركة قادرة على السيطرة على أجزاء كبيرة من أفغانستان. ولاحقا امتدت الحركة إلى باكستان تحت اسم "حركة طالبان باكستان".


والوضع اليوم في تركيا شبيه بوضع باكستان في السنوات الأولى من رعايتها لحركة طالبان، فتنظيم الدولة وغيره من الجماعات يقوم بتجنيد المقاتلين في تركيا، وكذلك من مخيمات اللاجئين السورية. ومع بدء المعركة ضد تنظيم الدولة والجماعات الإسلامية الأخرى في سوريا، فإن هناك خطراً حقيقياً في أن تتورط أنقرة في حرب عصابات طويلة داخل الحدود التركية.


إن مثل هذا الوضع لا يخدم مسلمي العراق وسوريا ولا حتى تركيا، والمستفيد الوحيد هو أمريكا، التي شرعت بلا خجل بتنفيذ خطة لتغيير خارطة الشرق الأوسط بعد تقطيع أوصال العراق وتقسيم سوريا، وستكون تركيا الفريسة التالية لأمريكا.


والهدف من محاكاة النموذج الباكستاني في تركيا هو إضعاف تركيا اقتصاديا وعسكريا قبل المرحلة التالية من البلقنة. ففي باكستان، أهدرت أمريكا فرصتها في الحديث عن البلقنة باستضافتها حركات الاستقلال مثل "حركة بلوشستان القومية"، فمتى سينتهي الأمر بتركيا إلى ما وصلت إليه باكستان اليوم؟!


إن الدرس الحقيقي الذي يجب تعلمه من حماقة باكستان هو أنه لا يمكن الوثوق بأمريكا وباقي القوى الغربية الأخرى. وفي هذا السياق، فإنه يجب على الحكومة التركية أن تتخذ الخطوات التالية:


1- الإعلان عن إغلاق جميع السفارات الغربية وطرد دبلوماسييها فورا، فمن المعروف جيدا أن السفارات الغربية هي أوكار للمؤامرات والعمليات الاستخباراتية الموجهة ضد تركيا.


2- قطع جميع العلاقات العسكرية مع القوى الغربية بما فيها حلف شمال الأطلسي، والاستيلاء على جميع المعدات العسكرية التي تمتلكها القوات المسلحة، وطرد موظفيها أو سجنهم، خصوصا القوات المسلحة الأمريكية وأفراد حلف شمال الأطلسي، التي هي في حالة حرب مع العالم الإسلامي.


3- التعامل الفوري مع مظالم الأكراد، وتوقيع اتفاق مع المسلحين الأكراد من أجل إلقاء أسلحتهم والانضمام إلى صفوف الجيش التركي.


4- تعبئة جميع المسلحين الإسلاميين المعارضين للأسد للانضمام إلى صفوف الجيش التركي، ومن ثم الزحف إلى دمشق لإزالة الأسد وأعوانه من السلطة، وضرب الجماعات التي ترفض الانضمام.


5- إقناع البلدان الإسلامية الأخرى المتحالفة مع أمريكا بقطع علاقاتها معها والانضمام إلى تركيا في تحرير سوريا وإعادة اللاجئين إلى ديارهم في سوريا والعراق بسلام.


6- إرسال رسالة شديدة اللهجة إلى إيران أنه في حالة عدم توقفها عن دعم الأسد وحزب الله، فإنها ستدفع الثمن باهظا.


وما هذه إلا بعض الإجراءات التي هي في متناول أيدي القيادة التركية، فإن هي قامت بها بالشكل الصحيح، فإنه يمكنها منع أمريكا وحلفائها من تنفيذ الخطط الشريرة ضد تركيا والأمة الإسلامية جمعاء.


ولكن حتى تتعامل الأمة الإسلامية مع تركيا بمحمل الجد، فإنه يجب على تركيا أن تتخلى عن علمانيتها، وتحتضن الإسلام بإعادة إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. فقد كانت الأمة في ظل الخلافة العثمانية محمية من مكر الصليبيين الأوروبيين لقرون عديدة، فخلال حكم سليمان القانوني مثلاً في أفريقيا والشرق الأوسط والهند والشرق الأقصى تمتع الناس بسلام وازدهار وأمن منقطع النظير، وقد كانت الأمة موضع حسد عند الغرب، فكيف لو تعود الخلافة خلافة على منهاج النبوة؟


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾




كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو هاشم

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع