الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم النهي عن تحليل شعائر الله وعن الإعتداء والأمر بالتعاون على البر والتقوى ج1

بسم الله الرحمن الرحيم


(يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر‌ الله ولا الشهر ‌الحر‌ام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحر‌ام يبتغون فضلا من ر‌بهم ور‌ضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجر‌منكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحر‌ام أن تعتدوا وتعاونوا على البر‌ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب)
.

 

الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء التاسع والعشرين نتناول فيه الآية الكريمة الثانية من سورة المائدة التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر‌ الله ولا الشهر ‌الحر‌ام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحر‌ام يبتغون فضلا من ر‌بهم ور‌ضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجر‌منكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحر‌ام أن تعتدوا وتعاونوا على البر‌ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب). نقول وبالله التوفيق:

 

أيها المؤمنون:


يقول صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: ".. ثم يستأنف نداء الذين آمنوا لينهاهم عن استحلال حرمات الله: (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا). وأقرب ما يتجه إليه الذهن في معنى (شعائر الله) في هذا المقام أنها شعائر الحج والعمرة وما تتضمنه من محرمات على المحرم للحج أو العمرة حتى ينتهي حجه بنحر الهدي الذي ساقه إلى البيت الحرام فلا يستحلها المحرم في فترة إحرامه؛ لأن استحلالها فيه استهانة بحرمة الله الذي شرع هذه الشعائر. وقد نسبها السياق القرآني إلى الله تعظيما لها، وتحذيرا من استحلالها.

 

أيها المؤمنون:


والشهر الحرام يعني الأشهر الحرم وهي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة والمحرم. وقد حرم الله فيها القتال, وكانت العرب قبل الإسلام تحرمها, ولكنها تتلاعب فيها وفق الأهواء فينسئونها - أي يؤجلونها - بفتوى بعض الكهان، أو بعض زعماء القبائل القوية! من عام إلى عام. فلما جاء الإسلام شرع الله حرمتها، وأقام هذه الحرمة على أمر الله، يوم خلق الله السماوات والأرض كما قال في آية التوبة: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم ..). وقرر أن النسيء زيادة في الكفر. واستقام الأمر فيها على أمر الله .. ما لم يقع الاعتداء فيها على المسلمين، فإن لهم حينئذ أن يردوا الاعتداء وألا يدعوا المعتدين يحتمون بالأشهر الحرم - وهم لا يرعون حرمتها - ويتترسون خلفها للنيل من المسلمين، ثم يذهبون ناجين!

 

أيها المؤمنون:


والهدي وهو الذبيحة التي يسوقها الحاج أو المعتمر وينحرها في آخر أيام الحج أو العمرة، فينهي بها شعائر حجه أو عمرته. وهي ناقة أو بقرة أو شاة .. وعدم حلها معناه ألا ينحرها لأي غرض آخر غير ما سيقت له ولا ينحرها إلا يوم النحر في الحج وعند انتهاء العمرة في العمرة. ولا ينتفع من لحومها وجلودها وأشعارها وأوبارها بشيء بل يجعلها كلها للفقراء. والقلائد وهي الأنعام المقلدة التي يقلدها أصحابها- أي يضعون في رقبتها قلادة علامة على نذرها لله ويطلقونها ترعى حتى تنحر في موعد النذر ومكانه, ومنها الهدي الذي يشعر: أي يعلم بعلامة الهدي ويطلق إلى موعد النحر. فهذه القلائد يحرم إحلالها بعد تقليدها فلا تنحر إلا لما جعلت له .. وكذلك قيل: إن القلائد هي ما كان يتقلد به من يريدون الأمان من ثأر أو عدو أو غيره فيتخذون من شجر الحرم ما يتقلدون به، وينطلقون في الأرض لا يبسط أحد يده إليهم بعدوان. وأصحاب هذا القول قالوا: إن ذلك قد نسخ بقول الله فيما بعد: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) .. وقوله: (فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم) .. والأظهر القول الأول وهو أن القلائد هي الأنعام المقلدة للنذور لله. وقد جاء ذكرها بعد ذكر الهدي المقلد للنحر للحج أو العمرة، للمناسبة بين هذا وذاك. كذلك حرم الله آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا .. وهم الذين يقصدون البيت الحرام للتجارة الحلال وطلب الرضوان من الله .. حجاجا أو غير حجاج .. وأعطاهم الأمان في حرمة بيته الحرام. ثم أحل الصيد متى انتهت فترة الإحرام، في غير البيت الحرام، فلا صيد في البيت الحرام: (وإذا حللتم فاصطادوا) .. إنها منطقة الأمان يقيمها الله في بيته الحرام كما يقيم فترة الأمان في الأشهر الحرم .. منطقة يأمن فيها الناس والحيوان والطير والشجر أن ينالها الأذى. وأن يروعها العدوان .. إنه السلام المطلق يرفرف على هذا البيت استجابة لدعوة إبراهيم- أبي هذه الأمة الكريم- ويرفرف على الأرض كلها أربعة أشهر كاملة في العام في ظل الإسلام وهو سلام يتذوق القلب البشري حلاوته وطمأنينته وأمنه؛ ليحرص عليه بشروطه؛ وليحفظ عقد الله وميثاقه، وليحاول أن يطبقه في الحياة كلها على مدار العام، وفي كل مكان ..

 

أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, وشفاء صدورنا, ونور أبصارنا, وجلاء أحزاننا, وذهاب همومنا وغمومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا, وعلمنا منه ما جهلنا, وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار, على الوجه الذي يرضيك عنا, واجعله اللهم حجة لنا لا علينا.. آمين آمين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 


محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع